بقلم د. محمد الأحمد، الباحث الاقتصادي والاستراتيجي
بدء العد التنازلى على اجتماع قادة قمة بريكس المقرر أن تعقد فى مدينة شيامن الصينية، فى سبتمبر المقبل، حيث تمثل هذه القمة منبراً هاماً للحوار والتعاون في مجالات عدة بين دولها الأعضاء وتسعى فى عقدها الثانى الذى يحمل عنوان "بريكس: شراكة أقوى لمستقبل أفضل" إلى بناء منصة أوسع للتعاون المفتوح وخلق وضع جديد للتنمية المشتركة بين أسواق الدول الناشئة والنامية.
وقد تم دعوة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لحضور اجتماع قادة قمة "بريكس" وبذلك تعتبر مصر أول دولة عربية تشارك فيها وهذا سيساهم فى توطيد علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة التى أعلنها البلدان أثناء زيارة الرئيس السيسى للصين عام 2014 وشهدت نمواً وتعزيزاً بزيارة الرئيس الصينى شى جين بينغ لمصر عام 2016" .
فى ظل تحقيق الصين ومصر لإنجازات كبيرة فى إطار مبادرة الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21 "الحزام والطريق"، ستقدم آلية بريكس التى تتمثل فى المنفعة المتبادلة والكسب المشترك وتتوافق مع هذه المبادرة من حيث الغرض والهدف، منصة تعاون جديدة بين البلدين".
كما وتهدف قمة بريكس الحالية لأن تكون آلية نموذجية للتعاون الدولى فى شتى المجالات وليست الاقتصادية والمالية والإنمائية فحسب، اذانها حققت نتائج مثمرة وإسهامات كبيرة فى نمو الاقتصاد العالمى.
كما أن قمة بريكس تعتبر نموذجاً للتعاون بين الدول النامية بجانب مبادرة الحزام والطريق، الذى سيمنح مزيداً من الفرص لإجراء تعاون معمق بين الصين وباقي دول المجموعة كما ستكون دلالة على الدور البارز الذى تضطلع به الصين فى الحوكمة الاقتصادية العالمية.
وننوه هنا الى أن مجموعة بريكس تشمل 5 دول الأسرع نموا اقتصاديا فى العالم وهي "البرازيل ، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا"، تأسست المجموعة عام 2006، أثناء منتدى بطرسبورج الاقتصادي وتبلغ مساحة دول المجموعة 26% من مساحة اليابسة كما ويشكل عدد سكانها 42% من مجموعة سكان العالمكما وتشغل 10.8% من حجم الإنفاق العسكري العالمي والطاقة المنتجة 40.2% من حجم إنتاج مصادر الطاقة العالمي أما حصة "بريكس" من حجم التبادل التجاري العالمي 16%.
ومن أهم أهداف بريكس هي كسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمى، وإصلاح مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، وتشجيع التعاون الاقتصادى والتجارى والسياسى بين دول المجموعة ويبلغ رأسمال مجموعة "بريكس" ما يقرب من 200 مليار دولار، مقسمة إلى 100 مليار دولار، كرأسمال بنك "بريكس" الدولي للتنمية، إضافة إلى 100 مليار دولار أخرى لصندوق الاحتياطي النقدي. تستهدف مجموعة "بريكس" خلق توازن دولي في العملية الاقتصادية، وإنهاء سياسة القطب الأحادي، وهيمنة الولايات المتحدة على السياسات المالية العالمية، وإيجاد بديل فعال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى جانب تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وجيوسياسي بين الدول الخمس المنضوية فى عضويته، وتنمية البنى التحتية في بلدان المجموعة، وتحقيق آليات مساهمة فعالة بين الدول الخمس فى وقت الأزمات والتدهورات الاقتصادية بدل اللجوء إلى المؤسسات الغربية، وإيجاد طريقة فعالة لمنح وتبادل القروض بين دول المجموعة بشكل لا يؤثر ولا يحدث أي خلل اقتصادي لأي من دول المجموعة رغم مساعدة الدولة المتضررة. إلى جانب تعزيز شبكة الأمان الاقتصادي العالمية بالنسبة لتلك البلدان وتجنيبها ضغوط الاقتراض من المؤسسات الغربية وتكبيلها بالفوائد.
وحتى الان حققت بريكس نتائج ملموسة على الصعيد الاقتصادي نذكر منها:
أ- تم توفير قروض آجلة وميسرة لبلدان العالم الثالث والدول النامية وبشروط ائتمانية باتت أكثر يسراً على بلدان العالم الثالث والدول النامية.
ب-تم تدويل العملات المحلية وإجراء تجارة بينية بعيدة عن الدولار الأمريكي فيما بينها.
ت-تم تقديم تسهيلات ائتمانية أفضل من تلك المفروضة من قبل البنك وصندوق النقد الدوليين.
ث- تم تسريع التكامل الاقتصادي بين الدول الخمس المنضوية في عضوية المجموعة.
ج- تم تحقيق معدلات نمو أسرع للبلدان المنضوية في عضوية المجموعة.
وعلى صعيد التعاون السياسي والعسكري بين دول البريكس فعلى الرغم أنه لم يصل الى مواقف موحدة، لكن دائما ما كانت تدعو الصين الى إقامة علاقات جيدة مبنية على السلام والاحترام والمنفعة المتبادلة مع عدم الانحياز اوالانسياق وراء الافكار التي يمكن ان تؤدي الى تنامي الصراعات بين الدول، وهذا ما اكده الرئيس شي جين بينغ خلال تأكيده على الحفاظ على العدالة على الساحة الدولية، والحفاظ على الوسائل السياسية والدبلوماسية لحل النزاعات في دول مثل ليبيا وسورية وشبه الجزيرة الكورية، كما وأكد على تعزيز الدبلوماسية على أساس توافق الآراء؛ وإدانة التدخلات العسكرية الأحادية الجانب والعقوبات الاقتصادية المفروضة على بعض البلدان ووضع معايير للقوانين الدولية التي يفرض من خلالها عقوبات على بلد ما ... وهذا لا يفيد شعوب البلدان الخمسة المكونة للبريكس فحسب، بل يسهم أيضا إسهاما هاما في صون السلم والاستقرار العالميين، وإكمال الحوكمة الاقتصادية العالمية، وتعزيز التنمية المشتركة لجميع البلدان.