القاهرة 22 مايو 2022 (شينخوا) تراهن مصر، على القطاع الخاص لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تواجهها حاليا، ووضعت "خطة متعددة المحاور" لتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، تتضمن تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية وتسييل بعض الأصول الحكومية، بحسب خبراء مصريين.
وأعلن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، أخيرا خطة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، أخذا في الاعتبار أسوأ السيناريوهات التي تتوقع طول أمد الأزمة.
وأوضح مدبولي، أن الأزمة الاقتصادية المصرية ليست نتاجا للوضع المحلي بل هي نتاج "أسوأ أزمة يمر بها العالم منذ ما يقرب من 100 عام".
وتتمثل الأزمة في ارتفاع معدل التضخم والدين الخارجي وخروج الأموال الساخنة وانخفاض قيمة العملة والاحتياطي النقدي والاستثمارات الأجنبية ما فرض "أعباء كبيرة جدا" على الاقتصاد، ودفع الحكومة إلى تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي.
وتتضمن الخطة التي أعلنها مدبولي تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، حيث ستتخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية لصالح القطاع الخاص، الذي تستهدف الحكومة زيادة استثماراته إلى 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة في مصر، مع منحه العديد من التسهيلات والحوافز.
كما تتضمن تسييل بعض الأصول المملوكة للدولة بحيث "يشارك القطاع الخاص في هذه الأصول بمستهدف 10 مليارات دولار سنويا لمدة 4 سنوات، بإجمالي 40 مليار دولار"، وفقا لمدبولي.
وتشمل كذلك "توطين الصناعة لزيادة الصادرات وتقليل فاتورة الواردات"، فضلا عن "العمل على خفض الدين العام وعجز الموازنة والنهوض بالبورصة المصرية ".
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، إن "الخطة التي قدمتها الحكومة المصرية جيدة خاصة أنها متعددة المحاور وقابلة للتطوير عند التنفيذ على أرض الواقع تفاعلا مع المتغيرات، فضلا عن أن توقيت الخطة مهم".
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "الخطة الحكومية تتجاوز السياسات النقدية التي ينتهجها البنك المركزي وتتعلق بأسعار الفائدة وغيرها".
وتابع أن "الحكومة أعلنت في خطتها عن سياسات اقتصادية وتنموية متعددة المحاور، تدخل جميعا تحت عنوان (القطاع الخاص) باعتباره القادر على تعبئة الموارد وسد الفجوة التمويلية في تلك الأزمة من خلال دعم وتقديم حوافز للقطاع الخاص المحلي والأجنبي".
وأردف أن "القطاع الخاص المحلي يمكن أن يكون له الدور الكبير في التشغيل والتنمية فضلا عن أن القطاع الخاص الأجنبي يمكن أن يدخل في صورة استثمارات مباشرة تعد في ذاتها موردا جديدا من موارد العملة الأجنبية التي يمكن أن يكون لها الدور في تجاوز الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى أن إنتاج هذا القطاع سيساهم بشكل كبير في تقليل الواردات وزيادة الصادرات".
وأكد جاب الله أن "الحكومة تركز على استراتيجيات التنمية وإعادة هيكلة الاقتصاد باعتبارها الضمانة الأساسية للتصدي للأزمة على المدى المتوسط".
وأوضح أن "الخطة التي أعلنها رئيس الحكومة يمكن أن نطلق عليها خطة البديل الأصعب والحكومة تتحسب لأسوأ السيناريوهات التي من الممكن أن تحدث".
وأشار الخبير المصري، إلى أن "تداعيات الحرب الأوكرانية سوف تجعل مخططات الحكومة المصرية لزيادة نشاط القطاع الخاص، والتي كانت تستهدف تطبيقها خلال سنوات، سيتم تطبيقها خلال شهور خاصة أن تمكين القطاع الخاص جزء من عمليات الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري وهدف من أهداف الدولة".
وواصل أن "الاقتصاد المصري اقتصاد كبير ومتنوع ومدعم بقاعدة كبيرة من المستهلكين تتجاوز 100 مليون مستهلك وحائز على ثقة كافة المؤسسات الدولية ومؤشراته رغم أنها تراجعت إلا أنها ما زالت من المؤشرات الجيدة مقارنة بالعديد من دول العالم".
وشدد على أن "الاقتصاد المصري قادر على تجاوز تلك الأزمة واستعادة توازنه".
من جهته، وصف الدكتور عادل عامر رئيس مركز "المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية" الخطة الحكومية بأنها "خارطة الطريق" لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجه مصر.
وقال عامر لـ((شينخوا))، إن مصر شهدت أخيرا ارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية والاحتياطي النقدي، والحكومة تحاول اتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية سريعة لحل الأزمة والحفاظ على توافر السلع والخدمات.
وأضاف أن "الخطة بداية لجذب الاستثمارات المحلية والدولية والاستفادة من أصول وموارد الدولة اقتصاديا لتعويض الموارد التي خسرتها خلال الأزمة الاقتصادية".
وأشار إلى أن الخطة تشجع على زيادة الإنتاج والاعتماد على المنتج المحلي وتقليل حجم الاستيراد خاصة السلع الاستهلاكية التي لها بديل محلي.
ونوه بأن "مصر لديها أصول كثيرة غير مستغلة وجاء الوقت لكي يتم استغلالها بالشراكة مع القطاع الخاص سواء بحق الانتفاع أو التأجير التمويلي أو الصكوك السيادية من أجل توفير الموارد المالية وتقليل حجم الدين العام في الموازنة العامة وتوفير السيولة النقدية لاستكمال المشروعات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي".
وتابع عامر، أن "ما يميز الخطة الحكومية أنها تدفع المواطنين نحو الاستثمار، بعيدا عن الإنفاق على شراء السلع، الأمر الذي من شأنه تقليل الطلب على السلع وانخفاض أسعارها بما سيؤدي إلى انخفاض مستوى التضخم ولو بنسبة بسيطة".
ورأى أن "فرص نجاح الخطة تعتمد على حجم الثقة بين الحكومة والمستثمرين، فإذا حازت الحكومة على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب وأصبح لديهم اطمئنان اقتصادي سوف تنجح الخطة".
وأكد أن "مصر قادرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية خاصة أن الإمكانيات والموارد كبيرة والإدارة رشيدة".