تحقيق : مهمة شاقة لإزالة المواد المتفجرة بعد عامين من هجوم إسرائيل الأخير على غزة

غزة 2 أغسطس 2016 / يخشى الكثير من سكان قطاع غزة من الموت أو الإصابة بفعل انتشار قذائف وصواريخ لم تنفجر بعد عامين من انتهاء هجوم إسرائيل العسكري الأخير على القطاع الساحلي.

وألقت إسرائيل ما يربو على 20 ألف طن من المتفجرات خلال هجومها الأخير الذي استمر 51 يوما بحسب تقديرات وزارة الداخلية الفلسطينية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

وتتعاون طواقم تابعة للوزارة مع الأمم المتحدة في العمل من أجل إزالة مخلفات الهجوم الإسرائيلي البالغة الخطورة خاصة في المناطق الحدودية وسط مصاعب هائلة بسبب ضعف الإمكانيات البشرية والفنية اللازمة.

ويقول مدير إدارة شرطة هندسة المتفجرات في غزة العميد عماد العمصي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن تقديراتهم تظهر بأن مئات الأطنان من المتفجرات لم تنفجر وخطرها يتربص بمناطق مختلفة من قطاع غزة.

ويوضح العمصى، أن عملهم يتركز على "العمل من أجل إزالة مخلفات الحرب الإسرائيلية والتوعية من مخاطرها وإتلافها في مناطق مفتوحة بعيدا عن الأحياء السكنية".

وشنت إسرائيل في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس عام 2014 هجوما عسكريا واسع النطاق على قطاع غزة أدى إلى مقتل 2200 فلسطيني وما يزيد عن 10 آلاف جريح بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وهدم في الهجوم الإسرائيلي عشرات الآلاف المنازل السكنية ما بين كلي وجزئي عوضا عن دمار هائل في البني التحتية للقطاع المكتظ بنحو مليون و900 ألف نسمة.

وأغلب مخلفات الهجوم الإسرائيلي المتبقية من قذائف وصواريخ مدفونة في باطن الأرض وخاصة تحت أنقاض منازل سكنية دمرت كليا ما يجعل إزالتها تحمل مخاطر مضاعفة بحسب العمصي.

ويشير إلى أن بقاء هذه المخلفات يشكل خطرا كبيرا على أصحاب المنازل المدمرة، كما أنه يحول دون بدء عمليات إعادة إعمارها وهو ما يستلزم تكثيف الجهود لإزالتها بشكل كامل.

وتتكون إدارة شرطة هندسة المتفجرات في غزة من 70 موظفا، ويشتكى العمصي من أنها تفتقر لأبسط الإمكانيات الفنية لمنع إسرائيل إدخال معدات التعامل مع مخاطر المتفجرات بما في ذلك سواتر الوقاية للطواقم العاملة في هذا المجال.

وتقيم شرطة هندسة المتفجرات قرب مقرها في مجمع (الجوازات) الأمني الرئيسي وسط غزة صالة عرض لما أزالته من مخلفات صواريخ وقذائف أطلقها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة ولم تنفجر.

وتضم الصالة عشرات الأنواع من الصواريخ والقذائف بينها صاروخ موجهة لم ينفجر اسمه (هيل فاير)، بحسب المسؤولين في الشرطة، أطلقته إحدى الطائرات الحربية الإسرائيلية وهو يزن 139 كيلو جراما.

وسبق أن قتل تسعة من عناصر شرطة هندسة المتفجرات في غزة خلال عملهم في التعامل مع مخلفات قذائف وصواريخ إسرائيلية لم تنفجر خلال الأعوام الأربعة الماضية.

ومن بين هؤلاء القتلى الرائد حازم أبو مراد المسؤول السابق عن طاقم شرطة هندسة المتفجرات والذي كان قضى مع ثلاثة من مساعديه أثناء الهجوم الإسرائيلي الأخير جراء انفجار صاروخ إسرائيل.

وفي حينه قضى في الحادثة نفسها صحفي إيطالي يدعى كاميلي سيمون (35 عاما) وآخر فلسطيني يدعى علي أبو عفش، فيما أصيب صحفيان بجروح لدى تغطيتهم عملية تفكيك الصاروخ.

كما قتل 16 فلسطينيا وأصيب 97 آخرين بينهم 48 طفل جراء حوادث انفجار لقذائف وصواريخ إسرائيلية تكون مدفونة تحت الأرض ولم تنفجر خلال العامين الماضيين بحسب إحصائيات حقوقية فلسطينية.

ويستخدم مصطلح "مخلفات الحرب القابلة للانفجار" لوصف مجموعة كبيرة من الأجسام المتفجرة غير المنفجرة أو المتروكة التي تبقى في منطقة معينة بعد انتهاء النزاع المسلح."

وتشمل هذه الأجسام قذائف المدفعية، والقنابل اليدوية، وقذائف الهاون، والذخائر الصغيرة، والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة القابلة للانفجار.

وأعلن الاتحاد الأوروبي قبل أيام عن تقديمه مساهمة مالية بقيمة 800 ألف يورو لدائرة الأمم المتحدة للخدمات المتعلقة بإزالة الألغام في قطاع غزة عبر صندوق التبرعات الاستئماني لتقديم المساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام.

وذكر بيان صادر عن المفوضية الأوروبية في القدس تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، أن الدعم المالي المذكور سيساهم في حماية المدنيين في قطاع غزة ودعم عملية إعادة الإعمار.

وحسب إحصائيات لطواقم الأمم المتحدة العاملة في غزة في مجال إزالة الألغام، فإنه تمت إزالة وإتلاف ما يقرب من 3113 من أصل 7 آلاف من مخلفات الهجوم الإسرائيلي الأخير القابلة للانفجار.

ووفق نفس الإحصائيات تم تحديد 128 موقعا في قطاع غزة من قبل دائرة الأمم المتحدة لخدمات إزالة الألغام ذات الاحتمالية الكبيرة لوجود مخلفات حرب قابلة للانفجار مدفونة عميقا فيها، تم تطهير 33 موقعا منها حتى الآن للسماح بالبدء بعملية إعادة إعمار آمن فيها.

ودعمت دائرة الأمم المتحدة للخدمات المتعلقة بإزالة الألغام مشروع إزالة الركام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو ان دي بي) بإزالة ما يقرب من مليون طن من الركام في المناطق التي يوجد بها مستويات عالية من التلوث بمخاطر مخلفات الهجوم الإسرائيلي القابلة للانفجار.

وسبق أن عمل فريق تابع للأمم المتحدة لنزع الألغام في منتصف مارس من العام 2010 على إتلاف عدد من قذائف الفسفور الأبيض التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008.

واشترك في حينه فريق تابع لوحدة هندسة المتفجرات بشرطة حكومة (حماس) في غزة بالتعاون مع مؤسسة (ماغ) البريطانية وهيئة الأمم المتحدة بوضع القذائف في حفر عميقة والعمل على تفجيرها.

وبموازاة جهود طواقم إزالة مخلفات الصواريخ والقذائف فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة أطلقت حملة على مدار العامين الماضيين للتوعية من مخاطرها.

وتقول الناطقة باسم الصليب الأحمر سهير زقوت ل((شينخوا))، إن الحملة المذكورة تم إطلاقها مباشرة بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير واستهدفت في حينه سكان المناطق الحدودية لقطاع غزة.

وتضيف زقوت، أنه أمام تعاظم خطر مخلفات الحرب تم توسيع حملة التوعية لتشمل المزارعين والعمال في المناطق الحدودية مع قيام طواقم متخصصة من الصليب الأحمر في إعادة تأهيل ومسح المناطق الزراعية.

وتشير زقوت، إلى أنه تم لاحقا الانتقال لتوعية مجتمعية أوسع من خلال حلقات توعية تم تقديمها حتى الآن في 45 مدرسة حكومية تقع في المناطق الأكثر تأثرا بالهجوم الإسرائيلي للتوعية من مخاطر الأجسام غير المنفجرة وضرورة تبليغ الجهات المختصة دون لمسها أو الاقتراب منها.