بيروت 7 أغسطس 2019 (شينخوا) دعت الولايات المتحدة الأمريكية اليوم (الأربعاء) السلطات اللبنانية إلى التعامل مع أحداث جبل لبنان بطريقة تحقق العدالة، مؤكدة أنها تدعم "مراجعة قضائية شفافة دون تدخل سياسي".
وفي 30 يونيو الماضي، قتل اثنان من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، عضو الحزب الديمقراطي اللبناني، في إطلاق نار على خلفية حزبية في بلدة قبرشمون بقضاء عاليه في جبل لبنان.
وجرح ثالث في اشتباك مع أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي أصيب اثنان من مناصريه بالرصاص.
ووقع الحادث لدى قيام مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي بقطع عدد من الطرق، احتجاجا على تصريحات لوزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حليف الحزب الديمقراطي، وذلك خلال زيارة قام بها إلى عدد من قرى الجبل اعتبرت مثيرة للفتنة الطائفية بين المسيحيين والدروز.
وإثر ذلك، تصاعد الاحتقان بين الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان، والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، اللذين يمثلان الطائفة الدرزية في الحكومة.
ولم يتم بعد حل تداعيات الحادث، الذي أدى إلى صراع بين الحزبين الدرزيين وحلفائهما من الأحزاب السياسية المختلفة، ما خلف أزمة سياسية في البلاد.
وقالت السفارة الأمريكية لدى لبنان في بيان اليوم إن الولايات المتحدة عبرت بعبارات واضحة للسلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية".
وتابعت أن "أي محاولة لاستغلال الحادث المأساوي، الذي وقع في بلدة قبرشمون في 30 يونيو الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتم رفضها".
وأكدت السفارة "دعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي" في أحداث جبل لبنان.
ويسود جدل بين الحزبين الديمقراطي والاشتراكي وحلفاؤهما من الأحزاب السياسية حول الجهة القضائية، التي ينبغي أن تنظر في القضية.
ويطالب الحزب الديمقراطي بإحالتها إلى المجلس العدلي، الذي ينظر في القضايا الكبرى التي تطال أمن الدولة، فيما يطالب الحزب التقدمي الاشتراكي بإحالة القضية إلى القضاء الجنائي، في وقت تمت فيه إحالتها إلى المحكمة العسكرية.
ووجه حزب جنبلاط اتهامات مختلفة لوزراء وقضاة محسوبين على الفريق الرئاسي بممارسة ضغوط على القضاء والتدخل في التحقيقات الجارية في هذه الأحداث، وهو تطور ينذر بمضاعفات كبرى في البلاد.
وانعكست هذه الأحداث شللا حكوميا وأزمة سياسية في البلاد، حيث لم تجتمع الحكومة منذ نهاية يونيو الماضي.
ودفع هذا الانقسام رئيس الوزراء سعد الحريري، إلى تجنب الدعوة لعقد اجتماع حكومي قبل توصل الوساطات الجارية إلى حل سياسي وقضائي وأمني لحادثة "قبرشمون"، تجنبا لانقسام الحكومة.
وفي هذا السياق، دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم إلى إجراء "مصالحة كاملة وشاملة"، قائلا إن "إجراء مصالحة كاملة وشاملة يمثل ضرورة تمهيدا لعقد جلسات الحكومة، على ألا يكون هناك أي نقاش حول حادثة قبرشمون ما لم يكن هناك اتفاق مسبق حولها".
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن بري، قوله أمام زواره من البرلمانيين أنه "لن يسمح على الإطلاق بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى تفريق اللبنانيين أو تمزيق البلد".
وأشار إلى أنه كانت لديه مبادرة لمعالجة تداعيات الأحداث، لكنه أحجم عن متابعتها لأن "أي مبادرة في حاجة إلى توافق سائر الأطراف المعنية بشأنها".
ونبه بري إلى "وجوب أن يتذكر الجميع أنه بتاريخ 23 الجاري سيكون هناك تصنيف مالي دولي" جديد للبنان، مشيرا إلى أن "الأزمة السياسية عرضة لعلامات سلوك، لذا المطلوب طي الملفات الخلافية (..) من أجل مصالحة شاملة وكاملة تعني الجميع".
وتثير الأزمة السياسية في البلاد والشلل الحكومي الذي يرافقها القلق إزاء تأثيرها المحتمل على تقارير وكالات التصنيف الائتماني حول لبنان المرتقبة في الشهر الجاري.
ويواجه لبنان أزمة في تصاعد الدين العام إلى الناتج المحلي، بالتزامن مع تراجع اقتصادي حاد، إذ بلغ الدين العام حتى نهاية فبراير من العام 2019، نحو 85.25 مليار دولار، ما يشكل قرابة 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان العجز في الموازنة في العام الماضي قد بلغ ستة مليارات دولار.