توفي الشاعر التايواني الشهير يوي قوانغ تشونغ يوم أمس بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز الـ90 عاما.
ومن أجمل قصائده التي حازت شهرة كبيرة في تايوان والبر الرئيسي، قصيدة "شوق الغربة"، التي تعكس الآثار النفسية التي خلّفتها عزلة تايوان عن الوطن الأم في الجيل الأول بعد نهاية الحرب الأهلية.
وأنا طفل
شوق الغربة طابع بريدي
أنا في هذا الجانب
وأمي في ذاك الجانب
لما كبرت
شوق الغربة تذكرة سفينة صغيرة
أنا في هذا الجانب
وعروستي في ذاك الجانب
لاحقا...آه
شوق الغربة قبرا ضيقا
أنا في الخارج
وأمي بالداخل
أما الآن
شوق الغربة خليج بحري ضحل
أنا في هذا الجانب
والبرّ الرئيسي في ذاك الجانب
ماهو شوق الغربة؟ في تلك الأيام التي إنقطع فيها التواصل بين ضفتي مضيق تايوان، شوق الغربة هو حنين الأوراق الخضراء للجذور، وقفل قوي يحاصر الحنين.
لكن مع دخول القرن الجديد، شهد التبادل بين ضفتي مضيق تايوان تغيرا كبيرا، وبدأ الحنين إلى الوطن الأم يتلاشى شيئا فشيئا مع تسهيل الزيارات المتبادلة، في المقابل أخذت مشاكل جديدة في الظهور. إذ هناك بعض القوى داخل الجزيرة ترغب في دفع سفينة تايوان بعيدا عن شاطئ البر الرئيسي. ولا يتحدثون عن "الشوق إلى الوطن"، بقدرما يطرحون مطلب "الإستقلال". مثلا نُظر سابقا إلى "قانون الإستفتاء الشعبي" على أنه "قفص" و"أغلال". وفي 12 ديسمبر الحالي، تمت الموافقة على تعديل قانون الاستفتاء الشعبي في تايوان، ما أتاح خفض عتبة شروط تنظيم وتمرير الاستفتاءات الشعبية.
ويمكن التوقع بأن خيار الإستفتاء سيقوى أكثر في ظل حكم الحزب الديمقراطي التقدمي التايواني الذي يراهن على الشعبوية. لأن ذلك يمثل وسيلة سياسة سهلة للحشد السياسي.
في الثقافة السياسية للحزب الديمقراطي التقدمي التايواني، يمثل الإستفتاء وسيلة مهمة لتحقيق "الإستقلال" و"تأسيس الدولة". يُذكر أن تايوان قد أجرت 6 إستفتاءات شعبية، وفشلت جميع الاستفتاءات بسبب عدم بلوغ عدد المصوتين عتبة 50%. لكن، وفقا للعتبة الجديدة بعد تعديل قانون الإستفتاء الأخير، بات 4 منها تستجيب عتبة المرور الجديدة. واذا طُرح استفتاء جديد ذو صلة بموضوع هوية الدولة، ستدهور العلاقات بين المضيق. أما حديث تساي يينغ ون عن "المحافظة على الوضع الراهن" فيبدو أكثر فقدانا للمصداقية.
التعديل لقانون الاستفتاء الشعبي يفتح باب "الإستقلال". ورغم أن خطة التعديل تمنع إدخال "سيادة الأرض" و"تعديل الدستور" ضمن الاستفتاء الشعبي، لكن من السهل إيجاد مواضيع عامة تتعلق بسيادة الأرض وإنتاج"شرعية استقلال تايوان". الأمر الذي يعارضه البر الرئيسي، مثلما يعارض"الإستقلال الثقافي".
مع رحيل الجيل التايواني القديم شيئا فشيئا، تراجع مستوى التفاؤل بالروابط الثقافية بين الضفتين. كما بات من الصعب كبح نزعة "الإستقلال الثقافي" داخل الجزيرة.
في ثمانينات القرن الماضي، كتب الشاعر التايواني يوي قوانغ تشونغ رسالة إلى الشاعر ليوشاخه من البر الرئيسي، يقول فيها: "في بلاد الغربة، حينما أسمع صوت الصرصور، أظن أنني في سيتشوان." ويمتلك صوت الصرصور رمزية ثقافية بالنسبة لجميع الصينيين المتجذرين في الثقافة التقليدية.
لكن هناك بعض الساسة في تايوان قاموا برمي الثقافة التقليدية الصينية بعيدا.