أدرجت جزيرة قولانغيو التي تقع قبالة سواحل مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان جنوبي الصين على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) كموقع ثقافي خلال انعقاد الدورة الحادية والأربعون للجنة التراث العالمي لليونسكو عقدت في بولندا يوم 8 يوليو الجاري، بعد نجاح موقع "تشينغهاي هوه شيل" الصيني في الإدراج على قائمة التراث الطبيعي العالمي، وبذلك يصبح للصين 52 موقعا مدرجا على قائمة التراث العالمي. وكيف يمكن حماية التراث العالمي ونقله إلى الأجيال القادمة؟ كيف يمكن حماية الذاكرة التاريخية والثقافية لمواجهة تغيرات البيئة الثقافية؟ بدأت قضايا مماثلة تشغل الرأي العام.
مرت المساعي الصينية بشأن طلب إدراج مواقعها في قائمة التراث العالمي بتغيرات مختلفة. في البداية، تطلعت الصين الى حماية التراث التاريخى وادراجه ضمن “التراث العالمي” كخطوة لاعتراف المجتمع الدولي به من خلال طلب إدراج المدينة المحرمة وسور الصين العظيم في قائمة التراث العالمي. وفي وقت لاحق، باتت الحكومات المحلية الصينية تهتم بقيمة الموقع التاريخي التجاري بعد إدراج قرية ليجيانغ ومنطقة تشانغجياجيه وغيرها من الأماكن التارخية الاخرى في قائمة التراث العالمي، حتى تستغلها كـ"شجرة التمويل"، ما أثارت انتقادات كثيرة.
وتتخذ"إتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي" "قيمة عامة استثنائية" كأساس رئيسي لاختيار التراث العالمي، وما ينبغي التفكير فيه، هو كيفية حماية هذه قيمة عامة استثنائية عابرة الحدود الوطنية لتفيد ألجيال الحاضرة والمستقبلة.
التراث العالمي ليس مجرد تراث لدولة واحدة فقط، وأنما ينتمي للبشرية جمعاء. لذلك، ينبغي أن يكون هناك آفاق واسعة لحماية التراث العالمي، لا يسعى الى مصالح تجارية مؤقتة، وأنما السعي لاستفادة الجيل الحاضر والمستقبل من هذا التراث الثمين، والسعي لحماية الهدايا التاريخية والطبيعية وعدم ضياعها من ايدينا. وجزيرة قولانغيو في الصين مثالا، يمكن رؤية مشاهد التبادل والدمج الواسع والعميق بين الثقافة الشرقية والثقافة الغربية في التاريخ على صعيد فن وتكنولوجيا البناء. وتعتبر هذه المشاهد جميلة ولكنها هشة ، ثمينة ولكنها تلفة، ما أدى الى المضي قدما نحو حماية الذاكرة التاريخية والثقافية، والسبب الجذري لإعداد مجموعة التراث العالمي.
حماية التراث الثقافي ليست أمرا بسيطا وسهلا. حيث تستند حماية التراث العالمي على مبدأ الأصالة المنصوص عليه في ميثاق البندقية الدولي المبرم سنة 1964، وهي مسؤولية عالمية. وفيما يتعلق بحماية التراث العالمي، لا يزال أمام الصين طريق طويل تسيره. أولا، حماية التراث الثقافي العالمي بالحاجة الى تطوير اجهزة وبرامج الحماية وليس تدمير طريقة الحياة الاصلية للمجتمعات المحلية. ولا يمكن تجزئة التراث الثقافي والبيئة الطبيعية، على خلاف ذلك، تختفي قيمة حفاظ التراث الثقافي.
وفي عصر الانترنت النقال، يمكن استخدام الطريقة الذكية لحماية التراث العالمي.على سبيل المثال، تستخدم قولانغيو النظام الرقمي للرصد والحماية. حيث استخدم برنامجا وتطبيقا خاصا لرصد عدد السياح وتحقيق توزيعه في النطاق المعقول. وفي عام 2014، نصّت كهوف موقاو في دونهوانغ على نظام الحجز للزيارة وتحديد عدد السياح، كما اصبح باستطاعة السائح مشاهدة فيلم ثلاثي الأبعاد تحت عنوان " دونهوانغ الخيالية " في المركز السياحي الجديد، أي الزيارة الرقمية بدون دخول الكهوف الحقيقية. وكل هذه الاجراءات للحد من اضرار الرطوبة وثاني أكسيد الكربون على اللوحات الجدارية الألفية. وتعتبر هذه التدابير مطلوبة ولكن ايضا مسؤولية مشتركة للجميع.
واليوم، الصين لديها 52 موقعا طبيعيا وثقافيا مدرجا على قائمة التراث العالمي، ويعتبر هذا اعتراف المجتمع الدولي بموارد الصين الطبيعية والثقافية، وأيضا التزام الصين الثقافي تجاه العالم. ويجب الترابط بين حماية التراث العالمي مع مصير المجتمع البشري، والتحسين المستمر لمستوى حماية التراث الثقافي، هكذا يمكن لعب دور التراث الثقافي الايجابي في شهود وترقية الحضارة الانسانية.