بكين 3 ديسمبر 2018 / نشر مقال موقع للرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان "صداقة عبر الزمن والمكان، شراكة من أجل المستقبل"، اليوم (الإثنين) في صحيفة (دياريو دي نوتيشياس) البرتغالية قبل قيامه بزيارة دولة إلى الدولة الأوروبية.
وفيما يلي النص الكامل للمقال.
صداقة عبر الزمن والمكان، شراكة من أجل المستقبل
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
"هنا عندما تنتهي اليابسة ويبدأ البحر". هذا الاقتباس الشهير من لويس دي كاموس أعظم شعراء البرتغال، يصف بكل وضوح موقع بلاده الرائع. وقبل عشرين عاما، قمت بأولى زياراتي للبرتغال وفي 2014 توقفت في جزيرة تيرسييرا. إنني سعيد بالعودة لبلادكم للقيام بزيارة دولة بدعوة من الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا.
وفي السنوات الأخيرة، تصدت البرتغال على نحو فعال للتحديات الناتجة عن أزمة الديون السيادية الأوروبية وأحرزت تقدما مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي تعزيز ثقافتها التقليدية وضخت قوة دافعة جديدة في هذه الأرض العريقة. وإن الصين ،بوصفها صديقا حقيقيا للشعب البرتغالي، لا تملك سوى الإعجاب بما أنجزتموه.
ورغم أن بلدينا تقع أحدهما في الطرف الشرقي والأخرى في الطرف الغربي لقارة أوراسيا، فقد أقام شعبانا صداقة دائمة تعود للعصور القديمة. وألهم الخزف الصيني بلونيه الأزرق والأبيض الذي تم شحنه لأول مرة للبرتغال قبل قرون، اندماج الأساليب الصينية والمحلية وأنتج شكلا فريدا من فن الزليج. وتستخدم مدينة فريكسو دي إسبادا أ سينتا في شمال شرق البرتغال، المعروفة بكونها مدينة الحرير في البرتغال، تربية دودة القز وتقنيات النسيج من الصين لعقود. ويمكن العثور على الكثير من مثل تلك الحكايات للتبادلات الودية بين شعبينا في عصرنا الحالي. وقضى زوجان صينيان مسنان، رغم السن والمرض، عقودا يعلمون لغة الماندرين وينشرون الثقافة الصينية في البرتغال. وجاء مدربو ولاعبو كرة قدم برتغاليون للصين للعمل أو للعب لنواد صينية ما جعل كرة القدم البرتغالية أكثر شهرة من ذي قبل في الصين. وأصبحت فطائر المربى البرتغالية المخبوزة على يد طهاة معجنات صينيين، مصدر بهجة جديد للمستهلكين الصينيين. وقصص مثل هذه شاهدة على الصداقة بين شعبينا التي تجاوزت الزمان والمكان.
وفي غضون شهرين، سنحتفل بالذكرى الأربعين لعلاقاتنا الدبلوماسية التي تعود إلى فبراير 1979. وبنمو مطرد وسريع لكل خطوة على الطريق، شهدت علاقاتنا الثنائية رحلة استثنائية على مدار العقود الأربعة الماضية. وقد تبادلنا دائما الثقة والاحترام والمساعدة لنضع نموذجا رائعا يحتذى به للتعاون المربح للجانبين بين بلدين مختلفين في النظام الاجتماعي والخلفية التاريخية وحجمهما متباين .
وعلى مدار العقود الأربعة الماضية تعاملنا باستمرار مع العلاقات الثنائية من منظور استراتيجي وطويل الأمد. وفي 1999 وعبر المشاورات السلمية، قمنا بحل مسألة ماكاو على نحو ملائم، وهي قضية كانت متبقية من الماضي، وبدأنا عصرا جديدا في تنمية ماكاو وفي العلاقات الصينية البرتغالية. وفي 2005، أقيمت شراكة استراتيجية شاملة بين بلدينا. ومع التبادلات المتكررة رفيعة المستوى وتعميق الثقة السياسية المتبادلة والنتائج المثمرة في كافة المجالات، سارت الصداقة والتعاون بين الصين والبرتغال على طريق التنمية السريع.
وخلال العقود الأربعة الماضية، ظللنا متمسكين بدفع التعاون العملي عملا بروح المساواة والمنفعة المتبادلة. وفي أعقاب الأزمة المالية الدولية في 2008 وأزمة الديون السيادية الأوروبية، عملت حكومتانا بشكل وثيق معا لتبديد المخاطر ومواجهة التحديات. وجاءت شركات صينية للبرتغال بأعداد كبير سعيا وراء الفرص الاستثمارية. وبينما كانت توسع نطاق أعمالها خارج الحدود، أسهمت أيضا في توفير فرص عمل للمجتمعات المحلية وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البرتغال ككل.
وخلال العقود الأربعة الماضية، قمنا بجهود دؤوبة لتعزيز العلاقة الشعبية عملا بروح التعلم المتبادل والتقدم المشترك. وفي بدايات علاقاتنا الدبلوماسية، كان هناك القليل من الزيارات المتبادلة بين بلدينا. ولكن الآن يتم تبادل أكثر من 300 ألف زيارة بيننا كل عام. واليوم تقدم 17 جامعة صينية دورات لتعليم اللغة البرتغالية وافتتحت أربعة معاهد كونفوشيوس في البرتغال كما يتم تعليم اللغة الصينية في العديد من المدارس والجامعات. وعززت تبادلاتنا الوثيقة في السينما والإعلام والأنشطة الثقافية والمعارض وعلى المستوى المحلي الدعم الشعبي للتنمية طويلة الأمد لعلاقاتنا.
وتقف كلا من الصين والبرتغال عند مفترق حاسم للتنمية . وتعمق الصين الإصلاح وتوسع الانفتاح بشكل شامل ،بينما تلتزم البرتغال بتسريع التنمية والتجديد الوطني. وستتعاون الصين مع البرتغال لتعزيز التفاهم والثقة المتبادلين وتوسيع وتعميق التعاون العملي وترسيخ شراكتنا الاستراتيجية الشاملة. وبالعمل معا، سنخلق مستقبلا أكثر إشراقا من ذي قبل للعلاقات الصينية البرتغالية.
أولا، نحتاج لتعزيز التبادلات رفيعة المستوى وبناء صداقة تقوم على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة. وندعم التبادلات الدورية والاتصال بخصوص السياسات بين حكومتينا وبرلمانينا وأحزابنا السياسية. وعلينا دائما أن يمنح كل طرف منا الطرف الآخر الفهم والاحترام في شؤون تخص المصالح الجوهرية والشواغل الكبرى من أجل تقديم دعم سياسي قوي للتنمية المستدامة للعلاقات الثنائية. وتأمل الصين وتثق بأن البرتغال ستواصل القيام بدور إيجابي في الاتحاد الأوروبي وستسهم في بناء شراكات بين الصين والاتحاد الأوروبي من أجل السلام والنمو والإصلاح والحضارة.
ثانيا، نحتاج لأن ندفع معا مبادرة الحزام والطريق قدما ونبني شراكة من أجل التنمية المشتركة. ونظرا لوقوع البرتغال عند ملتقى هام لطريقي الحرير البري والبحري معا، فإن بلدينا في موضع طبيعي للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق. علينا استغلال الفرص التي تقدمها المبادرة لتوسيع وتعزيز التعاون في المشروعات القائمة والاستفادة جيدا من معرض الصين الدولي للواردات ومنصات أخرى لزيادة التجارة ثنائية الاتجاه واستكشاف المزيد من فرص التعاون في تنمية الموانئ والسيارات والطاقة الجديدة والمالية ومجالات أخرى، وتكثيف التعاون مع أطراف ثالثة سعيا لتحقيق منفعة متبادلة على نطاق أوسع.
ثالثا، نحتاج للمضي قدما بالصداقة التقليدية قدما عبر تعميق التبادلات الشعبية. وكما تم الاتفاق عليه، سنعقد مهرجانات ثقافية كل منا في بلد الآخر العام المقبل وسنعزز التعاون في المعارض والأنشطة الثقافية والسينما والإعلام. ونحتاج لتعميق التعاون في تعليم اللغات وزيادة عدد الدارسين من كل بلد منا في البلد الآخر. وسنواصل دعم التعاون بين خطوطنا الجوية سعيا لتيسير تبادلات الأفراد.
رابعا، نحتاج لأن نقود مسيرة نمو الاقتصاد الأزرق عبر تعزيز التعاون البحري. ولدى البرتغال المعروفة بتقليد الاستكشاف البحري، ثقافة بحرية عريقة وخبرة ثرية في استكشاف الموارد البحرية. كما نحتاج لتعزيز شراكتنا الزرقاء وتيسير التعاون في البحث البحري وتنمية المحيطات وحمايتها ولوجستيات الموانئ ومجالات أخرى ،وتنمية الاقتصاد الأزرق معا للاستفادة على نحو أفضل من المحيط الشاسع من أجل منفعة أجيالنا المستقبلية.
خامسا، نحتاج لبناء ودعم نظام دولي عبر تعزيز التنسيق متعدد الأطراف. وتتشارك الصين والبرتغال نفس المواقف أو مواقف متماثلة من الكثير من القضايا الدولية والإقليمية الكبرى. والصين مستعدة لتكثيف الاتصال والتنسيق والاتصال مع البرتغال في إطار الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وأطر أخرى حول قضايا مثل الحوكمة العالمية وتغير المناخ وإصلاح مجلس الأمن. ومن المهم أن ندعم قيمنا المشتركة للانفتاح والتعاون وندعم التعددية وحرية التجارة ونسهم بشكل مشترك في السلام والاستقرار والازدهار في العالم.
إن البرتغال آخر محطات جولتي التي نقلتني عبر قارة أوراسيا والمحيط الأطلنطي إلى مقاصد في أوروبا وأمريكا اللاتينية وإلى بوينس أيرس للمشاركة في قمة مجموعة العشرين. وإن أشد ما أثار إعجابي خلال هذه الزيارة هو الدعوة الدولية القوية للالتزام الثابت بالتعددية والحوكمة العالمية الأكثر فعالية في مواكبة الزمن، والتطلعات الحماسية لشعوب العالم للسلام والهدوء والتنمية والتقدم وحياة أسعد. وفي مواجهة الصعاب والتحديات في عالم اليوم ،مازالت الصين مؤمنة بأن الاحترام المتبادل والمشاورات المتكافئة والتنمية السلمية والتعاون المربح للجميع هي السبيل الوحيد للسلام والاستقرار الدائمين في العالم وللتنمية المشتركة للبشرية.
إن العلاقات بين الصين والبرتغال أقوى مما كانت عليه في السابق. والتعاون الصيني البرتغالي يبشر بآفاق واسعة. ونؤمن بشدة أنه بفضل الجهود المشتركة للجانبين، ستستجمع العلاقات الصينية البرتغالية في العصر الجديد السرعة الكاملة وستبحر باتجاه مستقبل أكثر إشراقا وستحقق منافع أكبر لشعبينا وستسهم بالمزيد في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.