بكين 16 ديسمبر 2017 / أكد مساعد وزير الخارجية الصيني تشن شياو دونغ أن القدس تنطوي على عوامل تاريخية ودينية وعرقية معقدة ووضعها لم يحدد بعد، لافتا إلى أنه لابد من حل هذه القضية من خلال مفاوضات الوضع النهائي بين الأطراف المعنية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والتوافق الدولي.
جاءت تصريحات تشن شياو دونغ خلال إحياء جامعة بكين ليوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني أمس الجمعة، حيث أشار خلال كلمة ألقاها خلال الفعالية إلى مقترح من أربع نقاط يهدف إلى دفع القضية الفلسطينية طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للصين في يوليو الماضي ويتمثل في دفع التسوية السياسية على أساس حل الدولتين،ودعم مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، ومواصلة تنسيق جهود المجتمع الدولي وتدعيم الجهود المنسقة من أجل إحلال السلام ، والتنفيذ الشامل للإجراءات ودفع السلام عبر التنمية.
كما ذكر السفير الفلسطيني لدى بكين فريز مهداوي أن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل يفاقم الوضع لأنه من خلال هذا الموقف "يكافئ المحتل بمنحه وعدا آخر مماثلا أو أسوأ من وعد بلفور"، مضيفا أن إسرائيل لا تتجاهل فقط العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وإنما تواصل توسيع مشروعها الاستعماري من خلال إجراءات مستمرة لضم أراضي فلسطينية، وهو ما سيقضى على إمكانية تحقيق حل الدولتين.
وأعرب فريز مهداوي عن شكره للصين لموقفها الثابت الداعم لفلسطين على جميع الأصعدة الدبلوماسية والسياسية بالإضافة إلى ما تقدمه للشعب الفلسطيني من مساعدات إنسانية منذ أكثر من 50 عاما.
ومن جانبه ذكر سفير الأردن ورئيس مجلس السفراء العرب لدى الصين يحيي القرالة أن قرار ترامب يمثل خرقا لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض لاغية وباطلة.
وقال "إننا نرفض هذا القرار الأمريكي الذي يزيد التوتر ويكرس الاحتلال ويستفز مشاعر المسلمين والمسيحيين على امتداد العالمين العربي والإسلامي "، مضيفا بقوله "سنواصل الجهود الدبلوماسية المكثفة إقليميا ودوليا وبتنسيق مكثف ومستمر مع كافة أطراف المجتمع الدولي ومؤسساته للدفع نحو جهد فاعل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي فيها".
ومن جانبه، قرأ مارك فان دون بوغارد رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني التي تقول إن "الأمين العام لا يزال مقتنعا بأن حل الدولتين هو نقطة الانطلاق الوحيدة لإقامة سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، لافتا إلى أن حل هذا الصراع سيعطى قوة دفع كبيرة لتحقيق مزيد من الاستقرار في أنحاء المنطقة.
وأكد الأمين العام مجددا استعداده للعمل مع جميع الأطراف صاحبة المصلحة بما في ذلك اللجنة الرباعية للشرق الأوسط وبلدان المنطقة لدعم عملية سياسية جادة ارتكازا على جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي والاتفاقات التي ستحقق حل الدولتين وإنهاء نصف قرن من الاحتلال وحل جميع قضايا الوضع النهائي.
كما قال المبعوث الصيني الخاص السابق لمنطقة الشرق الأوسط وو سي كه لدى تعليقه على قرار ترامب "إنه قرار غير مسؤول وأشبه بصب الزيت على النار" في ظل حالة الاضطراب التي تشهدها المنطقة، مضيفا أنه كان على ترامب في الوقت الحالي أن يفعل بدلا من ذلك شيئا مفيدا يساعد في التخفيف من حدة التوترات في المنطقة.
وأشار إلى أن هناك توافقا في مجلس الأمن الدولي حول قضية القدس يتمثل في أن حل هذه القضية لابد أن يتم ضمن مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، داعيا الدول العربية إلى تعزيز وحدة الصف العربي والدفاع عن حقهم معا في ضرورة تفعيل القرارات والاتفاقيات الدولية وحشد المزيد من الدعم الدولي إزاء ذلك.
وأوضح دينغ لونغ الأستاذ بجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية ببكين أن أمريكا بهذا القرار فقدت شرعيتها كوسيط أمين في عملية السلام بالشرق الأوسط لأنها انحازت للجانب الإسرائيلي الصهيوني، معربا عن اعتقاده بأن هذا القرار سيكون له تداعيات شديدة و"لكنه لم ولن يغير مكانة القدس الشريف وسيظل تأثيره رمزيا فقط".
وتابع قائلا إن هذا القرار لا يمكن أن يؤثر على عملية السلام في الشرق الأوسط ، وعزا ذلك إلى أنه لم تكن هناك عملية سلام جادة منذ فشل قمة كامب ديفيد تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في عام 2000، مضيفا أن "هناك موتا سريريا لعملية السلام وبالتالي لم تكن هناك عملية بالنسبة لترامب لقتلها أو إيقافها لأنها ليست قائمة في الأصل".
ودعا الشعب الفلسطيني إلى عدم فقدان الثقة بالمستقبل لأن لا أحد باستطاعته تغيير مكانة القدس في قلوب ملايين العرب والمسلمين ولأن أغلب دول العالم تدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني بما فيها الصين.
أما وانغ سوه لاو الخبير في قضايا الشرق الأوسط والأستاذ بمعهد بحوث آسيا وإفريقيا بكلية العلاقات الدولية في جامعة بكين، فقد عبر عن موقفه المعارض بكل تأكيد لقرار ترامب، قائلا إن معارضته هذه تنبثق في الأساس عن موقف الحكومة الصينية حيث طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مقترحا رئيسيا من أربع نقاط حول القضية الفلسطينية يؤكد دعم موقف الصين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية، كما التقى نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ يه سوي قبل أسبوع السفراء العرب لدى بكين وأكد لهم مجددا على موقف الصين الثابت تجاه هذه القضية.
وأضاف وانغ أن معارضته ترجع أيضا إلى تجربته الشخصية حيث عمل في مدينة القدس لمدة عام (2001 - 2002) كأستاذ زائر وشعر هناك بمدى معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال ، قائلا "أصدقائي العرب لهم المكانة الأولى في قلبي، واعتقد أن الرئيس الأمريكي ارتكب بقراره هذا خطأ كبيرا، فقضية القدس لابد أن تحل عبر المفاوضات في المستقبل".