رام الله 2 يونيو 2019 / اندلعت مواجهات بين مئات الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية اليوم (الأحد) بعد دخول أكثر من ألف يهودي باحات المسجد الأقصى في القدس، في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني شديد واتهامات لإسرائيل بالسعي لتغيير الواقع التاريخي للحرم القدسي.
وذكرت مصادر فلسطينية أن عددا من المصلين المعتكفين في المسجد الأقصى أصيبوا بجروح متفاوتة في مواجهات مع عناصر وحدات خاصة تابعة للشرطة الإسرائيلية خلال اعتراضهم على "اقتحامات استفزازية" لجماعات يهودية.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إن قوة معززة من الشرطة "اقتحمت الأقصى وداهمت المصلى القبلي لإخراج المعتكفين منه بالقوة، إلا أنها عادت وانسحبت منه، وأغلق المصلون أبواب المصلى في حين انتشر المعتكفون في باحاته".
وذكرت الوكالة أن الشرطة أغلقت لعدة ساعات بابي الأسباط وحطة، ومنعت دخول المصلين بحجة أنه لا يوجد اعتكاف اليوم بالأقصى.
وفي وقت لاحق أوردت الوكالة أن الشرطة الإسرائيلية أغلقت أبواب المصلى القبلي في المسجد الأقصى بالسلاسل الحديدية، وفرضت حصارا عسكريا محكما على عشرات المصلين المعتكفين بداخله قبل أن يتم إنهاء الحصار والسماح بخروج المعتكفين من المصلى.
وكانت "منظمات الهيكل" اليهودية دعت إلى المشاركة الواسعة في الدخول للمسجد الأقصى اليوم تزامنا مع احتفالاتهم فيما يسمونه "يوم القدس" أو "توحيد القدس"، في إشارة إلى ذكرى احتلال إسرائيل الجزء الشرقي من مدينة القدس.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن "أعمال شغب" اندلعت في المسجد الأقصى تضمنت إلقاء الحجارة والكراسي وغيرها من الأغراض.
وأوضح متحدث باسم الشرطة، وفق ما نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن قائد لواء شرطة القدس اللواء دورون يديد، أمر قوات الشرطة بدخول المسجد الأقصى ومعالجة كافة مثيري الشغب.
وأشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها السماح لليهود بالدخول إلى باحات المسجد الأقصى في الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان، وذلك بسبب تزامن ذكرى "توحيد القدس" التي تصادف اليوم.
ومن غير المعتاد سماح السلطات الإسرائيلية للجماعات اليهودية بالدخول إلى المسجد الأقصى في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، التي يتواجد فيها المصلون الفلسطينيون بكثافة داخل المسجد بغرض الاعتكاف فيه.
وندد بيان مشترك لمجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية والهيئة الإسلامية العليا ودار الإفتاء الفلسطينية، ودائرة الأوقاف الإسلامية ودائرة قاضي القضاة، بسماح الشرطة الإسرائيلية للجماعات اليهودية بدخول المسجد الأقصى في يوم 28 من شهر رمضان.
وقال البيان الذي تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، إنه تم السماح لأكثر من 1176 يهوديا بالدخول إلى باحات المسجد الأقصى اليوم ورافق ذلك "الاعتداء على المعتكفين والمصلين بالضرب والتكسير ورشهم بالغاز، وإغلاق أبواب الـمصلى القبلي والمرواني عليهم".
وأضاف أنه إسرائيل قامت بـ"تحويل ساحات المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية تعجّ بمختلف الوحدات العسكرية والأمنية والاستخباراتية التي زادت عن 400 عنصر، بالتزامن مع فرض حصار مطبق على كامل المدينة المقدسة والبلدة القديمة، وتشديد إجراءاتها القمعية على أبواب المسجد باحتجاز البطاقات الشخصية للمصلين وغيرها من الممارسات التعسفية".
واعتبر البيان أن "هذا التصعيد الممنهج حلقة في سلسلة متصلة من الانتهاكات الهادفة إلى زعزعة الوضع التاريخي والقانوني والديني القائم في المسجد الأقصى منذ أمد بعيد".
وندد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، على حسابه في (تويتر) ب"الاعتداءات التي تقوم بها سلطة الاحتلال الاسرائيلي واستفزازاتها في المسجد الأقصى".
وحمل عريقات إسرائيل "السلطة القائمة بالاحتلال" مسؤولية جر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف ستهدد أمن المنطقة برمتها.
كما نددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية ب"الانتهاك الخطير" من الشرطة الإسرائيلية لحرمة المسجد الأقصى.
وقالت الوزارة في بيان صحفي إن "انتهاك حرمة المسجد الأقصى هو اعتداء على مشاعر المسلمين في العالم أجمع وليس في فلسطين وحدها، كما أنه مساس بالمكان الأكثر قداسة للمسلمين في فلسطين".
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بـ"العمل على إيقاف هذه الهجمة الخطيرة على الأقصى وإتاحته للعبادة للمسلمين وحدهم بصفته مكانا خالصا لهم دون غيرهم".
كما أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية بأشد العبارات "همجية الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته على المسجد الأقصى ومخططاته الهادفة إلى تهويده وفرض السيطرة الإسرائيلية عليه".
وطالبت الوزارة في بيان صحفي المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة بـ"الخروج عن صمتها والتحرك سريعا في تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه القدس ومقدساتها، عبر اتخاذ إجراءات عملية كفيلة بإجبار إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على الانصياع للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وقبل فوات الأوان".
من جهته، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد التميمي، أن ما جرى في الأقصى "تجاوزا لكافة الخطوط الحمراء، ومؤشرا لنوايا إسرائيلية مبيتة تسعى إلى تقسيم المسجد".
وحذر التميمي في بيان صحفي، من انفجار الأوضاع "نتيجة للممارسات الإرهابية التي تمارسها إسرائيل بهدف المس بمكانة الأقصى لدى مليار ونصف المليار مسلم حول العالم".
كما اعتبر قاضي القضاء الفلسطيني محمود الهباش، أن ما شهده المسجد الأقصى "تطور خطير ويؤشر الى مرحلة في غاية الخطورة".
وقال الهباش في بيان صحفي إن السلطات الإسرائيلية أحجمت لسنوات عن اقتحام الأقصى في شهر رمضان "إلا أن هذا المحظور لم يعد موجودا، ما يؤشر على أننا مقدمون على منحى خطير وينذر بعواقب وخيمة".
وأضاف أن "سلطات الاحتلال تخطط وتدفع لتسيل دماء جديدة في الأقصى لفرض أمر واقع تتحمل الحكومة الاسرائيلية المسؤولية عن تداعياته".
وحيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في بيان "المرابطين المعتكفين في المسجد الأقصى أمام العدوان الإسرائيلي الغاشم".
واعتبرت أن ما يجرى في المسجد "الأقصى أعلى درجات الإرهاب".
وفي السياق، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان إن "استمرار غطرسة الاحتلال ومستوطنيه في تدنيس المسجد الأقصى لن يقود إلا إلى مزيد من التمسك الفلسطيني به، والاستبسال في الدفاع عن حرمته وقدسيته".
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فاعتبرت أن ما يجري في الأقصى "مؤشر خطير ومحاولة إسرائيلية لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد في استخفاف بمشاعر ملايين المسلمين في العالم".
في حين حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من أن ما يجري في القدس والمسجد الأقصى "هو لعب بالنار ومحاولة مكشوفة لاستثمار هذا التصعيد لوضع ورقة القدس في إطار المراهنات والمزاودات والاستثمار السياسي للأحزاب اليمينية في إسرائيل".
كما توعدت حركة الجهاد الإسلامي في بيان بأن "الاقتحامات العدوانية للمسجد الأقصى سيدفع ثمنها الاحتلال الإسرائيلي لأنه المسئول عن استمرار التوتر في القدس".
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.