ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية مؤخرا، أن مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا قد أطلقت برنامجها للانتخابات الرئاسية يوم 5 فبراير الجاري بالتوقيت المحلي، بهجوم على ما سمتها الأصولية الإسلامية والعولمة، وقالت إن الإسلام السياسي نما بصورة كبيرة في فرنسا، ويستفيد من موجات الهجرة عاما بعد آخر. وأضافت أن ما سمته التطرف الإسلامي يهدد قيم الجمهورية والعولمة ويدمر الهوية الفرنسية، وتعهدت باجتثاث ما سمته الإرهاب. مضيفة، أن الاتحاد الاوروبي فشل في تنفيذ وعوده. وقد أثارت تصريحات لوبان اهتمام الرأي العام الدولي مرة أخرى بالتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الاتحاد الاوروبية.
المشاكل الداخلية والخارجية توتران الوضع
إجتمع زعماء الاتحاد الاوروبي في مالطا مؤخرا في إطار مباحثات لتعزيز الوحدة والتعاون من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بما فيها وقف هجرة غير الشرعية، وتولي ترامب منصبه، وخروج بريطانيا خارج الاتحاد الاوروبي وغيرها. ويعتقد بعض المحللين أن الاتحاد الاوروبي يواجه اليوم تحديات داخلية وخارجية. ووفقا لما ذكرته "فايننشال تايمز" في الآونة الأخيرة، قال وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله، أن سعر صرف اليورو منخفض جدا مقارنة مع القدرة التنافسية الالمانية. ومع ذلك، ذكرت رويترز ، أن البنك المركزي الاوروبي ارجع ضعف اليورو أساسا الى الضعف الاقتصادي في منطقة اليورو. بالاضافة الى ذلك، صرح رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي ستورك في رسالته العلنية تم إعلانها قبل قمة مالطا أن معارضة عدد كبير من الناس الاتحاد الأوروبي أمر غير مسبوق.
عوامل متعددة تزيد من التحديات
قال تشوي خونغ جيان مدير معهد الدراسات الاوروربية التابع للمعاهد الصينية للعلاقات الدولية في مقابلة مع صحيفة الشعب الصينية، أنه ينبغي على الاتحاد الاوروبي أن يبحث عن السبب في تغيير النمط الدولي وخصائص الاتحاد الاوروبي الخاصة. ويعتقد تشوي خونغ جيان أن الاقتصاد العالمي توجه بعد الحرب الباردة نحو تحرير التجارة لحقيق التنمية الاقتصادية، هذا يعتبر مزايا لاوروبا. ولكن في ظل هذه العملية، ظهرت مع مرور الوقت مشكلة التنمية غير المتوازنة. لذلك، فإن التغيرات السياسية التي شهدتها اوروبا خلال السنتين، في الواقع عكست التغيرات الاقتصادية على السياسة. وأن خوف وقلق الناس من المستقبل ساهم في صعود قوى اليمين المتطرف وشعور الكراهية تجاه الاجانب مما يؤثر على السياسة الحالية والحكم. وقال تشوي خونغ جيان:" بالاضافة الى ذلك، لم تعد مزايا التكامل الاوروبي قائمة. وأن حل المشاكل بالنسبة لاوروبا سيكون مختلف عن بلدان أخرى. وواجهت الولايات المتحدة الازمة المالية أيضا، وحلت من خلال الاصدار النقدي للعملة الأمريكية، فيتم نقل الازمات الى بلدان أخرى. وبالنسبة الى أوروبا، ستكشف عند مواجهة أزمة الديون عن التناقض بين الحكومة والسوق، وستنتشر الازمة الى دول الاتحاد الاوروبي من خلال شكل الدين."
غموض في الوضع وحذر في التخطيط
ذكرت شبكة سى ان ان، أن المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل دعت في مؤتمر صحفي عقد على هامش اجتماع مالطا جميع الدول الى التوحيد واداء واجباتهم بالإنصاف، لان الدول الاوروبية هي الوحيدة التي تقرر مستقبل أوروبا. ومع ذلك، فهل إجتماع مالطا يجلب فجر الغد للاتحاد الأوروبي؟ يعتقد تشوي خونغ جيان أن اجتماع مالطا له رمزية سياسية. والاتحاد الاوروبي عليه هذا العام هضم آثار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، وتولي ترامب منصبه وغيرها من التحديات الخارجية عليه. بالاضافة الى ذلك، الانتخابات التي ستجري في بعض الدول الاعضاء المهمة هذا العام تشكل اختبارا للاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، فإن ما يمكن للاتحاد الاوروبي أن يفعل هو توحيد المواقف لمواجهة التحديات قبل الانتخابات.
كما تظهر علامة الانتعاش للاقتصاد الاوروبي مؤخرا، لا سيما في الارتفاع الجديد للفائض التجاري الألماني. ويفاد أن سياسة " الدولار الضعيف" التي يدعوها ترامب تخفف الى حد ما الضغوطات من جراء التدفقات الرأسمالية الاوروبية وتراجع اليورو. ولكن، الاقتصاد لا يزال غير متفائل في ظل الوضع الاوروبي والديون. وسيكون البنك المركزي الاوروبي أكثر انتظارا وترقبا، لصياغة سياسته النقدية على أساس القواعد الاقتصادية (خاصة معدل التضخم المستهدف ) والتغيرات في البيئة المالية.
ويعتقد تشوي خونغ جيان، أنه بالنسبة لاقتصاد الاتحاد الاوروبي، ينبغي ابطاء عملية التكامل في المجالات المالية والتجارية، في حين تعزيز عملية التكامل لـ"السياسة الخارجية والأمنية المشتركة" و "السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة"، والمحافظة على حيوته من خلال الإصلاح والتعديل الداخلي.