أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، في كلمة القاها صباح يوم 17 أكتوبر الجاري، عن بدء عمليات استعادة مدينة الموصل شمال العراق المحتلة من تنظيم " الدولة الاسلامية "منذ سنتين. وقال آشتون كارتر، وزير الدفاع الأمريكى، أن العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على الموصل يشكل "لحظة حاسمة" فى الحرب على تنظيم " الدولة الاسلامية". وإذا كانت معركة الفلوجة في يونيو الماضي تمثل نقطة تحول للقضاء على تنظيم " الدولة الاسلامية" ، فهل ستتدق معركة الموصل المسمار الاخير في نعش التنظيم؟
حرب الموصل .. أكبر حرب بعد حرب العراق
تعتبر مدينة الموصل في شمال العراق ثاني أكبر مدينة في البلاد وأحد أقدم المدن العراقية والتي يعود تاريخها الى 3000سنة ، وواحدة من مراكز انتاج النفط في العراق. وفي عام 2014، احتل تنظيم " الدولة الاسلامية" ، ليعلن حينئذ أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" بتأسيس دولة "الخلافة" فيها. وبعد ذلك، اصبحت الموصل "عاصمة" الدولة الإسلامية في العراق، و آخر معقل يسيطر عليه التنظيم في العراق في الوقت الراهن.
وذكرت رويترز، أنه من المتوقع أن تكون معركة تحرير الموصل أكبر وأشد عملية عسكرية تشهدها العراق منذ الغزو الامريكي للعراق عام 2003.
ويعتقد جو وي لي مدير فخري لمعهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية، أن تدمير تنظيم " الدولة الاسلامية" يعتمد على معركتين، معركة الموصل ومعركة الرقة، وإطلاق أول معركة من الموصل هي نتيجة "حتمية" ايضا. حيث وصلت المفواضات الامريكية وروسية الى طريق مسدود في سوريا، وعلى وجه الخصوص، خلافات خطيرة بين الجانبين حول القتال في حلب، بالرغم من استئناف المفاوضات في الآونة الاخيرة، إلا أن لا نتيجة تذكر. بالاضافة الى ذلك، استعادة الموصل هي آخر معركة يشنها أوباما قبل ترك الحكم ، حيث أن انجازات الاخيرة في الحرب ضد تنظيم " الدولة الاسلامية" قليلة، مما يجعل نجاح معركة استعادة الموصل اكبر انجاز في مكافحة الارهاب لاوباما قبل مغادرته البيت الابيض.
إعادة الاعمار لن يكن سلسا
يعتقد المحللون أن معركة الموصل المسمار الآخير الذي يدق في نعش تنظيم " الدولة الاسلامية"، و فقدان السيطرة على الموصل يعني إنتهاء مؤشر السيطرة على العراق. وحتى الآن ، عملية إستعادة العراق تباعا لكل من تكريت، والرمادي ،والفلوجة ومواقع استراتيجية آخرى. ومع ذلك، فإن القدرة على استعادة الموصل بنجاح وأعادة أعمارها لا يزال يساوره بعض الشكوك.
أولا، تنظيم" الدولة الاسلامية" لا ينتظر الموت مكتوف اليدين في الموصل. وفي هذا الصدد، تتوقع الحكومة العراقية عملية تحرير الموصل متشابكة ومعقدة، وقالت حكومة العبادي ، أن المعركة ستستمر عدة أشهر على الارجح.
ثانيا، استعادة الموصل لن يحل مشكلة " قطف ثمار الانتصار" والتعايش " في المنطقة. وقال جو وي لي، أن أغلبية سكان مدينة الموصل من السنة، لكن معركة استعادة الموصل يشارك فيها الميليشيات الشيعية كقوة رئيسية، مما يخشى أن ينفجر صراع طائفي بعد تمركز هذه الميليشيات في الموصل. وفي الوقت نفسه، فإن مساهمة القوات الكردية في استعادة الموصل ليست صغيرة، وهنا نطرح السؤال، مكانة الاكراد بعد عصر تنظيم " الدولة الاسلامية " في الموصل؟ بالإضافة إلى ذلك، من أجل حماية مصالح الطائفة السنية في العراق، والحد من توسع القوات الكردية ايضا، تشارك تركيا بنشاط في معركة الموصل. كما يزيد الصراع بين العراق وتركيا تغيرات بعد استعادة واستقرار الموصل. كما أن عدم التأكد من احتمالات عودة منظمات الارهابية المشابه الى الموصل بعد تحريرها ، يعتبر تحديا ايضا للحكومة العراقية.
استمرار التأثير السلبي بعد تنظيم " الدولة الاسلامية"
يعتقد جو وي لي، أن الحكومة العراقية لا تزال أمامها تحديات عدة حتى بعد عملية إستعادة مدينة الموصل. حيث سيستمر تنظيم " الدولة الاسلامية" في توسيع " حرب العصابات " من أجل اظهار قوته القتالية الباقية، مثل ارتداء غطاء السنة لتنفيذ التفجيرات الانتحارية في المناطق الشيعية. وذكرت شبكة سي أن أن ، أن قادة تنظيم " الدولة الاسلامية" قد يتراجعون الى منطقة الصحراء في غرب الموصل، لتوفير الطاقة المتبقية من المعركة. ووفقا لوكالة الأنباء الروسية "نوفوستي"، توصلت الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية الى إتفاق يسمح لـ9000 من عناصر تنظيم " الدولة الاسلامية" التنقل من الموصل الى المنطقة الشرقية في سوريا، وبعدها ستشن هذه العناصر الحرب مع القوات الروسية والسورية. " وإذا كان هذا صحيحا ، فإن معركة الموصل لا تهدف الى القضاء على تنظيم " الدولة الاسلامية " فعلا ، حيث أن نقل هذه العناصر الى سوريا من شأنه ان يتسبب في مخاطر كبيرة". ويعتقد جو وي لي، أن القضاء على تنظيم " الدولة الاسلامية" لا يعني القضاء على الايديولوجية تماما، حيث سيستمر تأثيرها لفترة طويلة، وهي أكبر عقبة أمام الجهود الدولية في الحرب على الارهاب.