أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في 12 إبريل الجاري، ما أسمته "التقارير القطرية بشأن ممارسات حقوق الإنسان لعام 2021". وجاء التقرير كعادته مليئا بالأكاذيب والتحيز، حيث أشار بأصابع الاتهام إلى وضع حقوق الإنسان فيما يقرب من 200 دولة ومنطقة حول العالم، واستمرّ في تشويه الصين فيما يتعلّق بقضايا شينجيانغ وهونغ كونغ والتبت. بينما تجاهل التقرير حقيقة تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، ماضيا في تسييس قضايا حقوق الإنسان، وكاشفا عن المعايير المزدوجة والنفاق الأمريكي فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان.
ويزعم الساسة الأمريكيون أن "الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان آخذة في التدهور في أجزاء كثيرة من العالم". لكن في الواقع، يجب على الولايات المتحدة أن تفكر أكثر في تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان داخلها. فوفقا لتقرير الموقع الإلكتروني لمعهد العلوم السياسية في كلية هارفارد كينيدي الحكومية في الأول من ديسمبر من العام الماضي، أظهرت نتائج استطلاع وطني للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا في الولايات المتحدة أن 52٪ من المستجيبين يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية قد آلت إلى "معضلة "أو" الفشل ". واعتقد 7 % فقط من المستجيبين أن الديمقراطية الأمريكية لاتزال "بخير". وفي ذات الصدد، علقت "نيويورك تايمز" قائلة: "إن الديمقراطية في الولايات المتحدة تتداعى، وعلى الولايات المتحدة أن تحل إخفاقاتها الديمقراطية أولا." أما مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية فقالت: "يجب على الولايات المتحدة أن تواجه التدهور الخطير في وضعها الديمقراطي، وأن تطبق المعايير الديمقراطية على مختلف الدول، وألا تكون مواقفها مجرد توبيخ من القوي نحو الضعيف".
ولا يتردد الساسة الأمريكيون عن تكرار مسمّيات من قبيل "الإبادة الجماعية" و "العمل القسري" في شينجيانغ. لكنهم يتناسون تاريخهم القبيح ومذابح الهنود والعمل القسري و"السجون السوداء" في بلدهم. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه من منظور اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن سلوك الولايات المتحدة ضد السكان الأصليين بمن فيهم الهنود يشكل جريمة إبادة جماعية. كما تعد الولايات المتحدة إحدى أكثر المناطق نشاطا في الاتجار بالبشر والعمل القسري. وخلال السنوات الخمس الماضية، تم تهريب ما يصل إلى 100 ألف شخص إلى الولايات المتحدة للعمل القسري كل عام. وفي ذات السياق، قالت صحيفة "ريتشموند تايمز" الأمريكية إلى أن "العبودية لم تنته أبدًا في الولايات المتحدة". فتحت ستار "الحرب على الإرهاب"، أنشأت الولايات المتحدة "سجون سوداء" في 54 دولة ومنطقة على الأقل، واشتركت في عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب لانتزاع الاعترافات، واعتقلت 100 ألف شخص، من بينهم مسلمون ونساء وقصر. مما يمثل دليلا قاطعا على انتهاكات الولايات المتحدة لسيادة القانون وحقوق الإنسان.
بدلاً من توجيه أصابع الاتهام إلى وضع حقوق الإنسان في البلدان الأخرى، ينبغي على الولايات المتحدة العمل على تحسين وضع حقوق الإنسان المتدهور داخلها. ومنذ اندلاع وباء كورونا قبل ما يزيد عن العامين، أبلغت الولايات المتحدة عن أكثر من 80 مليون حالة مؤكدة وما يقرب من مليون حالة وفاة. وانخفض متوسط العمر المتوقع بمقدار 1.13 عامًا، وواجهت فشلا ذريعا في مواجهة الوباء. وقد أظهر تقرير الرفاه الاقتصادي للأسر في الولايات المتحدة لعام 2020 الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن 1٪ من سكان البلاد يسيطرون على أصول تزيد بنحو 16 ضعفًا عما يمتلكه 50٪ من الشعب الأمريكي. وخلال فترة الوباء، انتشر فيروس العنصرية المتجذر في الولايات المتحدة مع فيروس كورونا، واتسعت فجوة الثروة بين الأعراق واختلت الموازين بين البيض والسود، وتزايدت معدلات العنف المسلح، وذهب ضحيته 10362 شخصًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. وفي المتوسط ، يفقد أكثر من 115 شخصًا في أمريكا حياتهم بسبب العنف المسلح كل يوم.
في السنوات الأخيرة، وفي مواجهة القوة الوطنية الشاملة المتزايدة للصين، عبر العديد من الساسة الأمريكيين عن قلقهم من الصين وتصرفوا بعقلية الحرب الباردة. وأصبحت "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان" على نحو متزايد مجرّ أدوات سياسية بيد الساسة الأمريكيين للتهجم على الصين، من أجل الحفاظ على الهيمنة الأمريكية. وحول هذه المسألة، قال جيمس بايك، الباحث في التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة نيويورك، إن ما يسمى بحقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة لا علاقة له بالمفهوم الحقيقي لحقوق الإنسان، والاستراتيجية العالمية الخاصة بها.
حقوق الإنسان ليست بأي حال من الأحوال حكراً على دول قليلة، ولا ينبغي استخدامها كأداة للضغط على دول أخرى والانخراط في الابتزاز السياسي. وحري بالولايات المتحدة أن تهتم بوضع حقوق الإنسان داخلها، عوضا عن كتابة التقارير الكاذبة عن الدول الأخرى.