تحوم بعض الشكوك والمخاوف في الحكم على الاقتصاد الصيني في ظل تصاعد الاحتكاك التجاري بين الصين والولايات المتحدة وظهور التناقضات الهيكلية في عملية التنمية الاقتصادية.
مراقبة الاقتصاد الصيني بمثابة الكشف عن صحة جسم الإنسان، لا يمكن النظر الى المظهر واجزاء من الجسم فقط، وإنما يجب فحص حجم وجودة الجسم. وقبل كل شيء، يتمثل الجسم القوي في اللياقة البدنية الأفضل. وسواء كان الاتجاه الاقتصادي صحي أو لا، فإنه لا يعتمد على ما إذا كان النمو سريعا أم لا، والمفتاح هو أن نرى أن العملية مستقرة وغير مستقرة.
بلغ معدل النمو الاقتصادي في الصين في النصف الأول من العام الى 6.8 ٪، وحافظت العملية على الاستقرار بين 6.7 ٪ إلى 6.9 ٪ لمدة 12 ربع متتالية، ونطاق التذبذب هو 0.2 نقطة مئوية فقط. وأن هذا التقلب الضيق، تم تحقيقه على أساس إجمالي الناتج الاقتصادي للصين الذي تجاوز 80 تريليون يوان، يمكن ملاحظة أن قاعدة التنمية الاقتصادية في الصين مستقرة.
وأكثر من ذلك، تم الانتهاء من 90 ٪ من المهام المستهدفة السنوية للتوظيف الجديد في المدن والبلدات الصينية في الأشهر الثمانية الأولى، وارتفعت أسعار المستهلك بشكل متواضع، وظلت احتياطيات النقد الأجنبي فوق 3 تريليون دولار، وتعمل جميع مؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي ضمن نطاق معقول. ويمكن القول ان قاعدة تنمية الاقتصاد الصيني متينة جدا.
كما ينبغي فحص الجسم الجيد من حيث قدرة عضلاته وصلابة عظامه، وما إذا كانت القوة الجسدية تفي بالمعايير المقابلة. ويدخل الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم في وضع طبيعي جديد، بالمقارنة مع التوسع المستمر لحجم الاقتصاد، تعد الجودة والهيكل والفوائد عوامل مرجعية أكثر أهمية للحكم على الصحة.
منذ بداية هذا العام، استمر معدل نمو استثمارات البنية التحتية في الصين في التباطؤ، وانخفضت اسعار المنازل على اساس سنوي في المدن من الدرجة الاولى. ويرتبط ذلك بمرحلة التطور التي تمر بها الصين، وبمبادرتها لمنع المخاطر النظامية، وهو نتيجة ايجابية بعد القيام بتعديل الهيكل، وتشجيع التحول. وما يحتاج الاهتمام به هو في الوقت الذي يشهد فيه معدل نمو الاستثمار في البنية التحتية انخفاضا، يستمر معدل نمو الاستثمار الصناعي والاستثمار الخاص في الارتفاع، خاصة معدل نمو الاستثمار في الصناعات ذات التقنية العالية، ما يعني تسارع نمو القدرة الانتاجية المتقدمة، وخروج القدرة الانتاجية القديمة، ما يدل على ان الهيكل الاقتصادي للصين في أجمل اوضاعها واكثرها اناقة.
بالنظر إلى الطلب، السوق مزدهر. في الوقت الذي يشهد فيه اجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية نموا مطردا، يتنامى استهلاك قطاع الخدمات مثل التعليم والثقافة والرياضة وغيرها من الخدمات المتجاهلة في الاحصاءات بشكل متفاجئ. وفي النصف الأول من العام، بلغ معدل مساهمة الإنفاق الاستهلاكي النهائي في النمو الاقتصادي 78.5٪، أصبح دور الطلب المحلي في دفع النمو الاقتصادي أكثر وضوحا. وفي ظل استمرار توسع المجموعة المتوسطة الدخل، سيستمر الطلب على ترقية الاستهلاك، ما يعني ايضا أن لاستقرار في النمو الاقتصادي للصين سيتعزز أكثر.
وبالنظر إلى القوة الدافعة، إن الابتكار ذو قوة التنمية الكبيرة. تجاوز عدد الكائنين في السوق الصينية 100 مليون، وتساهم الطاقة الحركية الجديدة بأكثر من الثلث في النمو الاقتصادي، واقترب نطاق إدارة رأس المال الاستثماري لريادة الأعمال من 2 تريليون يوان، لتصبح ثاني أكبر سوق لرأس المال الاستثماري لريادة الأعمال في العالم. وفي ظل تحقيق الابتكار وريادة الاعمال التنمية "من الجزئي الى الكلي" ومن " الظاهرة الى الآلية"، فإن للتطوير عالي الجودة فضاء أوسع، وهذه العوامل الديناميكية هي "النقاط الإضافية" للاستقرار الاقتصادي أيضا.
وبالنظر الى الأوراق النهائية، إن الخبرة والوسائل الصينية غنية. ومن خلال السنوات الاربعين للإصلاح والانفتاح، نجحت الصين في الاستجابة للأزمة المالية الآسيوية، وسلسلة من الصدمات الخارجية الكبرى مثل الأزمة المالية الدولية.
في كل مرة، وتراكمت الاستجابة الهادئة الكثير من الخبرة المفيدة، ما ساعد الصين على مواجهة جميع أنواع المخاطر التي تواجه المخاطر والتغلب عليها في نهاية المطاف. وأظهرت نتائج الربع الثالث من عام 2018 الصادر عن البنك المركزي: مؤشر ثقة رجال الاعمال 71.1 ٪، بزيادة قدرها 2.4 نقطة مئوية عن نفس الفترة من العام الماضي. إن ثقة الشركات واستقرار توقعات السوق أفضل "حجر الصابورة" للعمالقة الاقتصادية في الصين.
العملية الاقتصادية لم تكن أبدا في سباق مئة متر، هي محاربة للسرعة ومراقب للمرحلة فقط. وهي اشبه بالماراثون أكثر، اختبار قدرة التحمل الجسمي والنفسي. وطالما أن الصين تتمسك بالاستقرار في التحولات التاريخية، وبالتقدم في الاستقرار، وبالاختراقات في التقدم، من المؤكد للسفينة الاقتصادية الصينية أن تسير بعيدا ومستقرا في أمواج التاريخ.