بكين 6 يونيو 2017 / في "أزمة دبلوماسية مفاجئة كانت ستحل عاجلا أم آجلا"، حسب قول الخبير الصيني في الشؤون الشرق أوسطية يين قانغ، قطعت سبع دول خليجية وعربية وإسلامية علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر يوم الاثنين، وقوبل هذا الحدث باهتمام شديد ومتابعة كبيرة من قبل المراقبين الصينيين.
وركز المراقبون في هذه الأزمة التي لم تشهدها الدبلوماسية العالمية كثيرا،ركزوا على تأثيراتها على اقتصاد قطر وكذا قطاعي النفط والطيران حول العالم، مشيرين إلى أن الأزمة الدبلوماسية تؤثر في الواقع على قطر نفسها بشكل مباشر لكن تداعياتها مازالت محدودة على أسواق النفط وقطاع السياحة عالميا.
وفي الوقت نفسه، لا يستبعد المراقبون الصينيون احتمالية تسوية الأزمة دبلوماسيا على أساس تنازل طرف من الطرفين.
ــ مخاطر محتملة أمام قطر وسط قطع العلاقات
إن قطر لا ترتبط بحدود برية سوى مع السعودية، لذا فإن إغلاق المنفذ البري بين البلدين الذي يتم عبره نقل 40 في المائة من السلع الغذائية الأساسية يعنى احتمالية مواجهة قطر لمخاطر تضخم مالي، هكذا أفاد موقع مالي صيني متخصص.
وأضاف موقع "السلك المالي" الصيني في تقرير جاء تحت عنوان ((حجم الخسائر الاقتصادية من المتوقع أن يصل إلى مليارات الدولارات بعد قطع دول علاقاتها الدبلوماسية مع قطر)) اليوم (الثلاثاء) أن إغلاق المنفذ البري سيؤدي أيضا إلى زيادة تكلفة إنشاء البني التحتية وتأجيل عملية تشييدها لأن بعض مواد البناء المستخدمة في بناء البني التحتية بقطر مثل الأسمنت والأولمنيوم ، تنقل دوما عن طريق البر.
كما ذكر التقرير إن المخاطر المحتملة للعجز عن سداد الائتمان في قطر تتزايد جراء الأزمة ، في الوقت الذي تراجع فيه مؤشر البورصة القطرية بواقع 7 في المائة على نحو يعكس قلق المستثمرين في المنطقة.
ــ تأثيرات محدودة على الاقتصاد العالمي
ورغم صعود خام برنت، خام القياس العالمي، يوم الاثنين بنسبة 1.1 في المائة ليصل إلى 50.48 دولار للبرميل عقب خطوة قطع العلاقات ، إلا أن المتخصصين الصينيين في مجال الطاقة أكدوا أن الحادثة لن تؤثر على تجارة النفط والغاز الطبيعي العالمية تأثيرا كبيرا نظرا لكون أسواق النفط والغاز الطبيعي في العالم مازالت تعد أسواقا للمشترين.
وفي هذا السياق، قال تشا داو جيونغ الخبير الصيني في أمن الطاقة لوسائل إعلام صينية إنه لأمر عادي أن تحدث ذبذبات في أسواق الطاقة العالمية لأن المضاربين يستخدمون دوما مخاوف السوق إزاء أمن مصدر النفط والغاز الطبيعي وملاحتهما، لكن أسعارها ستعود حتما إلى حدودها التي يقرها سقف الإنتاج والعلاقة بين العرض والطلب.
وأشار الخبير الصيني إلى أن العرض أكبر من الطلب في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، علاوة على أن الغاز الطبيعي المسال الذي يشكل غالبية صادرات الطاقة القطرية يعتمد على مسارات الملاحة البحرية التي مازالت مفتوحة، وذلك يعني أن تأثير إغلاق ثلاث دول خليجية الأجواء أمام صادرات الغاز الطبيعي القطرية سيكون محدودا.
أما في قطاع الطيران، فقال لوه تشي يو المحلل المخضرم في مجال الطيران المدني إنه على المدى القصير، ستؤثر الأزمة الدبلوماسية على نشاط مطار الدوحة الدولي إلى حد ما، لكن المسافرين الصينيين أمامهم عدد من الخيارات البديلة في ضوء قدرتهم على تحويل الرحلات (الترانزيت) في دبي أو القاهرة أو غيرهما من المدن للسفر إلى مقاصد أخرى في إفريقيا أو أوروبا.
ــ توقعات: مدى احتمالية استئناف العلاقات الدبلوماسية
ولفت فان هونغ دا مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة شيامن الصينية إلى أنه لا حاجة إلى المبالغة في هذه الأزمة، لأنها مازالت تقع في نطاق قابل للسيطرة، مضيفا "كلما وقعت أزمة دبلوماسية مماثلة برزت دوما دولة تضطلع بدور الوساطة".
وفي مساء يوم الاثنين أجرى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح اتصالا هاتفيا مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد فيه على ضرورة العمل على دعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك بما يخدم مصالح دول مجلس التعاون الخليجي في ظل ما يربطهم من علاقات تاريخية راسخة.
وفي هذا السياق، اتفق الخبراء الصينيون على عدم استبعاد استئناف العلاقات الدبلوماسية مستقبلا بين قطر والدول السبع التي قطعت العلاقات معها، حيث ذكر سفير الصين السابق لدى طهران هوا لي مينغ للإعلام الصيني إنه شهد على مدى عمله في السلك الدبلوماسي، شهد حوادث قطع علاقات دبلوماسية واستئنافها لاحقا بين دول عربية.
وشاطره لي شاو شيان مدير معهد بحوث شؤون الدول العربية بجامعة نينغشيا الصينية الرأى، قائلا إنه وفقا للمعالجات التي تمت لأزمات مماثلة في تاريخ الدبلوماسية العالمية، دائما ما تنتهي الأزمة بتنازل طرف من الطرفين.