رام الله 24 أبريل 2017 /يرى مراقبون فلسطينيون أن انعقاد أول لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفلسطيني محمود عباس مطلع الشهر المقبل سيحمل إطلاقا جديا لمساعي واشنطن لاستئناف عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ويرجح المراقبون، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن يعرض ترامب على عباس الخطوط العريضة لرؤيته بشأن مستقبل عملية السلام بما يسمح بإمكانية إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للمفاوضات المباشرة، لكنهم يجمعون على استبعاد وجود أفق جدي للتوصل لاتفاق سلام نهائي.
وبدأ يوم أمس (الأحد) وفد فلسطيني زيارة رسمية إلى واشنطن للترتيب للقاء ترامب وعباس المقرر في الثالث من الشهر المقبل وهو اللقاء الأول بينهما منذ تسلم الرئيس الأمريكي مهام منصبه في يناير الماضي.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن الوفد الفلسطيني سيناقش في واشنطن الملفات المقرر بحثها بين عباس وترامب والتوافق حول مخرجات النقاشات التي ستتم على مستوى الرئيسين ومخرجات اللقاء.
--مرحلة استطلاع آراء
ينبه الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني سميح شبيب، إلى أن لقاءات إدارة ترامب مع الأطراف الرئيسة في الشرق الاوسط خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما تزال تدور في إطار التفكير والاستماع بغرض استطلاع الآراء.
ويشير شبيب، إلى أن لقاء ترامب مع عباس كان سبقه اجتماعه مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (في 15 فبراير الماضي) والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى جانب العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين (مطلع الشهر الجاري) كلا على حدة.
ويقول إن ترامب سيستمع لدى لقائه عباس للطرح الفلسطيني وحدوده مباشرة وسيعرض في المقابل رؤيته للحل، وكيف يمكن استئناف عملية السلام في المرحلة المقبلة بقصد الاستماع للرد الفلسطيني الرسمي من الرؤية المطروحة.
ويضيف شبيب، أن إدارة ترامب تبدو معنية جديا بشرق أوسط جديد تكون فيه سيدة الموقف وهي لذلك باتت معنية بإيجاد تسوية ما للصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره جوهر الصراع كله في الشرق الأوسط، لكن مهمتها بالتأكيد لا تبدو سهلة لتحقيق ذلك.
وقبل أيام أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن الرئيس عباس سيؤكد خلال لقائه ترامب "التزامه بسلام عادل وشامل من أجل أن يساهم ذلك في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم".
وأضاف أبو ردينة، أن عباس يتطلع للتعامل بإيجابية مع ترامب لصنع السلام.
وآخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل توقفت نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
وأكد الفلسطينيون مرارا استعدادهم للعودة للمفاوضات مع إسرائيل مع مطالبتهم بوقف الاستيطان والالتزام بحل الدولتين وفق الحدود المحتلة عام 1967 وأن لا تكون المفاوضات مفتوحة الوقت والأجندة ودون مرجعية.
في المقابل فإن إسرائيل ترفض بشدة مطالب وقف الاستيطان وتشترط موافقة الفلسطينيين على يهودية الدولة، وعلى أن تحظى بالسيادة الأمنية الكاملة على الأراضي الفلسطينية.
--إيجاد مخرج للمفاوضات
يرجح المحلل السياسي الفلسطيني خليل شاهين، أن تعمل إدارة ترامب على إقناع عباس باستئناف المفاوضات وعقد لقاءات مباشرة مع إسرائيل بناء على تقديم "مخرج مناسب" لا يتضمن الاستجابة للمطالب الفلسطينية خاصة الوقف الكلي للبناء الاستيطاني.
وينبه شاهين، إلى أن الإدارة الأمريكية قد تلجأ على الأغلب لإنجاح مساعيها في الضغط على الجانب الفلسطيني وربما تهديده خاصة بقطع مساعدات مالية واتخاذ مواقف سياسية معينة ضده حال إصراره على مواقفه لاستئناف مفاوضات السلام.
ويعتبر شاهين، أن الحكومة الإسرائيلية كانت السباقة في التأثير على الرؤية الأمريكية الآخذة بالتبلور بشأن استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ويقول بهذا الصدد، إنه يجوز الافتراض بأن الحكومة الإسرائيلية قطعت شوطا لا بأس به إزاء التفاهم مع إدارة ترامب بشأن عدد من ملفات القضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالاستيطان والقدس، وأن الرؤية الأمريكية يمكن أن تقترب كثيرا لمواقف إسرائيل.
وعليه يرجح شاهين أن يضطر الرئيس عباس إلى إبداء مرونة في التجاوب مع رؤية إدارة ترامب ومساعيها لاستئناف مفاوضات السلام والتي إن كان نجاح عودتها أمرا ممكنا فإن خروجها باتفاق يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية أمر مستبعد بشدة.
--عوامل ضعف فلسطينية
عندما يتوجه عباس إلى واشنطن لعقد أول لقاء مع ترامب فإنه سيحمل الكثير من عوامل "الضعف" في الموقف الفلسطيني، وبالتالي ضعف تأثيره في الرؤية الأمريكية الجديدة بحسب الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري.
ويبرز المصري، أن عباس سيلتقي ترامب وسط وضع فلسطيني سيء جدا نظرا لاستمرار وتعمق الانقسام الفلسطيني الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة منذ منتصف عام 2007، وعدم القدرة فلسطينيا على اتفاق برنامج سياسي موحد يقوي موقفهم.
ويضيف أن حالة الضعف في مواقف الدول العربية وما تشهده المنطقة من أزمات داخلية تزيد من عوامل ضعف الموقف الفلسطيني وتقلل من حجم توقعات ما يمكن الخروج به فلسطينيا من لقاء ترامب.
ويعتبر المصري، أن الورقة الوحيدة التي يمكن أن تقدمها الإدارة الأمريكية للجانب الفلسطيني مقابل الموافقة على رؤيتها لاستئناف مفاوضات السلام ستقتصر على التجميد الجزئي للبناء الاستيطاني الإسرائيلي وبشكل محدود.
ويحذر من أن الانخراط في رؤية أمريكية في هذه المرحلة سعيا وراء إنجاح عملية السلام لن تقود فلسطينيا إلا لنتائج أسوأ وضمن سقف أقل بحيث ستكون نهايتها إذا نجحت أكثر كارثية بالاعتراف بإسرائيل باعتبارها دولة يهودية وضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية ودولة ناقصة السيادة من دون حل لقضية اللاجئين ومن دون القدس.
ويخلص المصري، إلى أن المطلوب فلسطينيا التمسك بالموقف المعلن إزاء رفض تكرار الانخراط في عملية السلام من دون آلية دولية وعدم الانزلاق لمفاوضات ثنائية تفتقد لمرجعية وجدول زمني محددين والتزام إسرائيلي حقيقي لصنع السلام.