موسكو 5 يونيو 2019 / اتفقت الصين وروسيا اليوم (الأربعاء) على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة في عصر جديد تمثل بداية لمرحلة من التعاون الثنائي الرامي إلى تحقيق الاستقرار والرخاء العالميين.
بعد سبعة عقود من إقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين وروسيا، وصلت تلك العلاقة أعلى مستوياتها عبر التاريخ في ظل القيادة الإستراتيجية التي يتولاها كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
والآن وقد قرر الزعيمان الارتقاء مجددا بالعلاقات بين البلدين، فإن البلدين الجارين الكبيرين أصبحا على أهبة الاستعداد لبدء فصل جديد من التعاون الثنائي الرامي إلى تحقيق إنجازات أعظم.
وفي تلك الحقبة الجديدة من العلاقات الثنائية، تعتزم الصين وروسيا التعاون على نحو أوثق في نطاق أوسع من المجالات، مع تعميق هذا التعاون.
ولدى البلدين إستراتيجيات تنموية متشابكة، بما يسمح لهما بالعمل معا في مشروعات كبرى، على امتداد المناطق الحدودية، بل وحتى عبر منطقة أوراسيا كلها.
وتحظى الصين وروسيا بمزايا متباينة في الموارد الطبيعية والتكنولوجيات، ويتكامل اقتصاد كل بلد مع اقتصاد الآخر بدرجة كبيرة، ما يمكن ترجمته إلى زيادة كبيرة في التجارة والاستثمار خلال الأعوام المقبلة.
وقد زاد حجم التجارة البينية بنسبة 27.1 بالمائة عام 2018 ليسجل مستوى قياسيا بلغ 107.1 مليار دولار أمريكي، وهي أعلى زيادة في نمو التجارة البينية بين الصين وشركائها التجاريين العشرة الأكبر. ويتوقع محللون تواصل القوة الدافعة القوية وتضاعف حجم التجارة في المستقبل القريب.
شهدت المشروعات الإستراتيجية في المجالات التقليدية التي تشمل الطاقة والفضاء الجوي والارتباط تقدما كبيرا، في الوقت الذي تطور فيه التعاون في قطاعات الزارعة والمال والعلوم والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية بين البلدين، بوتيرة سريعة.
وفي الصيف الماضي، عبرت أول سفينة تحمل الغاز المسال الروسي، البحر من شبه جزيرة يامال الروسية في القطب الشمالي، لتصل إلى الصين، ومن المنتظر أن يتم ضخ ملايين الأطنان الإضافية من الغاز كل عام بفضل المشروع الذي تموله الصين جزئيا.
وبدأ خط ثانٍ من خط أنابيب النفط الصيني- الروسي التشغيل التجاري في 2018، ومن المتوقع أن يُستخدم خط أنابيب الغاز الطبيعي الشرقي في إمداد الصين بالغاز بحلول نهاية العام الجاري.
وسوف يشهد العام الجاري أيضا استكمال بناء جسر سكك حديد تونغجيانغ وجسر طريق هيخه السريع، الأمر الذي من شأنه أن يجعل النقل العابر للحدود أشد يسرا.
في السياق نفسه، تعمل العلاقة الصينية - الروسية المزدهرة على تقارب الشعبين.
ففي عام 2018، سجل السياح الصينيون 1.8 مليون رحلة إلى روسيا، فيما قام السائحون الروس بنحو مليوني رحلة إلى الصين. ولقد أصبح كل بلد بالنسبة للآخر مصدرا رئيسيا للسياح ووجهة رئيسية للسفر. وفي عام 2018 أيضا، شاركت بكين موسكو في إقامة أنشطة عام السياحة.
ومن المتوقع أن شراكة أوثق بين الصين وروسيا ـ وكل منهما عضو في مجلس الأمن الدولي - سوف تخلق أيضا عالما أكثر سلاما واستقرارا ورخاء.
وتتقاسم الصين وروسيا كذلك وجهات نظر متشابهة حول كثير من القضايا الإقليمية والعالمية. وفي الوقت الذي يسعى فيه البلدان إلى تنسيق أكبر بين سياستهما الخارجية، سوف يواصلان كذلك دورهما في تحقيق التوازن والاستقرار في هذا العالم الذي تتفشى فيه الشكوك.
وقد أكدت بكين وموسكو مرارا أنهما تتمسكان بشدة بالتعددية وتسعيان إلى بناء اقتصاد عالمي أكثر انفتاحا، وذلك في ظل تصاعد الأحادية والحمائية التجارية.
وتعهدت الصين وبكين أيضا بالتنسيق الوثيق داخل الأطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة العشرين، بهدف جعل النظام الدولي أكثر نزاهة وعدلا وشمولا.
لقد شهدت العقود السبعة الماضية إرساء أساس متين لمستقبل مشرق، ولاسيما السنوات الأخيرة التي تولى فيه شي وبوتين توجيه دفة قيادة العلاقات الثنائية.
والآن حان الوقت لكي يستفيد البلدان من هذا الزخم، ويبنيا عليه ويترجما التطور الأخير في العلاقات إلى مزيد من الإنجازات الملموسة، بما يحقق منافع أكبر للشعبين وللعالم أجمع.