القاهرة 22 يونيو 2021 (شينخوا) تنفذ مصر، خطة شاملة وواعدة لتطوير موانئها على سواحل البحرين المتوسط والأحمر، بما يجعلها مركزا لوجستيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويعزز مكانتها في التجارة العالمية، بحسب خبراء في قطاع الاقتصاد والنقل.
ورأى الخبراء، أن هذه الخطة سوف تزيد تنافسية الموانئ المصرية، وتخلق قيمة مضافة لمصر، وتجذب الاستثمارات، وتنشط حركة الصادرات والواردات.
وتتضمن الخطة تنفيذ 58 مشروعا لتطوير الموانئ المصرية، بإجمالي تكلفة 63 مليار جنيه (الدولار يعادل 15.7 جنيه مصري)، وسوف يستمر تنفيذها حتى عام 2024.
وتشمل أعمال التطوير إنشاء أرصفة وساحات للتداول وأحواض جديدة ومناطق تجارية ولوجستية وتكريك الممرات الملاحية وأحواض الموانئ وربطها بشبكة خطوط السكك الحديدية والقطار الكهربائي، وتقديم كافة خدمات السفن.
ومن بين الموانئ المستهدفة ميناء العين السخنة، حيث بدأت مصر خطة لتطويره بـ 20 مليار جنيه، بهدف تحويله لأكبر ميناء محوري على البحر الأحمر وفي الشرق الأوسط.
وقامت مصر، أخيرا بإعادة تشغيل مينائي العريش والطور بعد توقف سنوات، بينما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بإعداد دراسة لإنشاء ميناء المكس على ساحل البحر المتوسط.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة منى صبحي أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والنقل بجامعة الأزهر، إن مصر تمتلك سواحل طويلة على البحرين الأحمر والمتوسط، ولديها موانئ هامة على ساحل البحر المتوسط، أهمها ميناء الأسكندرية الذي يعد من أهم الموانئ التجارية، وكذلك موانئ الدخيلة ودمياط وبورسعيد وشرق بورسعيد والعريش، إلى جانب ميناء جرجوب المزمع افتتاحه قريبا.
وأضافت منى صبحي لوكالة أنباء (شينخوا)، أن مصر تمتلك كذلك موانئ هامة على البحر الأحمر، مثل موانئ العين السخنة والسويس وسفاجا ونويبع، بالإضافة للموانئ التخصصية السياحية والبترولية.
وأوضحت أن خطة تطوير الموانئ ترتكز على زيادة الإنتاجية والكفاءة، وتحقيق درجات أعلى في المؤشرات اللوجستية مثل البنية التحتية وتعقب الشحن.
وأشارت إلى أن تطوير الموانئ المصرية سيؤدي لزيادة قدرتها التنافسية مع الموانئ الإقليمية، خاصة الإسرائيلية.
ولفتت إلى أن مصر تعمل على التحول الرقمي في تشغيل الموانئ، والربط بين الموانئ البحرية والموانئ الجافة والداخلية ومراكز الاستهلاك ومناطق التصنيع عن طريق شبكات الطرق البرية والسكك الحديدية، وهو ما من شأنه تسهيل حركة نقل وتداول الصادرات والواردات.
ونوهت بخطة مصر تقديم الخدمات اللوجستية للسفن داخل الموانئ مثل مينائي العين السخنة وشرق بورسعيد، في خطوة تستهدف خلق قيمة مضافة، فضلا عن الربط بين الموانئ والمناطق الصناعية في شبه جزيرة سيناء ومنطقة شمال غرب خليج السويس.
ورأت أن تطوير تلك الموانئ سوف يجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر، لاسيما داخل الموانئ البحرية، ويحول مصر إلى مركز لوجستي وتجارى في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله إن "خطة تطوير الموانئ المصرية تأخرت لفترة طويلة، في الوقت الذي انطلقت فيه عمليات تطوير الموانئ في المنطقة بالكامل، وهو الأمر الذي جعل من تطوير موانئ مصر أمر حتمي".
وأوضح جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لـ "شينخوا"، أن خطة التطوير سوف تمكن موانئ مصر من العودة لساحة التجارة العالمية، بما يسمح بعودة مصر كرقم فاعل في منظومة سلاسل الإمداد عالميا.
وأضاف أن "عمليات التطوير سوف تساعد على زيادة تصنيف الموانئ المصرية، لكن الأمر لا يتوقف فقط عند تطوير البنية التحتية والأحواض والمناطق اللوجستية بتلك الموانئ بل تم أيضا تطوير قانون الجمارك، الذى صدر أخيرا ويجري حاليا إعداد لائحته التنفيذية".
وتابع "اعتقد أن هذا القانون سوف يساعد بالتوازي مع عمليات التطوير في تحسين تصنيف الموانئ ورفع تنافسيتها بصورة تجعلها أكثر ملائمة لممارسة دورها في مجال النقل، بحيث تكون مصر شريك ورقم فاعل في عمليات النقل عالميا".
وأردف أنه "من المهم جدا أن تتم عمليات الشحن والتفريغ في الموانئ بسرعة، وأن تكون الموانئ مجرد نقاط عبور، وليست نقاط تخزين، وهذا يتطلب عملية شاملة لتطوير موانئ مصر".
ويتضمن هذا التطوير، رفع كفاءة الأرصفة وتحديث البنية التكنولوجية والإدارية، ووجود مناطق لوجستية ملحقة بالموانئ، بحيث يتم فصل المناطق اللوجستية الخاصة بالتخزين عن عملية دخول وخروج السلع من الموانئ، بحسب جاب الله، الذي أضاف "اتصور أن ذلك تحقق بالفعل".
وأوضح الخبير المصري، أن "مصر لديها بالفعل خطة لأن تصبح مركزا لوجستيا وتجاريا في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهذا الأمر واضح من خلال مخطط تطوير الموانئ، خصوصا في مجال إنشاء محطات متعددة الأغراض في الموانئ، وربط الموانئ المصرية ببعضها مثل ربط ميناء العين السخنة بميناء العلمين عن طريق قطار كهربائي".
وشاطره الرأي المهندس وائل قدور خبير النقل البحري وعضو مجلس إدارة قناة السويس سابقا، بقوله "بالتأكيد، أن مصر سوف تكون مركزا لوجستيا وتجاريا في الشرق الأوسط في حالة اكتمال خطة تطوير الموانئ".
وأضاف قدرو لـ "شينخوا"، أن "وجود خطة لتطوير الموانئ المصرية خطوة جيدة، والتطوير عملية ديناميكية تسير مع حركة التجارة العالمية".
وأشار إلى أن "جميع الموانئ المصرية من الجيل الثالث، بينما العالم حاليا في الجيل الخامس سمارت، والمطلوب جعل كل الموانئ المصرية تعمل سمارت، وليس فقط الموانئ إنما أيضا القنوات الملاحية مثل قناة السويس، وهذا أهم تحدي يواجه مصر، ولابد أن تعطي الدولة هذا الأمر أولوية قصوى".
وختم أن "الموانئ لم تعد نقطة اتصال بين البحر والأرض لكنها أصبحت مراكز لوجستية تصنع وتصدر، ومصر لديها خطة للوصول لهذا المستوى".