القاهرة 5 يونيو 2019 / رأى محللون سياسيون، أن قرارات قمتي مكة ستجبر الإدارة الأمريكية على مراجعة خطة التسوية السلمية للقضية الفلسطينية المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، التي اهتزت الأرض تحت أقدامها.
وأكد القادة المشاركون في القمتين العربية والإسلامية، اللتين عقدتا قبل أيام في مدينة مكة السعودية، رفضهم أي حلول لا تضمن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، في إشارة إلى الخطة الأمريكية المرتقبة للسلام.
ورفض القادة الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على القدس الشرقية، وحضوا جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على مقاطعة الدول التي قامت بالفعل بنقل سفاراتها في اسرائيل للقدس.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية، أن قرارات القمتين العربية والإسلامية انتصار للموقف الفلسطيني في وجه كل المؤامرات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
وقالت إن هذه القرارات رسالة واضحة للإدارة الأمريكية وإسرائيل بأن الطريق الوحيد لتحقيق السلام هو عبر تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني لن يقبل ببيع القدس وسيقف في وجه مخططات الإدارة الأمريكية والاحتلال الذي سينتهي عاجلا أم آجلا.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو الوحيد الذي أشار مباشرة خلال كلمته بالقمة العربية إلى خطة السلام الأمريكية، وقال إن الفلسطينيين لن ينضموا إلى قمة المنامة التي تحمل عنوان "الازدهار من أجل السلام"، والتي ستعقد في البحرين في 25 و26 يونيو الجاري.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة إن الإعلان عن صفقة القرن قد تأخر عدة مرات بسبب النزاعات المستمرة في الشرق الأوسط وعدم تشكيل الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف غطاس، الذي يعمل أيضا مستشارا غير رسمي للرئيس محمود عباس، في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، أنه سيتم الكشف عن التفاصيل الكاملة للصفقة بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة في أكتوبر المقبل.
وأردف أن الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على القدس، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، والضغط على بعض الدول لإعطاء الجنسيات للفلسطينيين الذين يعيشون على أراضيها، والانسحاب من أونروا، أبرز دعائم صفقة القرن.
وتابع أن اللاعبين العرب الرئيسيين، وهم السعودية والأردن ومصر وفلسطين، "يشكلون عائقا أمام إبرام الصفقة"، مشيرا إلى أن قرارات قمة مكة هزت الأرض تحت أقدام صفقة القرن.
ورأى غطاس أن "قرارات قمة مكة ستجبر الإدارة الأمريكية على مراجعة خطة التسوية السلمية، قبل اجتماع المنامة الذي يستند إلى حلول اقتصادية تتطلب أموالا ضخمة".
واستبعد أن "يلجأ الجانب الفلسطيني إلى المرونة فيما يتعلق بالصفقة الأمريكية"، مضيفا أن تغيير المشهد السياسي الحالي قد يحتاج إلى خطوات قوية وغير متوقعة.
وحتى بعد اختتام قمتي مكة، مازالت الدول العربية تطمئن شعوبها التي تشعر بالقلق إزاء صفقة القرن.
ويوم الأحد الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، متحدثا عن خطة السلام الأمريكية، إن بلاده لن تقبل أي شيء لا يرغبه الفلسطينيون.
وأضاف أن "تساؤل بعض المصريين عن إمكانية التفريط في شئ من الأرض (في إطار خطة السلام الأمريكية) يحيره ويجعله يتساءل هل يعرفه المصريون جيدا"، متابعا "هل تتصورون أنني يمكن أن أفرط ولماذا أفرط".
بدوره، أكد مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، أن "قمة مكة أسقطت أي شرعية للتدابير الأمريكية الإسرائيلية المتعلقة بالقدس".
ومع ذلك، رأى أن قرارات قمة مكة بشأن فلسطين "طبيعية وعادية"، مشيرا إلى أن جميع القمم العربية دائما ما ترفض أي حلول لا تتضمن إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وتابع أنه "من الناحية النظرية، قرارات قمة مكة تعني رفض الدول العربية والإسلامية للصفقة الأمريكية، لكن القضية تتعلق بقدرة الدول العربية على الدفع لإقامة دولة فلسطينية على الأرض، وهو الأمر الذي يبدو صعبا".
واستطرد أن إسرائيل لن تقبل أبدا إقامة دولة فلسطينية ما لم تمارس ضغوطا في هذا الاتجاه من قبل واشنطن، التي يجب عليها أن تدرك أن مصالحها في المنطقة معرضة للخطر إذا استمر الوضع الحالي.
واقترح أن تقوم الدول العربية بوقف صفقات السلاح المبرمة مع أمريكا، أو تخفيض مستوى العلاقات واستدعاء بعض السفراء من واشنطن كنوع من التحركات العملية للضغط على إدارة دونالد ترامب من أجل إجبار إسرائيل على قبول إقامة دولة فلسطينية.
وختم إن دول الخليج العربي تستثمر أكثر من تريليوني دولار في أمريكا، بالإضافة إلى عدة مليارات من الدولارات لإبرام صفقات سلاح، ويمكن أن تقللها كرسالة لرفض الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية.