غزة 7 أغسطس 2019 (شينخوا) في سوق الزاوية الشعبي شرق غزة، مكثت الخمسينية حليمة الشيخ، أكثر من ساعتين، وهي تبحث عن ملابس جديدة ذات ثمن رخيص من أجل شراء فستان لابنتها الصغيرة في إطار استعدادات سكان القطاع المحاصر لاستقبال عيد الأضحى الذي يصادف الأحد القادم.
ويستقبل سكان غزة عيد الأضحى المناسبة المعظمة لدى المسلمين في ظل ظروف معيشية صعبة دفعت غالبية السكان إلى البحث عن بضائع رخيصة الثمن أو إصلاح القديم المتوفر لديم لاستخدامه.
وقبيل حلول العيد، اختفت مظاهره العامة، وبدا ذلك واضحا بالركود التجاري في الأسواق العامة المنتشرة في محافظات القطاع المحاصر من قبل إسرائيل منذ ما يقرب من 13 عاما.
وعزا تجار محليون واقتصاديون ذلك إلى التدهور الاقتصادي الحاد الذي يعانيه قطاع غزة وما خلفه من أوضاع معيشية صعبة تزداد سوءا عاما بعد عام، الأمر الذي أفقد أهالي القطاع الشعور ببهجة وفرحة العيد.
واضطرت الفلسطينية حليمة الشيخ، في نهاية البحث إلى شراء فستان لابنتها الصغيرة من إحدى بسطات الباعة المتجولين في سوق الزاوية أكبر الأسواق وأكثرها ازدحاما في قطاع غزة.
وتقول الشيخ، وهي أم لستة أطفال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إمكانياتها المادية لا تعينها على شراء الملابس من المحال التجارية، كونها باهظة الثمن.
وتضيف "لا نشعر بمظاهر أو احتفالات بالأعياد بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي لا تتحسن أو تتغير في ظل الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي" المستمر منذ منتصف عام 2007.
وفي إحدى زوايا السوق، يقف رجل عشريني يعيد إصلاح وخياطة الأحذية القديمة لزبائن يجدن في ذلك وسيلة بديلة عن شراء أحذية جديدة.
ويقول أحمد ابونوفل (24 عاما) إن الكثير من سكان قطاع غزة لا يستطيعون شراء أي شيء جديد لذلك يفضلون إصلاح القديم.
أما مروة محمد فقالت ل(شينخوا) بينما كانت تنتظر إصلاح حذائها إن "الفقر والوضع الاقتصادي الصعب أجبرني على استثمار ما يقارب عشرة شواكل (الدولار الأمريكي يساوي 3.5 شيكل) في إصلاح حذاء وحقيبة وملابس بدلا من شراء الجديد منها".
وتوضح مروة أنها أم لخمسة أطفال ولا تستطيع تلبية متطلباتهم الكثيرة للعيد، ما يجعلها تقتصد في النفقات إلى الحد الأقصى.
ويتم الاحتفال بعيد الأضحى من قبل المسلمين في جميع أنحاء العالم تخليدا لذكرى النبي إبراهيم الذي كان سيضحي بابنه كقربان يتقرب به إلى الله.
ويحل العيد في نهاية طقوس الحج في مكة بالسعودية، حيث يذبح المسلمون الخراف والماعز والجمال أو العجول كوسيلة للتقرب من الله.
أما المسلمون خارج الكعبة، فهم يحتفلون بأيام العيد الأربعة، بشراء الملابس الجديدة، والحلويات وتبادل الهدايا فيما بينهم.
وعادة ما تكون هذه الأعياد الإسلامية بمثابة مناسبات موسمية، تساهم بشكل كبير في تعزيز القوة الشرائية في الأسواق، تزيد من أرباح التجار.
لكن الوضع مختلف بالنسبة للتاجر محمد الجمل، بعد أن دفعه الركود في الحركة التجارية إلى عرض بضائعه المتكدسة على بسطة صغيرة وضعها أمام محله الضخم، في محاولة منه لجذب الزبائن.
ويقول الجمل إن "الوضع الاقتصادي صعب للغاية، الزبائن أصبحوا يعتمدون على إصلاح الملابس القديمة والأحذية بدلا من شراء الجديد، وهذا أثر بشكل سلبي على تجارتنا".
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة، الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة على أثر جولات من الاقتتال مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
ويلقي هذا الوضع بظلاله القاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، حيث أكد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير بمناسبة يوم العمال العالمي مطلع مايو الماضي، أن معدل البطالة في القطاع وصل حوالي 52 في المائة.
وأوضح التقرير أن حوالي 83 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع.
ويبلغ معدل الدخل اليومي للفرد دولارين، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعد الأسوأ عالميا.
ويقول الخبير الاقتصادي مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع ل(شينخوا)، إن أوضاع سكان القطاع وصلت حدا غير مسبوق من التدهور الاقتصادي والاجتماعي مع حلول عيد الأضحى لهذا العام.
ويشير الطباع إلى أن "العوز والفقر أصبحا ينتشران في صفوف سكان قطاع غزة بشكل غير مسبوق منذ عدة عقود بفعل استمرار تشديد الحصار الإسرائيلي, ما ينتجه الانقسام الداخلي من أزمات".
وينبه إلى أن أسواق قطاع تشهد ركودا حادا خصوصا مع حلول مواسم ومناسبات تتضاعف فيها المصاريف على رأسها عيد الأضحى وبعد ذلك بأيام قليلة بدء العام الدراسي الجديد.