تعليق: انضمام إيران، علامة بارزة في تاريخ منظمة شانغهاي للتعاون

شهد الاجتماع الثاني والعشرون لمجلس رؤساء الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون توقيع مذكرة انضمام ايران رسميا إلى المنظمة. وبذلك ستتحول إيران من دولة مراقبة إلى دولة عضو بحلول موعد قمة منظمة شانغهاي للتعاون لعام 2023. وفي هذا الصدد، يرى تشين تيان، نائب مدير معهد الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، أن هذه الخطوة تكتسي أهمية كبرى لكل من إيران ومنظمة شانغهاي للتعاون.

وقال تشين تيان أنه لا يمكن التقليل من الأهمية الاستراتيجية للإنضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون بالنسبة لايران لتحقيق التوازن بين الشرق والغرب. مضيفا بأن هذه الخطوة ستمنح إيران القدرة على إفساح المجال كاملا لإمكانياتها الجيواقتصادية. قبل ذلك، ورغم أن إيران كانت تصدّر كميات كبيرة من النفط إلى الصين والهند ودول أخرى، إلا أنها لم تندمج بشكل فعلي في الأنشطة الاقتصادية لأوراسيا. ومع ارتفاع وتيرة التعاون الإقليمي في أوراسيا خلال السنوات الأخيرة، أصبحت إيران أكثر أهمية. حيث تعد ايران محطة مهمة بالنسبة لمبادرة "الحزام والطريق"، كما توصلت إلى اتفاقية تجارة حرة مؤقتة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده روسيا. إلى جانب كونها دولة محورية في خطة "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب"، التي تدفعها كل من روسيا والهند وعدة دول أخرى. ولذلك فإن الانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون سيمكن إيران من لعب دور أكثر أهمية في التبادل بين دول أوراسيا.

ويعتقد تشين تيان أيضا أن انضمام إيران إلى منظمة شانغهاي للتعاون، يعد اعترافا بمكانتها التاريخية والثقافية. وعلى الرغم من أن إيران ينظر إليها عادة على أنها دولة شرق أوسطية، إلا أنه من وجهة نظر تاريخية، تعد إيران دولة مهمة في آسيا الوسطى. كما تمتلك الحضارة الفارسية تأثيرا واضحا على الدين والأدب والعمارة في آسيا الوسطى. مما يجعل من انضمام إيران إلى منظمة شانغهاي للتعاون بمثابة إحياء رمزي لنفوذ إيران التاريخي في آسيا الوسطى.

وبالمثل، فإن انضمام إيران يكتسي أهمية بارزة بالنسبة لمنظمة شانغهاي للتعاون. حيث أولا، يترجم ويقوي روح الانفتاح لدى منظمة شانغهاي للتعاون بعد قبول الهند وباكستان كدولتين عضوين في عام 2017. ويعكس رغبة المنظمة في تجديد دمائها باستمرار، وجاذبيتها المتنامية. وقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى أن تقدم المزيد من الدول للانضمام إلى "أسرة منظمة شانغهاي للتعاون"، يبرهن بوضوح على التقدير الذي توليه الدول لروح التعاون داخل المنظمة، وتفاؤلهم بآفاقها..

ثانيًا، قد يدفع انضمام إيران منظمة شانغهاي للتعاون إلى تبني نظرة جديدة لأوراسيا، أو حتى عقلية جديدة للتنمية. ففي بداية تأسيسها، ركزت منظمة شانغهاي للتعاون بشكل أساسي على التعاون الإقليمي، وخاصة معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية المتعلقة بآسيا الوسطى. ومع انضمام الهند وباكستان وإيران، ستزداد المجالات والقضايا المعنية في منظمة شانغهاي للتعاون بشكل طبيعي. وسيدفع ذلك المنظمة إلى تطوير فهم أعمق لخلفيات أوراسيا، باعتبارها تقاطع حضارات مختلفة. بل إنه من الضروري اليوم، النظر إلى التقطاعات الثلاث لآسيا الوسطى وجنوب آسيا وغرب آسيا، بما يشكل رؤية جديدة لأوراسيا أكثر شمولا واندماجا. ولا شك في أن هذه الرؤية تتماشى مع فكرة "مجتمع المصير المشترك للبشرية" التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، وتمثل تجسيدا حقيقيا لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي.

ثالثا، أثّبت انضمام إيران مرة أخرى استقلالية المنظمة. فمنظمة شانغهاي للتعاون هي واحدة من المنظمات الدولية متعددة الأطراف القليلة في العالم، التي لا تضم دولًا أو قوى غربية على الإطلاق. فيما تتمسك الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي  للتعاون بسياسة خارجية مستقلة، وبصفتها دولة ذات سياسات مستقلة، فإن انضمام ايران سيعزز هذه الميزة لدى المنظمة. وقد أكّد الرئيس شي جين بينغ خلال مشاركته في أعمال القمة على ضرورة تمسك منظمة شانغهاي للتعاون بالاستقلالية الاستراتيجية. ستشكل منظمة شانغهاي للتعاون وإيران تفاعلًا مربحًا للطرفين، وسيكون الطرفان أكثر قوة بعد انضمام ايران الرسمي للمنظمة. وتربط الصين وإيران علاقة شراكة استراتيجية شاملة، وسوف توفر منظمة شانغهاي للتعاون إطارا جديدا لتعزيز التعاون بين البلدين.