بكين 4 فبراير 2018 /قبيل جولته في أمريكا اللاتينية ، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون يوم الخميس إن مبدأ مونرو الأمريكي "حقق بكل وضوح نجاحا" وإنه "ذو صلة اليوم كما كان عليه في اليوم الذي كتب فيه" عام 1823.
فقد طرح هذا المبدأ أول مرة لدفع الأوروبيين بعيدا عن المنطقة قبل قرابة قرنين من الزمان. ومع تطبيق سياسة خارجية تدخلية كهذه، أخذت واشنطن رسميا تراقب فنائها الخلفي.
وفي عام 2013، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما أن عهد مبدأ مونرو قد ولى وتنبأ بعلاقات جديدة مع أمريكا اللاتينية تتسم بالتمتع بالحقوق على قدم المساواة. واليوم مع صدور تصريحات تيلرسون، تلمح إدارة ترامب إلى أنها تريد إحياء هذه السياسة الخارجية التي عفا عليها الزمن.
وخلال العام الماضي، لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعصا غليظة في وجه كوبا وفنزويلا . وتخلت حكومته عن عملية إعادة تقارب مع كوبا وأصدرت سلسلة من العقوبات ضد فنزويلا بهدف دفع تغيير الحكومة في البلاد.
وسعت الولايات المتحدة منذ صياغة المبدأ أول مرة إلى السيطرة على المنطقة والتلاعب بها من خلال تدخلات مباشرة وغير مباشرة وانتزاع الموارد والثروات الضخمة من بلدانها.
ولضمان سيطرتها المطلقة على القارة، قامت واشنطن على مدى القرنين الماضيين بمجموعة من التدخلات العسكرية في جمهورية الدومينيكان وغرينادا وبنما وكوبا وشيلي وغواتيمالا ونيكاراغوا وهايتي.
وقد لاحظ العديد من المؤرخين والنقاد أن كلمة "الأمريكيين" في عبارة" أمريكا للأمريكيين" تقتصر على "الولايات المتحدة".
إن اعتماد المنطقة المفرط على الولايات المتحدة لم يجلب لها الرخاء أو الأمن، وهذا يفسر سبب قرار المنطقة توسيع علاقاتها، الاقتصادية والسياسية على حد سواء، مع بلدان أخرى في العالم للحد من اعتمادية كهذه والسعي إلى تحقيق اندماج أكبر في المجتمع الدولي الأوسع نطاقا.
وأيضا في خطابه الذي ألقاه قبل ساعات من التوجه إلى المنطقة،حذر تيلرسون حكومات أمريكا اللاتينية من زحف الدول الأجنبية "المفترسة". وبالمثل، هدف مبدأ مونرو على مدى قرنين من الزمان إلى تجنب التدخلات من خارج القارة الأمريكية.
حتى أن تيلرسون وصف الصين وروسيا بـ"قوتين إمبرياليتين" في أمريكا اللاتينية. وتظهر مثل هذه التصريحات شديدة اللهجة أن البيت الأبيض تحت قيادة ترامب مازال يعتزم إبقاء أمريكا اللاتينية وبشكل صارم داخل نطاق نفوذه. وهذا أشبه بوضع لافتة كبيرة مكتوب عليها "ابتعد! أنا أملكها".
كما إن اتهامات تيلرسون للصين مثيرة للسخرية نظرا لكونها عقيمة وباطلة.
ولكن السياسات الصينية، التي تعزز التجارة الحرة والعولمة، بما فيها مبادرة الحزام والطريق، تتيح الآن بدائل مرحب بها بالنسبة لأمريكا اللاتينية .
فالصين تعد حاليا مشتريا دوليا رئيسيا للسلع السائبة لأمريكا اللاتينية وتستورد المزيد والمزيد من المنتجات الزراعية والمنتجات ذات القيمة المضافة من المنطقة. وإن استثمارات الصين في دول أمريكا اللاتينية وتعاونها المالي معها يتفقان تماما مع القواعد التجارية والقانون واللوائح المحلية.
وبينما تحاول بكين مساعدة شعوب أمريكا اللاتينية على تحقيق حلمهم في التنمية والرخاء، أصبحت واشنطن أكثر حمائية ضد المنطقة وتسعي إلى إحياء سياسة ولدت في عصر الاستعمار.
وبالنسبة لشعوب أمريكا اللاتينية وشعوب العالم، أصبح من الواضح بشكل متزايد من هي الدولة التي تعد حقا قوة إمبريالية.