غزة 5 أبريل 2017 /أثار قرار حكومة الوفاق الفلسطينية خصم جزء وصل إلى 30 في المائة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة احتجاجات اليوم (الأربعاء) في القطاع المحاصر، وسط مطالبات بالتراجع عنه في ظل ما يعانيه من تدهور اقتصادي حاد.
واعتصم عشرات الموظفين لعدة ساعات في ساحة (الجندي المجهول) الرئيسية وسط مدينة غزة عقب تلقيهم رواتبهم عن شهر مارس الماضي من البنوك، احتجاجا على ما جرى من خصومات عليها.
وردد هؤلاء هتافات احتجاجية على الخطوة، وطالبوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالتدخل للتراجع عنها، مشتكين من سوء أوضاعهم الاقتصادية.
وقال موظفون لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الخصومات طالت 30 في المائة من إجمالي قيمة رواتبهم.
وكانت حكومة الوفاق أعلنت مساء أمس الثلاثاء أنها خصمت من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة عن الشهر الماضي "بسبب الحصار المالي الخانق" الذي تتعرض له.
وقال الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود، في بيان بهذا الخصوص، إن الخصومات طالت العلاوات وجزء من علاوة طبيعة العمل، مضيفا أن "هذا الإجراء مؤقت ولن يطال تحويلات الشؤون الاجتماعية والمعونات الإنسانية".
وعزا المحمود الخصومات إلى "أسباب تتعلق بالحصار المالي الخانق الذي يفرض على فلسطين، إضافة إلى انعكاسات آثار الانقسام (الفلسطيني الداخلي) وحصار وإجراءات الاحتلال الرهيبة".
وأضاف أن "الضغوط التي تمارس على القيادة الفلسطينية ومنها الضغوط المالية المتمثلة بانخفاض وتقليص مستوى الدعم الخارجي إلى ما يفوق 70 بالمائة عن معدلاته عبر السنوات الماضية أجبر الحكومة على اتخاذ مثل هذه الخطوة لضمان استمرارية دفع فاتورة الرواتب".
ولم تطل الخصومات موظفي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وسبق أن أقرت الحكومة في 31 من شهر يناير الماضي الموازنة المالية للسلطة الفلسطينية للعام الجاري بقيمة 4.48 مليار دولار وفجوة تمويلية تبلغ 465 مليون دولار.
وانتقدت نقابات تنشط في قطاع غزة خصومات الحكومة على رواتب الموظفين في غزة، واعتبرته "قرارا جائرا لا يستند لأي مرجعيات قانونية أو وطنية أو مهنية".
وقال بيان صادر عن نقابة الخدمات الصحية في غزة تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، إن الخصومات يترتب عليها وقوع أضرار بليغة على الموظفين والتزاماتهم الأسرية بتوفير احتياجات من يعيلونهم.
وأكد البيان أن "الراتب حسب القانون حق أصيل ويشمل علاوة طبيعة المهنة حسب تعريف قانون الخدمة المدنية"، مشددا على أن "حالة الانقسام واستمرارها لا يجوز أن يدفع ثمنها الموظفون من حقوقهم ورواتبهم".
من جهته، اعتبر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة قرار خصومات الرواتب "تكريسا للانقسام، وأنه تم بحجج واهية".
وفي السياق، انتقدت شبكة المنظمات الأهلية في غزة قرار الحكومة، واعتبرته "مجحفا لموظفي القطاع الذي يعاني من ارتفاع نسب معدلات الفقر والبطالة وتدهور مستوى المعيشة".
إلى ذلك، عقدت هيئة العمل الوطني المكونة من فصائل منظمة التحرير في قطاع غزة اجتماعا طارئا عبرت فيه عن رفضها الشديد لقرار حكومة الوفاق بخصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.
وحذر بيان صادر عن الهيئة عقب الاجتماع تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، من "مخاطر سياسية مترتبة على هذه الخطوة بوصفها إسهاما في خلق وتوسيع القاعدة الاجتماعية لتحويل الانقسام إلى انفصال سياسي تام".
ودعت الهيئة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهيئة الكتل البرلمانية إلى ممارسة دورها في الضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها، معلنة أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الموظفين.
كما نددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار حكومة الوفاق خصم رواتب موظفي السلطة في غزة، واعتبرته "قرارا تعسفيا وغير مسؤول الهدف منه تكريس أزمات القطاع واستهداف عوامل صموده في مواجهة التحديات".
وأعرب الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في بيان صحفي تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، عن تضامنها مع مطالب الموظفين كافة دون استثناء"، داعيا إلى التراجع عن هذه الإجراءات "اللامسؤولة فورا ووقف التمييز بين أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة".
كما دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حكومة الوفاق إلى التراجع فورا عن قرارها بخصم رواتب موظفي غزة، واصفة إياه بالخطير وبمثابة "المجزرة الحقيقية" بحق أهالي القطاع.
ونبهت الجبهة في بيان صحفي إلى أن القرار الحكومي "ينذر بنتائج كارثية وسيفاقم من معاناة المواطنين"، معتبرة أن "اتباع سياسة التمييز بين أبناء الشعب الفلسطيني يمثل تراجعا خطيرا لواجبات الحكومة والتزاماتها".
بدورها، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيان إن قرار خصم الرواتب "غير قانوني ويتنافى مع قانون الخدمة المدنية كونه يأتي دون سابق إنذار ويطبق على منطقة جغرافية دون أخرى".
وأكدت أنه "لا يعقل أن تقوم الحكومة بخصومات على رواتب الموظفين في قطاع غزة دون الضفة الغربية تحت ادعاءات بوجود حصار مالي"، مطالبة بالتراجع الفوري عنه.
يأتي ذلك فيما أعلنت سلطة النقد الفلسطينية أنها أصدرت تعميما دعت فيه البنوك ومؤسسات الإقراض العاملة في قطاع غزة إلى خصم ما نسبته 70 في المائة من القسط الشهري المستحق على المقترضين لهذا الشهر مراعاة لخصم الرواتب.
وبحسب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، فإن عدد موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة يقدر بنحو 58 ألف موظف (مدني وعسكري)، تقدر فاتورة رواتبهم بمبلغ 21 مليون دولار أمريكي.