بكين 9 يوليو 2017 /قررت الدورة الـ41 للجنة التراث العالمي يوم السبت خلال اجتماعها السنوي المنعقد حاليا بمدينة كراكوف البولندية إدراج جزيرة قولانغيو التي تقع قبالة سواحل مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان جنوبي الصين على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) كموقع ثقافي. ويأتي هذا النجاح بعدما قررت الدورة يوم 7 يوليو الجاري إدراج موقع "تشينغهاي هوه شيل" الصيني على قائمة التراث الطبيعي العالمي، وبذلك يصبح للصين 52 موقعا مدرجا على قائمة التراث العالمي وتحتل المرتبة الأولى مع إيطاليا من حيث عدد المواقع المدرجة في القائمة.
وفي الواقع، يمثل نجاح إدراج هذين الموقعين الصينيين على قائمة التراث العالمي، وهو حدث تطلع إليه الكثيرون، يمثل تتويجا لما بذل ويبذل من جهود حثيثة للحفاظ عليهما وحمايتهما.
تقع منطقة هوه شيل في ناحية يوشو التبتية ذاتية الحكم في مقاطعة تشينغهاي بشمال غرب الصين على ارتفاع يصل في المتوسط إلى أكثر من 4600 متر، ويعنى اسمها في اللغة المنغولية "الجبل الأزرق" وفي اللغة التبتية "امراة شابة جميلة". وتعد هوه شيل موطنا مثاليا للحيوانات، حيث يتخذ حوالي 230 نوعا من الحيوانات من هذه المنطقة موئلا لها بما فيها الظباء التبتية الشهيرة.
لقد كانت الظباء التبتية مدرجة بأنها مهددة بالإنقراض بسبب الصيد الجائر ولكن أنشئت في عام 1996 محمية طبيعية لحمايتها في هوه شيل وتم في عام 1997 رفع مستواها من محمية على مستوى المقاطعة إلى محمية على المستوى الوطني. وبفضل إجراءات الحماية، وصل عدد الظباء التبتية في المنطقة الآن إلى 60 ألف. وفي سبتمبر عام 2016، قام الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بتعديل حالة الظباء التبتية من "معرضة للخطر" إلى "يسهل إنقاذها". ويعمل حاليا أكثر من 70 موظفا، 90 في المائة منهم من أصل تبتي، في المكتب الإداري التابع لمنطقة محمية هوه شيل الطبيعية الوطنية ويتركز دورهم في القيام بدوريات على الجبال بالمنطقة.
انطلقت عملية تقديم طلب إدراج منطقة هوه شيل في قائمة التراث العالمي الطبيعي في عام 2014. وقام خبراء الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في نفس العام بإجراء جولات ميدانية في هوه شيل. ولا شك أن الوضع البيئي الخاص والنباتات الفريدة والحيوانات القيمة كانت هي مفتاح نجاح إدراجها ضمن القائمة.
ومن ناحية أخرى،كانت جزيرة قولانغيو، باعتبارها "نافذة واقعة في جنوب الصين"، تشهد اندماج بين الثقافة الشرقية والثقافة الغربية في التاريخ. واتخذت الحكومة المحلية سلسلة من الإجراءات لإصلاح وتحسين البيئة السياحية ومعيشة السكان في الجزيرة بشكل شامل منذ التقدم بطلب الترشيح لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي في عام 2008، مثل إزالة أو ترميم المباني القديمة والمتهدمة وتعزيز عملية التخضير والتشجير والسيطرة على عدد السائحين يوميا لحماية معالمها وتعظيم القيمة الثقافية والتاريخية للجزيرة. وفي أكتوبر عام 2016، أجرى خبراء من لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو جولات ميدانية في جزيرة قولانغيو، حيث أشادوا بالجهود المبذولة من أجل الترشيح.
وأشار الخبراء إلى أن نجاح المواقع المرشحة في أن تكون ضمن قائمة التراث العالمي خلال هذه الدورة مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لها، ويرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب أولها: أنه يمنح الموقع مزيدا من الاهتمام والدعم والمساعدة من المجتمع الدولي، وثانيها: أنه يعزز الدمج بين المصادر الثقافية التاريخية والبيئية، وثالثها: أنه يدفع التوارث الثقافي.
وضاربا مثالا بمنطقة هوه شيل، قال لوه يان هاي نائب مدير مصلحة الأمن العام للغابات التابعة للمنطقة المحمية هوه شيل إن منطقة هوه شيل كان يعوزها في السابق هيكل تنظيمي سليم وكانت حمايتها تعتمد على مؤسسات غير حكومية، غير أنها شهدت فيما بعد جهودا مكثفة نسبيا من ناحية الدعم المالي. ولكن المنطقة لا تزال تواجه العديد من المشكلات من حيث الحماية العلمية. والآن، ومع إدراج هوه شيل على قائمة التراث العالمي، صار العالم يعرف هذه الهضبة التبتية بشكل أفضل وهذا سيدفع بدوره المزيد من الناس إلى المشاركة في عملية الحماية وبذلك قد تحصل منطقة هوه شيل على فرص جديدة من العالم باعتبارها تراثا لا بديل له للبشرية كلها.
يعد إدراج منطقة هوه شيل وجزيرة قولانغيو على قائمة التراث العالمي بمثابة تصديق من المجتمع الدولي عليهما من حيث قيمة الجمال ونمط الحماية. ولكن طلب الترشيح ليس هو الهدف النهائي حيث تعد مسألة الحماية هي الهدف الجذري. كما إن إدراجها على قائمة التراث العالمي لا يمثل شرفا فحسب وإنما يعني أيضا التزام ومسؤولية، ويشكل نقطة إنطلاق جديدة لتعزيز حماية المناطق الفريدة ذات الطبيعة الخلابة. فعلى سبيل المثال، ينبغى تحسين القوانين واللوائح المتعلقة بالحماية وإقامة المزيد من أنشطة التوعية لرفع وعى الجماهير من أجل تحقيق التنمية المستدامة لمواقع التراث بعد إدراجها على القائمة.
الجدير بالذكرى أنه من المقرر أن يبحث الاجتماع السنوي للجنة التراث العالمي، الذي يعقد في الفترة من 2 و12 يوليو الجاري في مدينة كراكوف البولندية، في ترشيحات لتسجيل 34 موقعا جديدا ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو، منها 7 تراث طبيعي و26 تراث ثقافي وتراث مختلط (ثقافي وطبيعي).