مقالة خاصة: الارتقاء بالعلاقات بين الصين وبنجلاديش يبشر بحقبة جديدة من التعاون الثنائى

دكا 15 أكتوبر 2016 /أنهى الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم (السبت) زيارة استمرت لمدة يومين لبنجلاديش، ووافقت خلالها البلدان على الارتقاء بعلاقاتهما إلى شراكة استراتيجية للتعاون.

وتعلن الزيارة، التى تعد الأولى التى يقوم بها رئيس صيني للدولة التى تقع فى جنوب آسيا منذ ثلاثة عقود، عن حقبة جديدة من التعاون بين البلدين، اللذين نشأت بينهما صلات من خلال طرق الحرير القديمة منذ ما يربو على 2000 عام.

-- زيارة تاريخية

وبدأت زيارة شي التى وصفتها الصحف المحلية بأنها "التاريخية" بأعلى تحية إجلال لرئيس أجنبي من الجانب البنجلاديشي. واستقبل رئيس بنجلاديش عبد الحميد الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس الجمعة في المطار وأطلقت 21 طلقة تحية له. وأرسلت الدولة المضيفة طائرات مقاتلة لمرافقة طائرة شي بعد أن دخلت الفضاء الجوى لبنجلاديش .

وتم تزيين جميع الشوارع الرئيسية والتقاطعات الرئيسية في دكا بصور للرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره البنجلاديشي عبد الحميد ورئيسة الوزراء الشيخة حسينة.

ووافقت البلدان خلال زيارة شي على رفع العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية في التعاون ورفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.

وقال شي خلال اجتماعه مع حسينة أمس إن الشراكة الشاملة الأوثق في التعاون التي أسسها الجانبان في عام 2010 حققت نتائج مثمرة كما تقدم التعاون الثنائي بإطراد في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والشؤون الدولية والإقليمية.

وعقب المحادثات شهد القائدان توقيع سلسلة من وثائق التعاون تغطي مجالات مثل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق والتعاون فى قدرة والمعلومات والاتصالات والطاقة والكهرباء والشؤون الدبلوماسية والشؤون البحرية ومنع الكوارث والحد منها والتغير المناخي.

وتعهدا أيضا بوضع خارطة لمشروعات تعاون كبيرة جديدة وخاصة في مجالات أساسية مثل تأسيس البنية الأساسية والنقل والمعلومات والاتصالات والزراعة.

وقال السفير الصيني السابق لدى بنجلاديش، تشاي شي إنه "بالنظر للثقة السياسية المتبادلة رفيعة المستوى والتعاون المتقدم في مجالات عديدة بين الصين وبنجلاديش، كان تحديث (العلاقات الثنائية) صحيحا وفى توقيت مناسب، بما يرسم الطريق لتنمية العلاقات الثنائية فى المستقبل".

-- دعم التعاون بين بلدان الجنوب

وتهدف زيارة شي لبنجلاديش، وهى واحدة من الدول التي وضعتها الأمم المتحدة بين الدول الأقل تقدما، أيضا إلى دعم التعاون بين بلدان الجنوب والتنمية الشاملة وفقا للتوافقات التي تم التوصل اليها في قمة الـ20 في هانغتشو.

وقال شي خلال اجتماعه مع نظيره البنجلاديشي إن الجانبين وافقا على بذل جهود متواصلة لتطبيق أجندة 2030 للتنمية المستدامة ودفع التعاون بين بلدان الجنوب.

وأظهر الجانبان بالفعل تشابها في أهدافهما التنموية وقدرة كبيرة على التنمية.

وصرح شي خلال محادثاته مع حسينة أمس بأن الصين مستعدة لدعم التعاون الثنائي العملي عن طريق الترابط بين استراتيجيات التنمية للبلدين، مشيرا إلى أن الصين تسعى لتحقيق "هدفين مئويين" بينما تسعى بنجلاديش لتحقيق حلم "سونار بانجالا "للقوة والرخاء الوطني.

ويشير "هدفين مؤيين" لطموح الصين في إنهاء بناء مجتمع يتمتع برخاء معتدل في جميع المجالات في الوقت الذي يحتفل خلاله الحزب الشيوعي الصيني بمئويته في عام 2021 وتحويل جمهورية الصين الشعبية إلى دولة اشتراكية حديثة مزدهرة وقوية وديمقراطية ومتقدمة ثقافيا ومتجانسة في الوقت الذي تحتفل فيه بمئوية تأسيسها في عام 2049.

وتهدف بنجلاديش بحلمها "سونار بانجلا" إلى تصبح دولة ذات دخل متوسط في عام 2021 ودولة متقدمة في عام 2041.

وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لبنجلاديش بينما تعتبر بنجلاديش ثالث أكبر شريك تجاري للصين وثالث أكبر سوق للتعاقدات في جنوب آسيا بينما بلغت التجارة الثنائية 14.7 مليار دولار أمريكي في عام 2015.

ويمكن العثور على منتجات الصين التى تتراوح من الاحتياجات الأساسية اليومية وحتى الآلات الكبيرة في بنجلاديش.

وقال جيانغ جينغ كوي، مدير مركز دراسات جنوب آسيا في جامعة بكين إن الصناعات مثل الاتصالات والسيارات التي تمتلك الصين تكنولوجيتها وعليها طلب كبير في بنجلاديش ، تتمتع بإمكانية كبيرة للتعاون.

ونفذت بنجلاديش في شهر يونيو أكبر مشروع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للربط بين حوالي 20 ألف مكتب حكومي في البلاد بدعم من الصين.

ويعد المشروع التي تولته شركات بينها، شركة هواوي وشركة الآلات الهندسية الصينية كمشروع أساسي لبناء بنجلاديش رقمية في عام 2021.

وقال تشاي إن "زيارة شي تشير إلى بداية حقبة جديدة ومستوى جديد للعلاقات بين الصين وبنجلاديش. وسيكون هناك تعاون مثمر أكثر في تنمية الطرق السريعة والسكك الحديدية والطاقة والاتصالات".

-- فرص الحزام والطريق.

وقال شي في مقالة موقعة نشرتها صحف بنجلاديشية كبرى أمس إن "بنجلاديش التي تتمتع بموقع جغرافي جيد وعدد سكان كبير وسوق كبير وفضاء للتعاون، تعد شريكا لاغنى عنه للصين لدعم مبادرة الحزام والطريق والتعاون في قدرة الإنتاج في جنوب آسيا ومنطقة المحيط الهندي".

وتضم مبادرة الحزام والطريق التي اقترحها شي في عام 2013، الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21. وتهدف لبناء شبكة تجارة وبنية أساسية تربط آسيا بأوروبا وافريقيا على طرق التجارة القديمة.

وحقق دعم بنجلاديش الحازم لمبادرة الحزام والطريق وبناء ممر اقتصادي يربط بنجلاديش والصين والهند وميانمار، نتائج مثمرة.

ويعد جسر بادما متعدد الأغراض الذي تبنيه شركة هندسية صينية كبيرة، أكبر مشروع للبنية التحتية وأشدها صعوبة في تاريخ بنجلاديش.

وسيحسن هذا المشروع النقل في مناطق بشمال شرقي وجنوب غربي بنجلاديش بدرجة كبيرة وسيدعم الاقتصاد البنجلاديشي بنسبة 1.5 في المائة وفقا لتقديرات خبراء اقتصاديين بمجرد أن يتم فتحه في عام 2018.

وسوف يسهل الجسر أيضا على الدول المجاورة استخدام موانئ بنجلاديش وسيدعم تجارة البلاد مع الصين والهند وميانمار.

ووقعت شركات صينية أيضا اتفاقيات مع بنجلاديش لبناء نفق من حارتين تحت نهر كارنافولي، وهو الأول من نوعه في بنجلاديش وستعد تصميما هندسيا مفصلا لتوسع بأربع حارات في طريق سريع وطني.

وقال جيانغ جينغ كوي في جامعة بكين إن "البنية الأساسية ضرورية لتنمية بنجلاديش. وستساعد مبادرة الحزام والطريق والممر الاقتصادي بين الدول الأربع على تحسين النقل الجوى والحديدى والبرى لهذه الدول ".

إن تحسين البنية الأساسية يتطلب استثمارا أكبر. ومن الممكن أن يخدم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية ، الذى شاركت بنجلاديش فى تأسيسه، وصندوق طريق الحرير وأدوات أخرى كمصادر مالية.

ووافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية في شهر يونيو على أربعة قروض أولى ، بينهم واحد بقيمة 165 مليون دولار أمريكي لمشروع توسيع وتحديث نظام توزيع الطاقة في بنجلاديش.

وقال شيانغ جون يونغ، الباحث في معهد تشونغيانغ للدراسات المالية في جامعة الشعب الصينية إن "صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية وبنك التنمية الجديد سيساعدون بنجلاديش على الوصول إلى أهداف تنميتها. وإننا نتوقع تعاونا أوثق بين الصين وبنجلاديش فى إطار مبادرة الحزام والطريق."