خص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوضع في أفغانستان وجنوب آسيا بخطاب في 22 أغسطس الجاري. وهي المرة الأولى التي يخطب فيها ترامب حول قضية بالغة الأهمية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي منذ توليه السلطة. فكيف ستؤثر الإستراتيجية الأمريكية الجديدة على الوضع في أفغانستان؟
التمسك بساحة المعركة
قال ترامب في خطابه أنه على أمريكا مواصلة المعارك في أفغانستان، لتجنب النتائج "المتوقعة وغير المتوقعة" من الإنسحاب السريع للجيش الأمريكي. وأشار ترامب إلى أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لن تلتزم بجدول زمني مسبق، بل ستتطور وفقا للوقائع الميدانية.
"لن نعلن بشكل مسبق على توقيت إنهائنها للعمليات العسكرية، كما لن نعلن عن عدد عسكريينا في أفغانستان ومخططاتنا الحربية." وأضاف ترامب، أن أمريكا ستستعمل حزمة من الحلول، بمافي ذلك القنوات الدبلوماسية والإقتصادية والخيارات العسكرية، لدفع عملية تنفيذ الإستراتيجية الجديدة.
رغم الإدارة الأمريكية لم تفصح عن تفاصيل السياسة الجديدة، لكن موقع فوكس نيوز نقل عن مسؤول حكومي قوله بأن ترامب قد وافق على قرار لإرسال 4000 جندي إضافي لمساعدة الـ 8400 جندي المرابضين بأفغانستان حاليا.
في هذا الصدد يرى نائب رئيس مركز دراسات جنوب وشرق آسيا والمحيط الهادي التابع للمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة وانغ شيدا، إلى أن إدارة الرئيس أوباما كانت متراخية إلى حدما في إتخاذ الخيارات العسكرية، في حين يميل ترامب إلى هذا النوع من الخيارات، وهو ماقد يجعل الحل العسكري يتحول إلى أساس للإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه أفغانستان.
دخلت الحرب الدائرة في أفغانستان عامها الـ16، وتشير تقارير من قناة "سي آن بي سي " الأمريكية إلى أن خسائر أمريكا في أفغانستان قد ناهزت 714 مليار دولار، وأكثر من 2000 جندي قتيل.
حسابات مختلفة
يرى مدير مركز الدراسات الأفغانية بجامعة لانتشو تشو يونغ بياو أن الحكومة الأمركية لاترغب في كشف نيتها بالتخلي عن أفغانستان. لأن التخلي عن أفغانستان يعني الفشل، وإنسحاب الجيش الأمريكي سيترك فراغا تملؤه طالبان. وهو سيضر بسمعة أمريكا، ويضعها هي وحلفائها في موقع ضعف. من جهة أخرى، تمتلك أفغانستان موقعا جغرفيا إستثنائيا، حيث تحيط بها عدة دول ومناطق مهمة. لذا، فإن محافظة أمريكا على نفوذها في أفغانستان سيمكنها من المحافظة على قدرة التأثير في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وروسيا والصين.
"في الظاهر، تبدو الجهود الأمريكية في أفغانستان دون نتائج فعلية. لكن أمريكا تمكنت من إختبار منشآتها وتقنياتها العسكرية وسياسات مقاومة الإرهاب في ساحات الحرب. وهذا يكتسي قيمة عالية بالنسبة للجيش الأمريكي." يقول تشو يونغ بياو، ويضيف "في الحقيقة لقد أثار قرار ادارة أوباما بالإنسحاب من أفغانستان معارضة كبيرة داخل الأوساط العسكرية الأمريكية."
أظهرت آخر الأبحاث، أن أفغانستان تمتلك ثروات طبيعية بقيمة 3 تريليونات دولار. من بينها النحاس،الذهب، اليورانيوم ومختلف الوقود الأحفوري. في هذا الصدد قالت قناة "سي أن بي سي" أن هذه الموارد بإمكانها تعويض نفقات الحرب. وكان ترامب قد أبدى في وقت سابق إهتمامه بالموارد المنجمية الأفغانية، ويستعد البيت الأبيض لإرسال فريق مختص لإفغانستان لإستكشاف الموارد الباطنية في هذا البلد.
آمال ضئيلة
يتوقع تشو يونغ بياو بأن السياسة الأمريكية الجديدة تثير ردود فعل من طالبان، وكانت طالبان قد إشترطت إنسحاب الجيش الأمريكي كأساس مسبق للحوار مع الحكومة الأفغانية.
وذكرت صحيفة "الفيغارو" الفرنسية أن طالبان قد صرحت في تعليقها على خطاب ترامب في 22 أغسطس الجاري، بأن الجيش الأمريكي إذا لم ينسحب من أفغانستان، فإن أفغانستان ستكون مقبرة جديدة له.
"غير أن زيادة التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان سيسرع من عملية إبادة تنظيم داعش ويحقق مزيدا من النتائج الإيجابية في مقاومة الإرهاب"، يقول تشو يونغ بياو. في ذات السياق، يعتقد وانغ شيدا أن الوضع الداخلي في أفغانستان يخضع إلى تأثير العديد من العوامل المعقدة، ومن غير المتوقع أن يشهد منعرجا في المدى المنظور. كما يصعب على أفغانستان تحقيق إستقلال تام على المدى القريب في مجالات السياسة والإقتصاد والدبلوماسية والأمن.
من جهة أخرى، نقل موقع مجلة "فورين آفيرز" تحليلا لعالم السياسة بارنيت روبين، رأى فيه أن إستقرار أفغانستان يتناقض مع بقاء الجيش الأمريكي.