مرجعيون، جنوب لبنان 20 مارس 2019 /مع مطلع الربيع كل عام تعبر أسراب من فراشات "فانيسا كارودي" في مشهد بديع أجواء لبنان في رحلة هجرة موسمية شاقة.
وتنطلق هذه الفراشات في رحلتها من ليبيا لتعبر أجواء مصر وفلسطين، ثم لبنان وسوريا وتركيا إلى أوروبا، بحسب بشارة مراد.
ويقول مراد، وهو أحد المهتمين بمراقبة الطيور في محمية إبل السقي في جنوب لبنان، لوكالة أنباء (شينخوا) إن رحلة الفراشات تبدأ في مطلع شهر مارس من كل عام.
وتتحرك الفراشات في جو دافئ وتحت أشعة الشمس في رحلة سفر شاقة عبر خطوط عبور محددة كما الطيور المهاجرة من وإلى أوروبا.
وتتميز هذه الفراشات بلون داكن عادة، وأجنحة بخطوط وبقع متعددة الأشكال والزخرفات والألوان.
ويضيف مراد إن هذه الفراشات هي من نوع "فانيسا كارودي"، وهي معروفة شعبيا لدى سكان جنوب لبنان باسم "بشارة الصيف"، وتعني بالنسبة لهم التجدد والتفاؤل والخير.
وأحصى فريق من الجمعيات البيئية وجمعية حماية الطيور مهمته مراقبة حركة الطيور يعمل في محمية طبيعية تجذب الطيور المهاجرة في الطرف الشرقي لبلدة إبل السقي، عبور مئات آلاف الفراشات خلال يوم واحد في مارس الجاري.
ورصد الفريق أيضا عبور حوالي 60 ألف طائر كركي رمادي، وأعدادا كبيرة من حوام النحل الأوروبي واللقلق الأبيض والبجع، بحسب المسؤول الإعلامي في بلدية إبل السقي فارس اللقيس.
ويقول اللقيس "نجهد لجذب أكثر نسبة من الطيور المهاجرة".
ويشير إلى إنشاء بركة مياه مساحتها حوالي 500 متر مربع في المحمية المصنفة "الممر الخامس" عالميا للطيور، لتكون منهلا وموردا للطيور، إضافة إلى إنشاء غرفة رصد مجهزة بمعدات مراقبة حديثة لتسجيل حركة الطيور.
وتبلغ سرعة الفراشات خلال حركة عبورها حوالي 45 كيلومترا في الساعة.
وبحسب جمال رحال أحد العاملين في فريق مراقبة حركة الطيور في جنوب لبنان، ينفق الضعيف من الفراشات خلال الرحلة إلا أنها تتزاوج وتبيض قبيل نفوقها.
ويقول رحال إن هذه الفراشات تعيش حوالي العام، وتنمو في مناطق ذات مساحات مفتوحة وواسعة، وبإمكانها أن تتكيف وتعيش في أي مكان، ويعتمد نظامها الغذائي على العديد من النباتات المختلفة.
ولفراشة "فانيسا كارودي" فوائد بيئية في مسار هجرتها، إذ تعمل على تلقيح النباتات والزهور في بيئتها، وهي أيضا جزء من شبكة الغذاء لأنها تؤكل من قبل الطيور والخفافيش وحشرات أخرى، بحسب رحال.
وفي سهل مرجعيون في جنوب لبنان، أمضى عشرات الشبان من مختلف الأعمار لحظات رائعة في متابعة أسراب الفراشات المهاجرة.
وتقول الفتاة العشرينية ناهد ابو كمر، ل(شينخوا) بينما كانت توجه هاتفها الجوال إلى أعلى لتوثق بالصورة حركة أجنحة ملايين الفراشات المغادرة من المناطق الشرقية إلى المناطق الغربية طلبا للدفء والتكاثر، "إنه منظر رائع وجميل".
وأثبتت دراسات علمية وبيئية أن الفراشات كما النحل، هي واحدة من الأنواع الهامة للدراسة البيئية لأن التغيرات في مجموعات الفراشات يمكن أن تظهر مدى التغييرات في النظام البيئي، فانخفاض عدد الفراشات يعتبره العلماء مؤشرا لمدى انتشار التغييرات السيئة الناتجة عن التلوث في النظام البيئي.