وليد عبدالله
في اطار الدفع ببناء مبادرة الحزام والطريق، ودعم الترابط بين الدول الواقعة على مسار المبادرة عبر شبكات البنية التحتية، بدأت الصين خلال السنوات الأخيرة، بناء شبكة من خطوط النقل الحديدي تصلها بالقارة الأوروبية، وتمر عبر المنطقة الأوراسية. حيث أطلقت في عام 2013 قطار الشحن الصين – أوروبا، والذي يربط بين 48 مدينة صينية، و44 ومدينة من 15 دولة أوروبية الى حد أكتوبر 2018.
تتكون شبكة قطار الصين أوروبا من 3 خطوط رئيسية، الخط الشمالي، الذي تصل مدة رحتله إلى 22 يوما، والخط الأوسط الذي تبلغ مدة رحلته 13يوما، والخط الجنوبي الذي تصل مدّة رحلته 15يوما. وإلى غاية أغسطس 2018، تجاوز عدد رحلات قطار الشحن الصين – أوروبا 10 آلاف رحلة منذ اطلاقه في عام 2011.
يرى الخبراء بأن قطار الشحن الصين- أوروبا، قد جعل الشحن الدولي على متن القطارات يتحول إلى نموذج نقل جديد ينافس الشحن البحري والجوي. وبالمقارنة مع باخرات البضائع التي تقطع 24 ألف كم بين الصين وأوروبا عبر قناة السويس، فإن الخط الحديدي البري قد اقتصر المسافة إلى 11 ألف كم فقط. وتشير البيانات ذات الصلة، إلى أن قيمة البضائع المشحونة عبر القطار من الصين إلى أوروبا قد نمت بـ 144% خلال عام 2017 بالمقارنة مع عام 2016.
ويشهد الشحن عبر القطارات اقبالا متزايدا من العديد من الشركات الصينية والأوروبية، نظرا لتنافسيته العالية بالمقارنة مع الشحن البحري والجوي. حيث تصل كلفة الشحن عبر القطارات إلى 50% فقط من كلفة الشحن الجوي، كما تصل مدة النقل إلى 45% و50% من مدة النقل البحري. إذ يصل قطار الشحن الصين – أوروبا إلى موسكو و وارسو في 12 يوما، وهامبورغ الألمانية في 14 يوما، ولندن في 16 يوما، وبروكسل في 12 يوما. في هذا السياق، يرى الخبير في مجال الحلول اللوجيستية، نادر شحروري، لصحيفة الشعب اليومية أونلاين بأن قطار الشحن الصين-أوروبا، يمثل حلّا وسطا بين النقل الجوي والنقل البحري، حيث يعدّ أقل كلفة من الطائرة وأسرع من الباخرة، مايتيح مزيدا من الخيارات بالنسبة للشركات.
أول رحلة لقطار الشحن ايوو-لندن تصل العاصمة البريطانية في 18 يناير 2017
في ذات الصدد، قال موقع مجلة فوربس الأمريكية، أن الشحن الحديدي يشهد ترحيبا كبيرا من الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مجال الصناعات الإلكترونية، حيث تفطنت هذه الشركات منذ البداية إلى أن نقل منتجاتها بحرا، سيكلفها نفقات إضافية لإعادة نقلها مجددا نحو مدن الداخل الصيني. إذ غالبا ماتخرج قطارات الشحن الصين - أوروبا من المناطق الصناعية والتكنولوجية في الجانبين. مثل تشونغ تشينغ، تشنغدو وتشنغ تشو في الصين ودوسبيرغ وهامبورغ ووارسو في أوروبا. حيث تخرج الحاويات محمّلة بالسلع الإلكترونية عالية القيمة المضافة وثقيلة الوزن والمكنات، وهي سلع يرغب الزبون في الحصول عليها بشكل مباشر وفي أسرع وقت ممكن. ماجعل الشحن عبر قطار الصين - أوروبا يصبح خيارا مثاليا بالنسبة لهذه الشركات، على حد قول فوربس.
من جهته، يرى شحروري، أن قطار الشحن الصين –أوروبا، سيساعد على حل معضلة نقل العديد من البضائع التي تحتاج إلى معاملة خاصة، مثل المواد الخطرة والمواشي، حيث يمر القطار أثناء رحلته بالعديد من المحطّات، ويمكنه الحصول على الدعم اللوجيستي والمراقبة المستمرة.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه تنافسية الشحن عبر القطارات بين الصين وأوروبا، يرى محللّون بأن الشحن الحديدي العابر للقارات، سيكون مكمّلا لمنظمة الشحن الدولية لا بديلا لها، خاصة على مستوى الخيارات المتاحة أمام الشركات، إلى جانب ربط الدول غير المطلّة على البحر.
ويقول شحروري الذي سبق له أن ساعد عدة شركات في الشحن عبر قطار الصين- أوروبا، أن القطار يعد أكثر إنتظاما في الرحلات، ويوفر للشركات خدمات تتبع الحاويات. كما أنه يمثل بديلا فعّالا للتجارة على مسار الحزام والطريق، في حال حدوث أزمات في مضائق التجارة الدولية.