الأقصر، مصر 18 أبريل 2019 /احتفلت مصر اليوم (الخميس)، بيوم التراث العالمي الذي يوافق 18 أبريل من كل عام بالإعلان عن اكتشاف أكبر "مقبرة صف" في جبانة طيبة بمحافظة الأقصر، جنوب القاهرة، وذلك بحضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء ونواب البرلمان والفنانين والسفراء العرب والأجانب.
وقال وزير الآثار خالد العناني، إن المقبرة لشخص يدعى جحوتي شد سو، وعثر عليها أثناء أعمال الحفر الأثري في منطقة ذراع أبو النجا بالبر الغربي في مدينة الأقصر.
وأضاف العناني، في مؤتمر صحفي، "نحتفل بيوم التراث العالمي في الأقصر، عاصمة التراث والحضارة في العالم كله"، مشيرا إلى أن مصر تمتلك تراثا فريدا.
من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن المقبرة تتميز بوجود مجموعة من المناظر الملونة والواضحة على أعمدة المداخل الخاصة بها، وتحمل نصوصا سجل فيها اسم صاحب المقبرة وألقابه.
وأوضح أن صاحب المقبرة يحمل العديد من الألقاب، وهي الأمير الوراثى، والعمدة، ورئيس الخدم، وحامل ختم ملك مصر السفلى، وحامل ختم ملك مصر العليا.
وتابع أن المقبرة تحمل أيضا مناظر أخرى لصيد الأسماك والطيور وحملة القرابين والموكب الجنائزي، وهي مناظر محتفظة بألوانها الزاهية، مضيفا أن المقبرة بها أكثر من سبعة مناظر نادرة مثل منظر لدبغ الجلود، وآخر لذبح الأضاحي.
ورأى أن هذا الكشف المهم سوف يغير خريطة المكان التاريخية والأثرية وسيوضح بعض الأفكار والمفاهيم المتعلقة بتخطيط منطقة ذراع أبو النجا بالأقصر.
وأشار إلى العثور على مقصورة كاملة والبئر الخاص بها داخل فناء مقبرة الصف، وهي أول مقصورة يتم العثور عليها بجبانة طيبة، ومن الأرجح تأريخ هذه المقصورة لفترة الرعامسة، نظراً لوجود أمثلة مشابهة لها بجبانة دير المدينة.
وعثر بداخل المقبرة على العديد من اللقى الأثرية، من بينها مجموعة كبيرة من تماثيل الأوشابتى مختلفة الأحجام والأشكال، ومصنوعة من الفيانس الأزرق والخشب، وقناع مجمع من الكارتوناج، وأكثر من 50 ختما جنائزيا، وبردية كاملة مكتوبة بالكتابة الهيراطيقية وملفوفة بخيط من الكتان، بالإضافة إلى عملة بطلمية من البرونز المخلوط بالنحاس من عصر الملك بطليموس الثانى.
من جهتها، قالت الباحثة الألمانية فردريكا كامب المسؤولة عن تسجيل المقبرة، إن المقبرة يتقدمها فناء كبير جدا بعرض 55 مترا يؤدى إلى "مقبرة صف" لها 18 مدخلا، لتكون بذلك أول مقبرة فى جبانة طيبة بها هذا العدد من المداخل، حيث أن أقصى عدد وجد في مقابر الجبانة يتراوح ما بين 11 و 13 مدخلا.
كما تعد هذه المقبرة الأولى من نوعها التي لها مدخلان وليس مدخل واحد، وفي ركنها الشمالى بئر عمقه حوالي 11 مترا، وفى ركنها الجنوبى يوجد بئر آخر تقريبا على نفس العمق، حسب فردريكا.
بدوره، قال أحمد الطيب مفتش آثار بمنطقة آثار القرنة بالأقصر، إن اسم صاحب المقبرة جحوتي شد سو يعني "الإله جحوتي ينقذني"، ودلل على أهمية هذا الشخص بكونه يحمل لقبي حامل ختم ملك مصر السفلى وحامل ختم ملك مصر العليا، وهما لقبان نادرا ما يحملهما شخص واحد.
وأوضح في تصريح لوكالة ((شينخوا))، أنه لم يتم العثور على مومياء صاحب المقبرة، ورأى أنه من الصعب العثور عليها مستقبلا، بسبب عمليات التخريب التي تعرضت لها المقبرة في العصور السابقة، إلى جانب البعثات الأجنبية التي عملت بها قبل 200 عام.
وأردف أن المقبرة ترجع لأواخر الأسرة الـ 17، أي 3500 عام قبل الميلاد، وأعيد استخدامها في بداية الأسرة الـ 18، لذلك تحمل مناظر وألوان تشير للأسرة الـ 18، ومن المرجح أن صاحب هذه المقبرة قد خدم فى فترة حكم الملك تحتمس الأول.
وأسفل مقبرة جحوتي شد سو، تم العثور على ست مقابر في المستوى الثاني للجبانة، حيث مازال العمل مستمرا في خمس منها، بينما تم فتح مقبرة صغيرة لشخص يدعى شسب، تعود للنصف الأول من الأسرة الـ 18، حسب الطيب الذي أشار إلى أن صاحب المقبرة يحمل عدة ألقاب منها المشرف على حراس المنحل.
ويوجد بالمقبرة منظر لشسب وزوجته، حيث يقدم ابنه وزوجته القرابين له.
وأثناء الإعلان عن اكتشاف المقابر، كان عدد من العمال يقوم بترميم أعمدة وجدران مقبرة الصف.
وبينما كان حسن حسين، وهو فني ترميم، يقوم بتنظيف جدران المقبرة من الأتربة مستخدما قطنا ومناديل ومياه وكحول، كان أحمد يوسف يرمم الشروخ باستخدام أداة معدنية وخليط من الرمل والطمي، ثم يقوم بتنظيفها حتى يكون لونها مقاربا للون المقبرة.
وفي وقت لاحق، تم إزاحة الستار عن تمثال الملك رمسيس الثاني بواجهة معبد الأقصر، وذلك بعد انتهاء عمليات تجميع وتركيب وترميم وإعادة إقامة التمثال في مكان عرضه الأصلي.
ويبلغ ارتفاع التمثال نحو 12 مترا، ووزنه 60 طنا، وهو مصنوع من الجرانيت الوردي ويصور الملك رمسيس الثاني واقفا.
وتم الكشف عن بقايا هذا التمثال أثناء أعمال حفائر قامت بها بعثة أثرية مصر داخل المعبد في الفترة من العام 1958 وحتى 1960.
وقال وزير الآثار خالد العناني، إنه للعام الثالث على التوالي يشهد معبد الأقصر إزاحة الستار عن تمثال للملك رمسيس الثاني، ليكون تمثال اليوم آخر تمثال ضمن خمسة تماثيل لنفس الملك نجحت وزارة الآثار في تجميعها وترميمها وإعادة وضعها في مكانها الأصلي.
فيما أعرب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، عن سعادته بالاحتفال بيوم التراث العالمي في مدينة الأقصر، التي وصفها بأنها "مهد الحضارة الإنسانية".
وأشار إلى أن الاكتشافات الأثرية التي تم الإعلان عنها اليوم تضيف إلى زخم التراث العالمي، وتؤكد ثراء أرض مصر، مهد التراث والحضارة.
ولفت إلى أن الرسومات الموجودة على جدران المقابر والمعابد توضح مدى تقدم التقنيات التي استخدمها المصريون القدماء في إدارة حياتهم، وتعهد بأن يحذو المصريون في العصر الحالي حذو أجدادهم لبناء مصر الحديثة.