تعليق: العلاقات الروسية ـ التركية .. من "الترقيع" الى "الترقية"

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس الروسي فلاديمين بوتين لحضور مؤتمر الطاقة العالمي في دورته الثالثة والعشرين في أسطنبول يوم 10أكتوبر الجاري. وفي وقت لاحق ، عقد زعيما الدولتين اجتماعا دام اكثر من ساعتين. ويعتقد المحللون أن زيارة بوتين الى تركية فرصة لاعادة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد أن شهدت العلاقات التركية ـ الامريكية نوعا من البرود بسبب موقف الاخيرة تجاه محاولة الانقلاب التي شهدته تركيا في شهر يوليو من هذا العام،والخلافات المستمرة بينهما بسبب القضية الاوكرانية والسورية وغيرها من القضايا الاخرى.

أردوغان وبوتين يجتمعان ثلاث مرات خلال شهرين

عقد بوتين واردوغان مساء يوم 10 أكتوبر الجاري محادثات لمناقشة العديد من القضايا بصورة مستفيضة بشأن الوضع الحالي في المنطقة ، والتعاون بين البلدين في مجال الطاقة والاقتصاد والتجارة وغيرها. وبعد اللقاء، وقعت الحكومتان اتفاق تعاون في مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، ونقل الغاز من روسيا باتجاه تركيا عبر قاع البحر الأسود. وعقد أروغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين مؤتمرا صحفيا مشتركا عقب اللقاء الثنائي الذي جمعهما على هامش مؤتمر الطاقة العالمي الذي تستضيفه اسطنبول ، وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ،عن ثقته الكاملة في تسريع عملية تطبيع العلاقات الثنائية بين بلاده وروسيا. ومن جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على توافق بلاده مع تركيا لتسريع عملية تطبيع علاقات التعاون فيما بينهما في مجال العسكري، والتجاري والسياحي والثقافي وغيرها.

وتعتبر هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس الروسي الى تركيا بعد تعثر العلاقات الروسية التركية في نوفمبر الماضي عندما أسقطت تركيا مقاتلة روسية على الحدود السورية. وعلقت صحيفة " الفجر الجديد " التركية ، أن الاجتماع يجمع بين الرئيس التركي وروسي هو ثالث من نوعه خلال شهرين ماضيين، مما يرفع العلاقات الثنائية الى مستوى جديد بعد عام من الجمود.

وفي 29 يونيو هذا العام ، اعرب اردوغان عن استعداد تركيا للمصالحة ، وبذل كل ما بوسعها من أجل استعادة علاقات الصداقة التقليدية بين تركيا وروسيا. وفي 9أغسطس ، قام اردوغان بزيارة الى روسيا ، وعقد اجتماع مع نظيره الروسي في سانبطرسبرج، وبدأت العلاقات بين البلدين تشهد تعافيا سريعا، وفي وقت لاحق ، بدأت روسيا تتخلص تدريجيا من العقوبات ضد تركيا. وفي أوائل سبتمبر ، التقا الرئيسان مرة اخرى على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانتغشو.

التعاون بين الجانبين في مواجهة الأزمة السورية 

تعتبر قضية تعزيز التواصل بين روسيا وتركيا بشأن القضية السورية محورا رئيسيا لزيارة بوتين الى تركيا. حيث ان الاختلافات بين روسيا وتركيا بشأن القضية الروسية واضحة ، ولكن، أعرب كلا الزعيمين بوضوح عن أملها في تعزيز التعاون لانهاء الصراع في سوريا في أقرب وقت ممكن، وتمت مناقشة أمكانية التعاون.

و قال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره أردوغان عقد عقب اللقاء الثنائي الذي جمعهما على هامش مؤتمر الطاقة العالمي الذي تستضيفه اسطنبول ، أنه اتفق مع أردوغان لايجاد خط آمن لنقل المساعدات الانسانية الى شمال مدينة حلب السورية في أقرب وقت ممكن. ومن جانبه ، قال أردوغان ،أن توسيع تركيا للعملية العسكرية " درع الفرات " يهدف الى محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية " في سوريا وحماية أمن تركيا الخاص، وليس مطمعا في الاراضي السورية.

وقال جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي في حديثه لوكالة «سبوتنيك» الروسية، قبل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن المواقف المختلفة بين تركيا وروسيا بشأن القضية السورية لا يجب أن تضر بالعلاقات الثنائية. وردا على السؤال حول وسائل التعاون الممكنة بين روسيا وتركيا بشأن القضية السورية، قال جاويش، :" ينبغي على تركيا وروسيا مناقشة كيفية وقف الصراع المدني السوري، والمصالحة السياسية ، وتقديم المساعدات الانسانية للشعب السوري. وينبغي أن يكون الجانين صرحاء في القضايا المختلفين فيها، واستخدام جميع الآليات الديلوماسية المتاحة، وهذا اساس اتفاق بين اردوغان وبوتين.

وذكرت بي بي سي في تحليل ذات الصلة، أن روسيا وتركيا تشهدان حاليا عزلة ديبلوماسية معينة، وبالتالي ادرك الجانبان أن التعاون في القضية السورية افضل خيار استراتيجي ، وأن التخلي عن المواجهة أفضل خيار لتعزيز التاثيرات الثنائية في القضايا الاقليمية.