مرجعيون، جنوب لبنان 20 مارس 2019 /بينما تحتفل الأمهات العربيات بعيد الأم في 21 مارس بعيدهن، تقضي أمهات سوريات هذا اليوم في مخيمات النزوح بلبنان وسط مشاعر من الحزن والحسرة يعانين وجع البعاد عن الوطن الأم.
وشهر مارس يوصف بأنه شهر المرأة حيث يحتفل العالم فيه أيضا بيوم المرأة العالمي وذلك في الثامن من مارس كل عام.
لكن هذه المناسبة أو غيرها من المناسبات لتكريم المرأة لا توجد في "قاموس" النازحة السورية سلمى العويني.
وتسبب النزاع السوري الذي دخله عامه التاسع هذا الاسبوع بنزوح وتشريد ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها.
وفي لبنان، بحسب احصاءات الأمن العام، نحو مليون و300 ألف نازح سوري، فيما عاد حوالي 170 ألف نازح طوعيا في الأشهر الأخيرة الماضية إلى ديارهم.
"ليس في قاموسنا كنازحات الاحتفال بيوم المرأة العالمي أو أية أعياد أخرى"، تقول سلمى العويني التي نزحت من ريف حلب إلى مخيم الوزاني في جنوب لبنان.
وأضافت "المآسي تغلب على حياتنا في هجرتنا ، وليكن هذا العذاب حافزا للبذل والعطاء من أجل مستقبل أفضل سيتحقق حتما بعودتنا الآمنة الى بلدنا".
وفي الحقول القريبة من مخيم "ابل السقي"، توزع الأطفال لجمع زهور البرقوق والاقحوان لتكون هدايا العيد لأمهاتهم في عيدهن.
وقالت الطفلة لينا اللقيس لـ (شينخوا) وهي تجهش بالبكاء "لم أجد ما أقدمه في هذه المناسبة كهدية لشقيقتي الكبرى سلمى التي ترعى عائلتنا المؤلفة من 4 أطفال، بعدما كانت الحرب القذرة قد قضت على والدي منذ 3 سنوات".
وأضافت "اكتفيت بتقبيلها والدعاء لها بالصحة والعافية حتى تتمكن من رعايتي وأخوتي الصغار".
أما الطفل السوري النازح من إدلب جمال النمري (12عاما) فلم يجد مشقة في التوجه باكرا إلى أحد المراكز الطبية في بلدة الخيام القريبة من مخيم نزوحه في سهل بلدة ابل السقي لسحب قطرات من دمه لتقديمها لأمه.
وأشار جمال لوكالة أنباء (شينخوا) "هدفي، كان سحب عبوة من دمي وضمها الى وردة قطفتها من حقل قريب، لتكون أصدق بطاقة معايدة أقدمها لست الحبايب والدتي في عيد الأم ويوم المرأة العالمي".
الوالدة ليلى والتي كانت منهمكة في غسل ثياب أطفالها الخمسة عند باب خيمتها، تزاحمت دموعها كقطرات الندى، عندما انحنى طفلها يقبل يديها ويقدم لها هديته المتواضعة.
نساء أخريات نال المرض من أجسادهن ورغم ذلك يتمسكن بالأمل في العودة إلى وطنهن سوريا.
وقالت حميدة أبو علي النازحة من ريف دمشق "منذ 10 سنوات أهلك جسدي مرض السكري المزمن، ولكن لم يلزمني المرض التقاعد في زاوية خيمتي".
وأضافت "أتناول يوميا خمسة أنواع من الأدوية، وفي عيد الأم ليس لي من أمنية سوى العودة ولقاء من اشتقنا ممن صمدوا في بلدي رغم كل الظروف القاسية".
أما جهينة أبو قميري فقالت "ليس لدي سوى دمعة حزن أذرفها على بلدي الجريح وعلى أحباء فقدناهم في تلك الحرب القذرة التي فرضتها دول الاستعمار على بلدنا".
وبصوت غلبت عليه غصة حزينة، قالت حسيبة أبو جمالي بينما كانت ترتب ثياب طفلتها ابنة الخمس سنوات "في هذه المناسبة نوجه نداء إلى المؤسسات الدولية الإنسانية وإلى العالم أجمع لوضع حد نهائي لهذه الحرب وتأمين عودة كل النازحين باطمئنان إلى بلدنا سوريا أم الجميع".
وبالنسبة لالهام أبو صالح النازحة من ريف حلب إلى مخيم "سردة" في جنوب لبنان فعيد الأم يعني الراحة وعزة النفس والفرح "لكنه بالنسبة لنا ليس سوى غصة وحرقة قلب".
الشعور نفسه لدى سميرة النازحة من حلب إلى سوق الخان في جنوب لبنان التي أشارت إلى أن "عذابات الدنيا وهمومها اجتمعت من حولنا لتضرب بسمتنا وتنكد عيشنا".
ومضت سميرة قائلة "يمر علينا عيد الأم ونحن في حالة ارباك وقلق فالتجاذبات السياسية الدائرة حول وضعنا تجعلنا في خوف على مستقبلنا".
من جهتها قالت احلام السوسي من إدلب إنها تسمع بعيد الأم عبر وسائل الأعلام وتراه في واجهات المحال التجارية "ونحلم بهدايا المحبين لكن الفقر يذلنا في هذا العالم".
أما سالمة الهبري التي تعتاش من تنظيف المنازل فقالت "الدمار والقتل والجوع والذل كلها عوامل جعلتنا ننسى انوثتنا، وهذا يحز في نفوسنا وكل ما نتمنى في هذه المناسبة هو العودة المشرفة لحضن الوطن لنلتقي جميعا على المحبة وإعادة الإعمار الذي ننشد".
وبكل ثقة بالنفس قالت ليلى أبو جمل "يوم المرأة العالمي وعيد الأم مناسبة للتفاؤل بالمستقبل فمهما قست الظروف لا بد من بزوغ فجر من جديد علينا وعلى وطننا الحبيب وعندها سيكون للعيد نكهته".