بكين 14 أكتوبر 2018/ قبل شهرين فقط من حديث مايكل بينس، نائب الرئيس الأمريكي، في الرابع من أكتوبر الحالي، حول سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الصين، أعلنت شركة القهوة الأمريكية العملاقة ((ستاربوكس)) مشاركتها مع عملاق سلسلة مبيعات التجارة الإلكترونية في الصين ((علي بابا))، لتعزيز التعاون لإيصال طلبات القهوة، بهدف تقوية مبيعات ((ستاربوكس)) في الصين.
للأسف، إن قصة نجاح ((ستاربوكس))، وهي قصة تروي حقيقة التعاون المتبادل المنفعة بين الصين والولايات المتحدة، قد غابت بعيدا من ذاكرة بعض السياسيين في إدارة ترامب، التي تزعم هذه الأيام أنها المتبرع العطوف المتضررة مصالحه.
وفي حديثه خلال لقاء مركز خبرات في واشنطن، كرر بينس مزاعم الإدارة الأمريكية بأنه "لقد أعدنا بناء الصين"، وأكد على "أن أمريكا قد وافقت على منح بكين مدخلا مفتوحا لاقتصادنا، ونحن من جلب الصين إلى منظمة التجارة العالمية."
لقد كان حديثه هذا متناغما مع تلك الصيغة المبتذلة القائلة بأن نجاح الصين، هو نتيجة ما يزعم بالتضحية بالمصالح الأمريكية. وأكد هذا الحديث مرة أخرى، طريقة تفكير ترامب المتقوقعة على الذات، وتقديمه "أمريكا أولا".
إن الذي تفادى بينس ذكره هو أنه بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، وافقت الصين على فتح أسواقها أمام الولايات المتحدة بأوسع الأبواب والعمق. ووفقا لإحصاءات من الأمم المتحدة، فقد زادت صادرات الولايات المتحدة إلى الصين بـ577% من 2001 وحتى 2017، أي أعلى بكثير من معدل نمو بلغ 112% لإجمالي صادرات الولايات المتحدة.
إضافة لهذا، استفادت المؤسسات الأمريكية بشكل هائل من السوق الصينية. فعلى سبيل المثال، احتلت منتجات ((جنرال موتورز)) الأمريكية في الصين، 40% من إنتاجها في العالم، واحتلت قيمة مبيعات الرقائق ورسوم براءات الإختراع لشركة ((كوالكوم)) الأمريكية في الصين، 57% من إجمالي عوائدها.
وما يدعو للأسف حقا، أن هذه الحقائق التي لا يمكن دحضها، قد تم تجاهلها عمدا من قبل نائب الرئيس الأمريكي.
ومما لا شك فيه، فإن نجاح الصين لم يكن بالإمكان تحقيقه لولا التعاون المتبادل المنفعة مع الدول الأخرى في العالم، الذي تلعب فيه الولايات المتحدة دورا هاما. ورغم ذلك، فهذا لا يعني أن صادرات الصين تذهب لأسواق الولايات المتحدة وحدها، أو أن التنمية الاقتصادية في الصين تعتمد على الاستثمار الأمريكي وحده.
في الحقيقة، إن النجاح الصيني يعتمد على الجهود الدؤوبة للشعب الصيني، وليس على العجز الاقتصادي الأمريكي، ويعتمد على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية التي اختارها الشعب الصيني، وليس على بعض النماذج الوهمية التي يروج لها بعض الساسة الأمريكيين.
ومنذ أن بدأت الصين مسيرتها الملحمية في الإصلاح والانفتاح قبل 40 عاما، نفض نحو 700 مليون صيني عنهم غبار الفقر. ومع تحقيق معدل نمو سنوي لإجمالي الناتج المحلي بلغ أكثر من 9% من 1989 وحتى 2018، أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
وهذه المعجزة تم تسهيلها بفضل التزام الصين الثابت بفتح أبوابها أمام العالم أجمع، والتعلم من التجارب النافعة والمنجزات الباهرة لكل الدول الأخرى.
وحتى الآن، عززت الصين شراكاتها التجارية مع أكثر من 230 بلدا ومنطقة، وأصبحت أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 منهم.
وبالتطلع قدما نحو المستقبل، من المؤكد أن يسهم تعاون الصين وترابطها مع العالم الخارجي، بتحقيق المزيد من المنافع ليس للصين وحدها، بل للعالم أجمع.