القاهرة 20 يونيو 2021 (شينخوا) تستهدف الحكومة المصرية، تنشيط وتحفيز الاقتصاد بخطى متسارعة، من خلال إقرارها أضخم موازنة في تاريخ البلاد للعام المالي القادم 2021 - 2022، على الرغم من تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19)، وسط توقعات بأن تحقق معدل النمو المستهدف، بحسب خبراء اقتصاديين.
وأقرت مصر، بشكل نهائي الموازنة العامة للعام المالي الجديد 2021 - 2022، بحجم إنفاق 1.8 تريليون جنيه (الدولار الأمريكي يعادل 15.69 جنيه مصري)، مقابل إيرادات مستهدفة 1.365 تريليون جنيه.
وتعد هذه الموازنة الأضخم في تاريخ مصر، وتتضمن زيادة غير مسبوقة في مخصصات الاستثمارات العامة لتصل إلى 358.1 مليار جنيه، بمعدل نمو 27.6%، فضلا عن تخصيص 321 مليار جنيه للدعم و275.6 مليار للصحة وغيرها.
ومن المقرر أن يبدأ العمل بهذه الموازنة في أول يوليو القادم، حيث يبدأ العام المالي في مصر من مطلع يوليو وحتى 30 يونيو من العام التالي.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، إن "الاتجاه لزيادة حجم الموازنة هو اتجاه استراتيجي تنتهجه مصر منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، مستهدفة من ذلك التحفيز لزيادة حجم الاقتصاد بما يتناسب مع قدرات الدولة المصرية ويحقق تطلعاتها".
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "موازنة 2021 - 2022 هي الأضخم، وهذا أمر غير مستغرب، وستتجه لمزيد من الضخامة بصورة تدريجية خلال السنوات القادمة".
وتابع أنه "لا توجد مخاطرة (بسبب زيادة حجم الموازنة)، بالعكس سيكون لذلك أثر إيجابي لتحفيز تعافى اقتصادي سريع، حيث تستهدف الموازنة تحقيق معدل نمو نحو 5.4 % مع الحفاظ على نسبة عجز مقبول بنحو 6.5 %".
وأوضح أن زيادة المصروفات العامة بالموازنة واكبها زيادة أيضا في الإيرادات، في ظل الإصرار على تحقيق فائض أولي يحافظ على استمرار اتخاذ حجم الدين العام لمسار تنازلي كنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن زيادة حجم الموازنة تدفع الدين نحو الانخفاض كنسبة، حتى وإن ارتفع الدين كرقم إجمالي.
وأشار إلى أن الحكومة تستهدف من الموازنة تحريك وتحفيز الاقتصاد من خلال محاور، أهمها زيادة الاستثمارات الحكومية، وزيادة الأجور، وزيادة مخصصات الدعم العيني والنقدي، ما يخلق مزيد من العمل للمستثمرين ويوفر قوة شرائية لأصحاب الدخول، تعد حافزا للمستثمرين لمزيد من التوسع في أنشطهم.
وتابع أن "الحكومة تستهدف معدل نمو نحو 5,4 %، وهو أمر ممكن، ويدور في نفس توقعات المؤسسات الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي الذي توقع أن تحقق مصر معدل نمو خلال العام القادم بنحو 5.2 %، ومصر حققت خلال السنوات الأخيرة نتائج اقتصادية أكبر من توقعات صندوق النقد، والضمانة الحقيقة لتحقيق مستهدفات النمو هو استمرار الدولة في مسار عملية الإصلاح الهيكلي وتفاعل القطاع الخاص مع الحوافز التي تقدمها له الدولة".
وأطلقت مصر في أبريل الماضي المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تم تدشينه في 2016، مستهدفة إجراء إصلاحات هيكلية لقطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
من جانبه، قال الدكتور محمد محمود عطوة أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة المنصورة إن "هذه الموازنة هي الأضخم في تاريخ مصر لأنها تعمل على أربعة محاور".
وتتمثل هذه المحاور في "أولا: زيادة الاستثمارات بشكل كبير من أجل استكمال شبكات البنية الأساسية، ثانيا: دعم شبكة التضامن الاجتماعي بشكل كبير، ثالثا: زيادة الأجور، رابعا: تقليل حجم الاقتراض الداخلي"، حسبما أوضح عطوة لـ "شينخوا".
واعتبر أن "زيادة الاستثمارات العامة في موازنة 2021- 2020 أمر جيد جدا، لأن هذه الموازنة يتضمن جزء كبير منها استكمال شبكة البنية الأساسية في مصر، التي بدأت في بناء بنية أساسية من طرق وكباري وقطارات وغيرها، وكل هذا يمثل حجم استثمار كبير جدا".
وأوضح أن "الهدف من رغبة الحكومة في ضخ استثمارات ضخمة هو تحريك الاقتصاد بخطى متسارعة، لأن كل جنيه استثمار يترتب عليه زيادة في الدخل 5 جنيهات".
وتوقع عطوة، أن تحقق مصر معدل النمو المستهدف 5.4%، مشيرا إلى أنها حققت قبل ظهور أزمة كورونا معدل نمو أعلى وصل إلى 6.1%.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة، فقال إن الموازنة العامة المصرية تزيد سنويا، لأن "مخصصات الأجور والاستثمارات الحكومية والدعم ترتفع، لذلك تأخذ الموازنة دائما اتجاها تصاعديا".
وأردف العمدة، وهو محاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، لـ "شينخوا"، "لا أرى أي مخاطرة في اعتماد هذه الموازنة (رغم استمرار أزمة كورونا)، لأن الزيادة في الأجور والاستثمارات الحكومية تهدف إلى تحريك الاقتصاد بشكل سريع".
واستطرد أنه "في أوقات الأزمات، لابد من زيادة الاستثمارات الحكومية لتشجيع وتحفيز القطاع الخاص ورفع معدل النمو".