قوة الفجل في تخفيف الفقر

لم يخطر ببال العجوز شيو قوي شيانغ البالغة من العمر 64 سنة، التي تعيش في واحدة من أفقر العائلات في قريتها، أن يباع محصولها من الفجل المزروع في حقلها الصغير على سفح الجبل وتبلغ مساحته مو واحد (0.16 فدان تقريبا) فقط، إلى مدينة تبعد 550 كيلومترا، وذلك عن طريق التجارة الإلكترونية.

تسكن شيو في قرية جياوو المحاطة بجبال مرتفعة في مقاطعة أنهوي بشرقي الصين، وتعد هذه المنطقة الجبلية من المناطق الرئيسة التي تعاني من الفقر الشديد بسبب نقص الحقول الزراعية والموارد الطبيعية، حيث يعيش فيها 460 شخصا فقيرا من بين 2200 من أهل القرية، ما يشكل خُمس سكان القرية تقريبا.

وشنت الصين في خطتها الخمسية الـ13 حملة وطنية ضد الفقر، إذ تسعى وراء انتشال أكثر من 70 مليون نسمة من السكان الفقراء الريفيين من الفقر بحلول عام 2020، وذلك من خلال الدعم في توظيفهم وتطوير أعمالهم إضافة إلى النقل وإعادة التوطين وغيرها من الإجراءات ، فبرز دور التجارة الإلكترونية التي وفرت خيارا مبتكرا أمام هؤلاء الريفيين الفقراء.

وفي هذا السياق، رجع قه ليانغ في، شاب يبلغ من العمر 32 سنة، إلى مسقط رأسه قرية جياوو واستأجر 200 مو (نحو 32 فدان) من الحقول الزراعية وأسس مزرعة عائلية، ومن بين أصحاب الحقول المستأجرة 12 عائلة فقيرة.

ويتعاون قه مع منصة التجارة الالكترونية في محافظته اذ يفتح سوقا الكترونيا عليها ويبيع فيه المحاصيل الزراعية الطازجة مثل الفجل والخس والفلفل وغيرها من الخضروات.

كما وفر قه فرصة العمل لبعض القرويين الفقراء في مزرعته العائلية لدعمهم ، بالإضافة إلى إيجار الحقول، وقال: "إن هذا دخل لا بأس به بالنسبة لعائلة فقيرة."

أما شيو هي فما زالت تفضل الفلاحة في حقلها، حيث تزرع الخضروات وفقا لمعايير مزرعة قه، وتبيع المحاصيل إليه بعد الحصاد، ما يسهم بزيادة دخلها بنحو 500 يوان (حوالي 74 دولار أمريكي) شهريا بشكل متوسط.

وفضلا عن ذلك، تعمل شيو أيضا في مزرعة قه العائلية لإنتاج المأكولات الجاهزة المحلية المصنوعة من المحاصيل الزراعية ، ومن ثم بيعها عبر الإنترنت أيضا، لتحصل على راتب 1500 يوان (نحو 222 دولار أمريكي) شهريا.

وفي الحقيقة، فإن هذا المشروع ليس من اختراع قه، إذ تعمل شركة علي بابا، وهي أكبر شركة عالمية في مجال التجارة الالكترونية، تعمل حاليا على تعميم التجارة الالكترونية في الأرياف الشاسعة في الصين، إذ وضعت هذه الفكرة ضمن إستراتيجيتها التنموية.

وفي هذا الصدد، نجحت التجارة الالكترونية في ربط الطلب القوي على الأغذية الصحية لسكان المدن بقوة الإنتاج الزراعي في الأرياف التي تعاني من مشكلة الفقر بشكل أشد، ما يدفع تدفق الأموال الاجتماعية من المدن إلى الأرياف الصينية، ويحول الفجل وغيره من المحاصيل الزراعية إلى قوة داعمة لجهود البلاد في مكافحة الفقر.

وجدير بالذكر أن كثيرا من الموظفين في مزرعة قه العائلية ينحدرون من عائلات فقيرة، وقد استفادوا من الفرص التي تخلقها التجارة الإلكترونية لمساعدة أنفسهم أكثر على التخلص من الفقر، حسبما قال وانغ فنغ، رئيس فريق العمل لتخفيف الفقر المعتمد في قرية جياوو.