بروكسل 11 فبراير 2017 / مع تزايد حالة عدم اليقين التي باتت تحيط بعلاقاته مع أكبر شريك تجاري له، الولايات المتحدة، فإن الاتحاد الأوروبي، الذي يعول على التجارة الدولية للحفاظ على بقاء انتعاشه الاقتصادي على الطريق الصحيح، أصبح يتطلع نحو الصين.
إذ أن الاتحاد الأوروبي ما بعد خروج بريطانيا منه على ما يبدو سيكون في أزمة مزمنة، ومع وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاليا في البيت الأبيض، فإن الحمائية التجارية ما تزال تمثل مصدر قلق كبيرا بالنسبة للكثيرين. ويمكن الاستنتاج بدون أدنى مخاطرة بأن اتفاقات التجارة عبر الأطلسي تواجه صعوبات في الوقت الراهن.
وذكرت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم الأسبوع الماضي أن الكتلة مستعدة للوقوف مع الصين في مكافحة الحمائية، حيث قالت "إذا ما رغب الآخرون حول العالم في استخدام التجارة كسلاح، فأنا أرغب في استخدامها كمنشط وعنصر حيوي لتحقيق الرخاء والتقدم."
كما أشادت أيضا بخطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ في المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث دافع الزعيم الصيني عن العولمة والتعددية.
والصين هي ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للصين.
ووسط تباطؤ وقتامة الاقتصاد العالمي، فإن التجارة البينية بين الاتحاد الأوروبي والصين تشهد ارتفاعا مطردا. ووفقا للإدارة العامة للجمارك في الصين، فإن حجم التجارة الثنائية سجل 3610 مليار يوان (524.9 مليار دولار أمريكي) خلال عام 2016، بزيادة 3 في المئة مقارنة مع عام 2015.
وتقدّر دراسة لمركز دراسات السياسة الأوروبية أن اتفاقية التجارة الحرة الثنائية مع الصين يمكن أن تضيف 83 مليار يورو (88.3 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، مع دعم أكثر من 2.5 مليون وظيفة.
وقال كريستيان إيويرت، المدير العام لجمعية التجارة الخارجية، إن "معاهدة الاستثمار الثنائية، التي يجري التفاوض بشأنها حاليا، ستمنح المستثمرين في الاتحاد الأوروبي يقينا قانونيا ووصولا أكبر بكثير إلى السوق الصينية المربحة، كما ستساهم في تشجيع زيادة الاستثمارات الصينية في أوروبا".
ويتم بالفعل العمل على إنشاء وتشغيل سكة حديدية تربط بين الصين والأسواق الأوروبية، وقال تشارلز تانوك، وهو عضو بريطاني في البرلمان الأوروبي إن "هذا هو المكافئ العصري السريع لطريق الحرير القديم".
ويتفق تفاؤله حيال العلاقات التجارية المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والصين مع ما ذكره وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حين قال إن "المملكة المتحدة والصين تقومان ببناء اقتصادات المستقبل استنادا إلى سيادة القانون التي تتيح بيئة للأعمال التجارية. وأنا ملتزم بتكثيف علاقاتنا التجارية، بما في ذلك المزيد من الوصول إلى الأسواق بالنسبة لصادرات الخدمات في المملكة المتحدة والمزيد من الاستثمارات الصينية في المملكة المتحدة".
وهناك الكثير من الشواهد التي تدعم العلاقات التجارية المزدهرة بين الاتحاد الأوروبي والصين.
على سبيل المثال، تهدف حاضنة الأعمال الأولى التي تقوم ببنائها الصين في أوروبا، في لوفان لا نوف ببلجيكا، إلى مساعدة الشركات في كلا البلدين على التوسع في أسواق بعضها البعض.
وهو "واد للتكنولوجيا" حيث تقوم شركات تكنولوجيا فائقة بإنشاء متجر، والعمل جنبا إلى جنب مع أقرانهم في الصناعة وغيرهم من الباحثين لتطوير تكنولوجياتها للسوق الأوروبية. ومن بين 1600 فرصة عمل من المتوقع إنشاؤها، سيتم تولي حوالي 60 في المائة منها من قبل بلجيكيين فيما ستذهب البقية لصينيين من أجل تقديم دفعة للاقتصاد المحلي.
ومن المنتظر أن يصبح المركز التكنولوجي الصيني البلجيكي جاهزا للعمل في عام 2018.
وقال باسكال ديلكومينيت، الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار الأجنبي والتصدير "والون"، إنه "باعتباره أول معرض تكنولوجي صيني من نوعه في أوروبا، فإن المركز التكنولوجي الصيني البلجيكي سيوطد الروابط بين الشركات الأوروبية -- لاسيما البلجيكية -- والشركات الصينية".
ومن الواضح أن أرقام التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين تعد بالفعل مثيرة للإعجاب. بيد أن الكثيرين، ومن بينهم مالمستروم، يعتقدون بأنه يمكن أن تكون أعلى من ذلك.
ولم يرد تعبير عن آفاق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والصين في المستقبل أفضل مما ذكره فريزر كاميرون، مدير مركز الاتحاد الأوروبي وآسيا، ومقره في بروكسل، حيث قال إن "كل من الاتحاد الأوروبي والصين بحاجة لمواجهة الاتجاهات الحمائية المتزايدة في الولايات المتحدة وأفضل طريقة للقيام بذلك تكمن في تسريع استكمال مفاوضات اتفاقية الاستثمار الثنائية".