غزة 14 مايو 2018/ تحولت تظاهرات تحت اسم "مليونية العودة" على أطراف شرق قطاع غزة إلى يوم دام قتل فيه 55 فلسطينيا في أكبر مواجهات حدة مع الجيش الإسرائيلي.
وجاءت مواجهات اليوم في الذكرى السبعين ليوم النكبة الفلسطينية وللاحتجاج على نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس التي تم تدشينها رسميا اليوم.
وقال وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش خلال مؤتمر صحفي عقده في مجمع الشفاء الطبي "بلغت حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية 55 شهيدا بينهم سبعة أطفال ومسعف".
وأضاف أبو الريش "بلغ عدد المصابين 2770 متظاهرا بينهم أكثر من 1200 بالرصاص الحي ووصفت حالة أكثر منهم 54 بأنها حرجة جدا و67 حالة بانها خطيرة".
ورفع ذلك إجمالي القتلى الفلسطينيين إلى 104 منذ بدء مسيرات العودة على أطراف قطاع غزة في 30 مارس الماضي.
وجرى اليوم توسيع دائرة المواجهات مع الجيش الإسرائيلي لتشمل نحو 20 نقطة بعد أن كانت تقتصر في السابق على خمسة محاور رئيسية.
وظلت سيارات الإسعاف على مدار الساعة تعمل على إخلاء قتلى وجرحى في مناطق المواجهات وسط مشاركة مئات المتطوعين.
وأمام كثافة أعداد الجرحى تطوعت سيارات خاصة لنقل الجرحى إلى المستشفيات الحكومية التي عملت الأطقم الطبية فيها تحت ضغط شديد على مدار ساعات النهار.
وانتشرت صورا لجرحى يفترشون الأرض في أقسام الطوارئ فيما دمائهم تنزف بشدة.
وأطلقت وزارة الصحة في غزة دعوات للمواطنين للتوجه العاجل إلى جمعيات بنوك الدم في محافظات قطاع غزة للتبرع بالدم لإنقاذ حياة الجرحى في المستشفيات.
ويعتبر اليوم ذروة فعاليات مسيرات العودة التي تستهدف المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة مدنهم خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.
ومنذ ساعات صباح اليوم توافد مئات الآلاف من الفلسطينيين، من بينهم شيوخ ونساء وأطفال إلى منطقة الشريط الحدودي مع إسرائيل شرق وشمال القطاع، تلبية لدعوة الهيئة الوطنية العليا للعودة وكسر الحصار للمشاركة في المسيرة الكبرى.
وتقدم العديد من المتظاهرين باتجاه الشريط المذكور وعلى مسافات قريبة جدا من قوات الجيش الإسرائيلي المرابطة خلف الحدود فوق تلال وأحصنة عسكرية.
ورددوا المتظاهرون الهتافات المنددة بإسرائيل والحصار على قطاع غزة، والاهازيج الوطنية، وأطلقوا الطائرات الورقية، واشعلوا إطارات السيارات.
وظل شبان يرشقون الحجارة بعضهم مسلح بالمقاليع باتجاه القوات الإسرائيلية فيما أحرق آخرون إطارات سيارات وأطلقوا طائرات ورقية تحمل ذيول حارقة.
واخترق الشبان في عديد المناسبات السياج الفاصل بعد أن عطلوا السلك الشائك قبل أن يعودوا مسرعين في كل مرة بفعل الإطلاق المكثف للرصاص الحي من القوات الإسرائيلية باتجاههم.
في المقابل أطلقت قوات الجيش وابلا من الرصاص الحي والمطاط وقنابل الغاز بكثافة شديدة من الطائرات والجيبات العسكرية والمواقع المنتشرة على طول الشريط وقذائف المدفعية.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي ينشط في غزة إن المسيرات التزمت الطابع السلمي بالكامل ولم تشهد أي مظاهر مسلحة، على الرغم من حالة الغضب العارمة والاندفاع في صفوف المتظاهرين الذين توافدوا بمئات الآلاف.
واتهم المركز الحقوقي الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، ودعا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق رسمي في هذه الممارسات وصولا إلى ملاحقة ومحاسبة كل من تورط في إصدار القرارات بالمستوى السياسي والأمني ومن نفذها.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية إلى إضراب عام ويوم حداد غدا على ضحايا اليوم في كل الأراضي الفلسطينية.
من جهتها دعت اللجنة التنسيقية لمسيرات العودة وكسر الحصار في غزة إلى استمرار الحراك الشعبي على أطراف قطاع غزة بشكل يومي حتى تحقيق العودة.
واعتبر منسق عام اللجنة القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش خلال مؤتمر صحفي في مخيم العودة شرق غزة أن تظاهرات اليوم نجحت في تأكيد موقف فلسطيني يرفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ويتمسك بحق العودة.
وذكر البطش أن "القمع" الإسرائيلي لمسيرات العودة لن تنجح في وقفها وستتواصل التظاهرات الشعبية لتصل ذروتها في الخامس من الشهر المقبل الذي يصادف يوم النكسة الفلسطينية.
بدوره هدد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خليل الحية خلال مؤتمر صحفي شرق غزة، بأن "صبر فصائل المقاومة لن يطول على هذا الجرم الإسرائيلي".
ودعا الحية إلى انتفاضة شعبية عارمة في الدول العربية والإسلامية ردا على "الجرائم" الإسرائيلية بحق المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وكان أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نشر 11 كتيبة عسكرية من قواته على الحدود مع قطاع غزة، أي أكثر من عدد القوات التي تعمل غالبا، وذلك استعدادا للتظاهرات المتوقعة.
وألقت طائرات إسرائيلية الليلة الماضية وصباح اليوم مناشير مكتوبة على أطراف وفي خيام العودة المقامة قرب الحدود تحذر الفلسطينيين من الاقتراب من المنطقة الحدودية.
وكانت انطلقت مسيرة العودة بالتزامن مع حلول "يوم الأرض" الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى مقتل ستة فلسطينيين داخل الخط الأخضر برصاص الشرطة الإسرائيلية خلال مظاهرات عام 1976 احتجاجا على مصادرة الحكومة لأراضي في شمال إسرائيل.
ويقوم على مسيرات العودة لجنة تنسيقية تضم فصائل فلسطينية وجهات حقوقية وأهلية تحت اسم الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار.
وتتهم إسرائيل حركة "حماس" التي تسيطر على القطاع بالقوة منذ منتصف عام 2007 بالوقوف خلف مسيرات العودة والتظاهرات لارتكاب اعمال عنف.