بقلم/خه وين بينغ، باحثة في معهد دراسات غرب آسيا وافريقيا التابع لاكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية
نشرت النسخة الصينية لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مؤخرا مقالا تحت عنوان" النموذج الصيني للاستعمار الجديد "، وتناول المقال المطول تفسيرا لتطوير العلاقات بين الصين وأفريقيا، واعادة تسخين ضجة "الاستعمار الجديد" الذي تخلى عنه المجتمع الدولي منذ سنوات عديدة.
في الواقع، تناول هذان التقريران قصص لشركات صينية ورجال الاعمال المستثمرين في ناميبيا، ولكن لا نعرف لماذا اتخذت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية من قصص النجاح هذه للحديث عن "النموذج الصيني للاستعمار الجديد". كما أن ما يجعل الناس يشككون فيما تناوله المقال هو أن صوت الصخب لـ " الاستعمار الجديد" دائما ما تتناوله وسائل الاعلام الغربية دون استثناء. في حين أن الموضوع الرئيسي الذي تتناوله وسائل الاعلام الصينية والافريقية بشأن تطوير العلاقات الصينية الافريقية هو كيفية تعزيز التعاون بين الصين وأفريقيا بطريقة اسرع وأفضل، وتعزيز بناء البنية التحتية في افريقيا والتصنيع الافريقي.
يسخن صخب ما يسمى " الاستعمار الجديد" بالنسبة لتطوير العلاقات الصينية ـ الافريقية مع التطور السريع للعلاقات بين الجانبين. وتعتمد العلاقات الصينية الأفريقية على آلية منتدى التعاون الصيني - الافريقي القوية منذ إنشائه عام 2000، وخلال 16 سنة فقط، شهدت علاقات التعاون بين الجانبين قفزة كبيرة في مجالات التجارة والاستثمار وغيرها من المجالات الاخرى ونجحت في تحقيق قفزة كبيرة في التنمية. اليوم، تتفوق الصين على الولايات المتحدة منذ 2009، وأصبحت أكبر شريك تجاري لافريقيا لمدة سبع سنوات متتالية. كما ان افريقيا ثالث اكبر سوق استثمار خارجي وثاني اكبر سوق للمشروعات المقاولات الخارجية للصين.
بالاضافة الى ذلك، منذ عام 2000 ، ساعدت الصين افريقيا على بناء اكثر من 120 مرفقا تعليميا، وما يقرب من 40 مشروعا زراعيا هيدروليكيا، وبناء وترميم اكثر من 70 مرفقا للرعاية الصينية، وتوفير عقاقير مضادة للمرايا لحوالي 3800 شخص ، ارسال طواقم طبية تتكون من اكثر من 7000 شخصة، و 2000 خبير زراعي الى افريقيا، وتوفير فرص لتدريب 800 ألف شخص من أكثر من 50 دولة الفرقية لتزويدهم المعلومات المتقدمة في شتى المجالات. وتشير التقديرات المحافظة الى أن العدد الاجمالي الحالي للصينيين المقيمين في افريقيا قد تجاوز مليون، كما أن عدد الطلاب الافارقة الذين يدرسون ويقومون بالاعمال التجارية والاتصالات في تزايد مستمر في الصين.
وتعكس هذه الأرقام المبهرة نجاح تطوير العلاقات بين الصين وأفريقيا، ومن الطبيعي أن يقلق بعض الدول الغربية التي تتخذ افريقيا " الفناء الخلفي" لها، وشعور وسائل الاعلام والسياسيين ذوي العقلية الحربية خاصة بعدم الراحة، وكأن الصين " لمست الجنب الغربي". وفي ظل الحملة النفسية " لمن لا يستطيع الحصول على العنب يقول عنه حامض"، تتخذ بعض وسائل الاعلام الغربية شعار " الاستعمار الجديد" كعصا غليظة وبلاغة للحديث عن موقف اخلاقي، واستخدام عدسة مكبرة لمراقبة ما انشأه الشعب الصيني في افريقيا، وبوعي أو بغير وعي ، تجاهل مساهمة تطوير العلاقات الصينية الافريقية لدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا.
قد تم تسجيل حقائق الاستعمار الغربي في أفريقيا لما له من فسك الدماء والدمار والغزو وصمة عار في تاريخ البشرية. أما بالنسبة لحقيقة الصين ك" استعمار جديد" في افريقيا، بطبيعة الحال يعود القول الفصل للبلدان والشعوب الافريقية. وأن تصاعد صخب " الاستعمار الجديد" لا يشوه ويحرج العلاقات بين الصين وأفريقيا فقط، وأنما إهانة للاخيرة أيضا. السؤال ، كيف تعمل الدول الافريقية بحرارة ونشاط على تعزيز التعاون مع الصين ودعم مبادرة " الحزام والطريق " بقوة إذا كانت الصين "مستعمرة جديدة"؟ تعرف الشعوب الافريقية بشكل جيد أهدافهم للتنمية والمصالح الوطنية وليست بحاجة الى من يقدم لها التعليمات.
قال رئيس زيمبابوي روبرت موغابي في كلمة ارتجالية بعد استماعه لاعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ عن اجراءات تعاون جديدة بين الصين وافريقيا خلال الدورة الثانية للقمة الصينية الافريقية عام 2015: " الصين تعمل ما تتطلع اليه افريقيا، لو للمستعمرين انذاك آذان، أن يسمعوا لكلمة شي جين بينغ". واشار روبرت موغابي بمزحة الى حقيقة واضحة، أن الصين تبذل كل الجهود والمساعدات بكل اخلاص على تعزيز التنمية في أفريقيا. وهذا يختلف تماما عن المستعمر الغربي الذي يقول جميلا ولا يفعل، ويمكن أن تكون قد وضعت نقطة استراحة لصخب ما يسمى بـ " الاستعمار الجديد".