هافانا 10 فبراير 2018 /من المقرر أن يختتم معرض هافانا الدولي للكتاب يوم الأحد. ولكن مشاركة الصين كضيف شرف تركت انطباعا كبيرا لدى الكوبيين الذين زاروا جناحها للتعرف على آدابها الكلاسيكية والمعاصرة وتقاليدها.
وقد أعرب بعض الأهالي عن خالص تقديرهم لما جلبه وفد من 60 دار نشر صينية من آلاف الكتب المكتوبة بالصينية والإنجليزية والأسبانية، فيما اصطفت آخرون في طوابير طويلة أمام المتطوعين لكتابة أسمائهم أو تواريخ ميلادهم بالرموز الصينية.
في الأيام القليلة الأولى، بيعت بالفعل معظم كتب المؤلفين الصينيين، وخاصة الروايات والقصص القصيرة، والذين زاروا المعرض بعد ذلك أصيبوا بخيبة أمل لنفاد مثل هذه الكتب.
كما عجز البعض عن شراء نسخ من لوحات صينية تقليدية مطبوعة على ورق الأرز نظرا لنفادها خلال الأيام الأولى بعد فتح المعرض أمام الجماهير يوم 2 فبراير.
ووسط هذا الحدث الذي لاقى إقبالا كبيرا من الجماهير، كشفت نظرة ثاقبة وطويلة ألقاها رجل مسن على الكتب الكوبية المترجمة إلى الصينية عن جوهر التبادلات الثقافية.
فقد وجد الكاتب الكوبي لويس توليدو، الذي كتب سيرة ذاتية للبطل الوطني للجزيرة خوسيه مارتي (1853- 1895)، كتابه مترجما إلى الصينية.
"جئت للمعرض لأنني مهتم بأن أجد مختارات أدبية جيدة ومجموعة مختارة من الروائيين والشعراء والكتاب المسرحيين الجدد الصينيين. ولكن ما فاجئني وأدهشنى هو أن أري كتابي عن السيرة الذاتية لمارتي وقد ترجم إلى الصينية"، هكذا قال توليدو لوكالة أنباء ((شينخوا)).
قبل عدة سنوات، زار الكاتب الكاريبي بكين ليقدم هذا الكتاب ولكنه لم يتوقع قط أن يرى في هافانا عمله وقد ترجم إلى اللغة الصينية.
وأضاف "هذا هو أفضل شيء في هذا الحدث وعلينا أن نحافظ عليه كمكان حقيقي للقاءات الثقافية. فلقد وسع شعبنا هذا العام معرفته بالثقافة الصينية التي أصبحت بالنسبة للكثيرين اكتشافا مدهشا".
وأعربت عن نفس الرأى لـ((شينخوا)) مارينا لي التي يحمل هذا الحدث الأدبي بالنسبة لها معنى خاصا. وقالت "بصفتى من أصل صيني، يبدو الأمر لي كما لو كنت أري ذكرى والدى ماثلة أمامي. فالكتب كلها جيدة جدا وقد قدم المنظمون مجموعة كبيرة من الكتب التي تعطينا منظورا شاملا للصين".
وبالنسبة لمارينا لي، كانت نوعية الكتب المعروضة غير عادية، رغم أنها كانت في بعض الأحيان مكلفة بعض الشئ بالنسبة للقدرة الاقتصادية للكوبي من الطبقة المتوسطة.
وفي إطار مشاركتهم ذات النوايا الحسنة في المعرض، اتفق الناشرون الصينيون على خفض أسعار الكتب، آخذين في الاعتبار الوضع الاقتصادي بالجزيرة.
وحتى يوم السبت، بيعت تقريبا جميع الكتب المكتوبة بالأسبانية. ولم يتبق من الأكثر من 7 آلاف كتاب التي شارك بها الوفد الصيني في المعرض سوى عدد قليل من الكتب المكتوبة بالإنجليزية والصينية.
وذكر يوي شين، وهو أحد المتطوعين في الجناح الصيني، لـ((شينخوا)) أن الكتب الأكثر مبيعا ضمت الكتب المتعلقة بتعليم اللغة الصينية، وفنون الدفاع عن النفس، والثقافة، وفلسفة كونفوشيوس ومنشيوس، ورياضة التايتشي، وكتب أخرى متعلقة بالصحة مثل الطب الصيني التقليدي.
وتابع يوي قائلا إن الكوبيين كثيرا ما يطلبون كتبا حول الرئيس الصيني شي جين بينغ، وخاصة مجلدي كتاب "شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة في الصين".
ولفت أحد المشاركين في المعرض ويدعى رولاندو رودريغيز في حديثه لـ((شينخوا)) إلى أن "توسعا حدث في معرفة الثقافة الصينية بكوبا في السنوات الأخيرة. ولكن لا يزال هنا الكثير الذي يجب معرفته، وأثناء معرفتنا المزيد عن ثقافتهم التقليدية والحديثة، سينمو الفهم المتبادل".
وأعرب مصمم الجرافيك الكوبي الشاب عن اعتقاده بأن دور النشر الصينية قدمت عينة صغيرة من الأعمال ولكن مشاركة بكين ستنمو لتلبية الاهتمامات الأكثر تنوعا.
وقال رودريغيز "لم أقترب من الأدب الصيني من قبل ولقد أعجبت بكل ما رأيته".
أما دانييلا غريغوري الطالبة بمعهد كونفوشيوس بهافانا فتمنت أن تقدم الصين في الدورات المقبلة للمعرض كتب شعر باللغتين الصينية والأسبانية.
وقد شاطرها هذه الأمنية آخرون، أعربوا عن تمنياتهم بأن تمثل دورة المعرض هذا العام بداية لتعاون أدبي أكثر دينامية وشمولا.
وذكر آلان فرنانديز (10 سنوات) "لقد أحببت حقا كتابا عن دب الباندا ولكنني لم أفهم الكثير لأنه كان بالصينية. دب الباندا هو حيواني المفضل ولهذا أود زيارة الصين وأشاهد دب باندا حقيقيا".
تعد هذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها الصين لقب ضيف شرف معرض هافانا للكتاب وحدث ثقافي واسع النطاق في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وقد زار وفد كبير يضم 220 مندوبا من 60 دار نشر صينية شهيرة، وكاتبا، ومثقفا الجزيرة من أول فبراير وتحاوروا مع زملائهم والجمهور الكوبي خلال هذا الحدث الأدبي الذي استمر عشرة أيام.