غزة 11 يونيو 2017 / سنحت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت لهشام شيخه فرصة العثور على زوجة وفق ما حدده سلفا من مواصفات ليتمكن من تأسيس عائلة بعيدا عن الطرق التقليدية للزواج في قطاع غزة.
وشجعت التجربة الشخصية لشيخه (34 عاما) على إطلاق موقع للتعارف عبر الانترنت تحت اسم (وصال للخطوبة والزواج) والذي حظى سريعا بآلاف المتفاعلين من الجنسين ونجح في التوسط بعشرات عقود الزواج خلال مدة قصيرة.
ويقول شيخه لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه بدأ نشاطه قبل عام ونصف عبر صفحات على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ثم حفزه ما وجده من تفاعل واهتمام كبيرين في إطلاق موقع إلكتروني منذ ثلاثة أشهر.
وفي قطاع غزة المحافظ والمحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام، فإن فكرة موقع على الانترنت للتوسط من أجل التعارف للزواج تعد أمرا غير تقليدي، لكن شيخه يقول إنه تطور طبيعي لأهمية مواكبة تطورات العصر وانعكاسها على تطور وسائل الاتصال.
ويشير إلى أن موقع "وصال" الذي يديره مع أربعة مشرفين آخرين من بينهم سيدتان، يوفر نافذة تسهيل للزواج بعيدا عن الطرق التقليدية التي غالبا لا تتيح فرص التعرف في دائرة واسعة للشريك المحتمل.
ويأتي نشاط الموقع في ظل قيود يقول ناشطون على شبكات الانترنت إنها متراكمة في مجتمع قطاع غزة بما يحد من سهولة تعارف الجنسين على شبكات الانترنت خشية من الابتزاز العاطفي ونظرا لضعف ثقافة الانفتاح على الآخر.
وعن ذلك يقول شيخه، إن موقع "وصال" لا يتيح تعارفا مباشرا بين الراغبين في الزواج "بل إنه يدخل إلى الإجراءات الرسمية فورا من خلال تقديم طلبات من الجنسين تتضمن بيانات كاملة ومن يبدي اهتماما جديا بتلك الطلبات يتوجه مباشرة لعائلة المراد الزواج بها".
ويضيف إن "الموقع لا يسمح للمتصفحين التحدث بشكل شخصي فيما بينهم، فيجب أن يتم اللقاء بين الأشخاص وجها لوجه، بمعني أننا نتوسط في التعرف بمواصفات كل طرف للطرف الآخر".
وبذلك فإن الموقع يحرص على أن يكون نشاطه "شرعيا" من خلال عدم نشر صور لمستخدميه أو السماح بالتحدث معا بشكل شخصي، لكنه يطلب عند تسجيل الدخول نقل معطيات شخصية مفصلة مثل الحالة الاجتماعية ومواصفات الجسم كاملة والقدرات المالية وغيرها من الأمور المشابهة.
ويبدي شيخه رضا كبيرا عن نتائج نشاط الموقع، مشيرا إلى أنهم نجحوا خلال فترة عملهم القصيرة في التوسط من أجل عقد نحو 200 عرس حتى الآن.
من بين الحالات التي توسط الموقع في زواجها مطلقة من مدينة رفح جنوب قطاع غزة ظلت على مدار 3 أعوام من انفصالها من دون استقبال أي عرسان حتى نشرت طلبا في موقع وصال ما وفر لها سريعا فرصة زواج مناسبة.
وفي حالة ثانية، عانت شابة من أن منزل عائلتها يقع في منطقة حدودية نائية أقصى شمال قطاع غزة وهو ما حجب طرق العرسان لباب ذويها لكن تسجيلها في موقع وصال عرف بمواصفاتها التي يبحث عنها الكثير ليتحقق مرادها في التخلص من شبح العنوسة.
وعادة ما يتراوح عمر المعنيين بالزواج بتقديم طلب بذلك لموقع وصال بين 20 حتى 60 عاما.
وعند إتمام عقد الزواج من خلاله فإن موقع وصال يجنى مبلغ 200 دولار أمريكي.
ويقول شيخه، إن تقديم الطلبات للراغبين في الزواج لا يقتصر على الشبان فقط بل إن عائلات الكثير منهم هم من يبادرون للبحث عن عروس مناسبة لأبنائهم، كما أن الكثير من الأمهات يقدمن طلبات خاصة ببناتهن.
لكنه يوضح أن نشاطهم الأكبر يتعلق بعوانس ومطلقات ومطلقين وأرامل كانوا يعانون عقبة الزواج، مشيرا إلى أنه في معظم حالات الزواج تنضم زوجة ثانية أو ثالثة لحياة زوجية وهناك القليل من حالات الزواج بين العزاب.
وإلى جانب نشاطه في التوسط للتعارف والزواج فإن موقع وصال يركز على إطلاق حملات لتخفيض القيمة المالية للمهور وتكاليف الزواج كمراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة.
كما أن شيخه يدعم بشدة الترويج لتعدد الزوجات ويراه أمرا طبيعيا "في ظل كثرة النساء الأرامل نتيجة الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع، وبغرض تحصين المجتمع ومنع أي ظواهر سلبية فيه إلى جانب أن ذلك يؤمن حلا لا بد منه لأزمة المعدلات العالية للعنوسة في المجتمع ".
ويشدد مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات في غزة فضل أبو هين، على ثقل ومكانة الانترنت في الحياة العصرية وكيف دخلت وسائل التواصل الاجتماعي في جميع تفاصيل الحياة المعاصرة.
ويقول أبو هين ل((شينخوا))، إن انتشار صفحات الزواج عبر (فيسبوك) والمواقع الإلكترونية جعلها تقوم بالدور القديم ل"الخطابة" في المجتمعات العربية وهي المرأة التي تبحث عن عروس للراغبين في الزواج.
في الوقت ذاته، يحذر أبو هين من "تداعيات سلبية للزواج عبر الانترنت في حال غياب وسيط موثوق به نظرا لما قد يحمله من إشكاليات استحالة الانتقال من العالم الافتراضي إلى التعايش على أرض الواقع واختلاف السلوك بين الشريكين".