تونس 2 أغسطس 2016 / اقترح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، تكليف القيادي في حركة (نداء تونس) وزير الشؤون المحلية الحالي في حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، برئاسة حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها بعد حجب الثقة عن حكومة الحبيب الصيد، ما أثار جدلا في الأوساط السياسية عشية حسم هذا الاقتراح باعتماده رسميا أو التخلي عنه.
وجاء هذا الاقتراح خلال الاجتماع الذي عقد مساء الإثنين بقصر قرطاج الرئاسي بمشاركة تسعة احزاب سياسية، وثلاث منظمات وطنية كانت قد وقعت في وقت سابق على وثيقة "إتفاق قرطاج" التي حددت أولويات حكومة الوحدة الوطنية، بحسب زهير المغزاوي الامين العام لحركة الشعب والذي شارك في اللقاء.
وحضر هذا الاجتماع الذي تواصلت أعماله لساعة متأخرة من ليلة الإثنين-الثلاثاء، راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة الاسلامية، وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحركة نداء تونس، وياسين ابراهيم رئيس حزب افاق تونس، وسليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر.
كما حضر الاجتماع محسن مرزوق الامين العام لحركة مشروع تونس، وكمال مرجان رئيس حزب المبادرة الوطنية الدستورية، وعصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسمير الطيب الامين العام لحزب المسار.
وحضر الاجتماع أيضا حسين العباسي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل(أكبر منظمة نقابية في البلاد)، و هشام اللومي نائب رئيسة منظمة أرباب العمل، وعبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
وقال زهير المغزاوي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الرئيس الباجي قائد السبسي اقترح اسم يوسف الشاهد لتولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة، وطلب من المشاركين مناقشة هذا الاسم قبل النظر في اعتماده خلال إجماع تشاوري سيعقد غدا الأربعاء.
وأكد أن مواقف الأطراف التي شاركت في الإجتماع تباينت بشكل واضح، واستبعد الوصول إلى توافق حول هذا الاسم خلال الاجتماع المقرر عقده الاربعاء.
ويمنح الدستور التونسي الرئيس حق اختيار رئيس جديد للحكومة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام من الإعلان الرسمي عن حجب الثقة عن حكومة الحبيب الصيد.
ويوسف الشاهد الذي اقترحه الرئيس السبسي لتولي رئاسة الحكومة القادمة يبلغ من العمر 41 عاما، وهو بذلك يعتبر واحدا من القيادات الشابة في حركة نداء تونس .
وأسندت للشاهد حقيبة الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد التي أعلنها في شهر يناير الماضي، وذلك بعد تولى مسؤولية كاتب الدولة (مساعد وزير) مكلف بالصيد البحري في فبراير 2015.
وقبل ذلك عمل الشاهد استاذا جامعيا وخبيرا دوليا في السياسات الزراعية، وهو حاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم الزراعية ، كما درس في جامعات في البرازيل واليابان وله العديد من الإصدارات و المشاركات في عدد من التظاهرات العلمية العالمية.
وقد أثار اقتراح الرئيس التونسي بتكليف الشاهد برئاسة الحكومة المرتقبة جدلا سياسيا واسعا في تونس.
ورغم أن كافة الأوساط السياسية أجمعت على حق الرئيس السبسي الدستوري في تكليف الشخص الذي يراه مناسبا لرئاسة الحكومة، فإن ذلك لم يمنع البعض منها من التعبير عن موقفها الرافض والمؤيد لهذا الاقتراح.
وبحسب نور الدين بن تيشة المستشار السياسي للرئيس التونسي المكلف بالعلاقة مع الأحزاب السياسية، فإن الدستور يعطي الحق لرئيس الجمهورية في ترشيح الشخصية الأقدر على ترأس حكومة الوحدة الوطنية مع مراعاة الجانب السياسي من خلال التشاور مع الأحزاب التي شاركت في الحوار حول مبادرة تشكيل هذه الحكومة ووقّعت على اتفاق قرطاج.
وقال بن تيشة في تصريحات بثتها بعد ظهر اليوم (الثلاثاء) إذاعة (موزاييك اف ام) المحلية إن الرئيس السبسي طلب من الأطراف المشاركة الموافقة على شخصية الشاهد أو تقديم مقترح آخر لشخصية تحظى بالإجماع.
وأشار إلى أن السبسي سيجتمع غدا الاربعاء مع الأحزاب لمعرفة موقفها حول وجود شخص متوافق عليه من عدمه، مؤكدا في هذا السياق أن الأحزاب لم تعبّر في المطلق عن معارضتها لشخص يوسف الشاهد.
ومع ذلك، أكد عماد الحمامي الناطق الرسمي باسم حركة النهضة الاسلامية، إن حركته "ستقبل بترشيح يوسف الشاهد لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية إذا ما تم ترشيحه بصفة رسمية من قبل رئاسة الجمهورية".
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن الحمامي قوله، إن حركة النهضة "لا تمانع بأن تكون الشخصية المرشحة من حركة نداء تونس"، لافتا إلى أن حركته "تفضل الافصاح عن موقفها بهذا الشأن بعد الإعلان الرسمي عن الشخصية التي ستكلف بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية".
في المقابل، اعتبر وليد جلاد القيادي بحركة مشروع تونس برئاسة محسن مرزوق، أن حركته تُفضل ألا يكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية متحزبا حتى لا تنعكس مشاكل الأحزاب السياسية على أداء الحكومة.
وشدد جلاد في تصريحات للصحفيين على ضرورة أن يكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية "شخصا يحظى بمساندة الجميع".
فيما اعتبرت سميرة الشواشي الناطق باسم حزب الاتحاد الوطني الحر، أن ترشيح يوسف الشاهد يعد "رسالة ايجابية".
وقالت الشواشي إن حزبها الذي انخرط بكل جدية في مختلف مراحل مبادرة الرئيس لتشكيل حكومة وحدة وطنية يرى أن مواصفات رئيس الحكومة المستقبلي مسؤولية تعود إلى رئيس الدولة صاحب المبادرة.
أما زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب، فقد رأى أنه "من المستحسن أن يكون رئيس الحكومة الجديد من خارج الأحزاب"، لافتا إلى أن اقتراح يوسف الشاهد "كان مغايرا لأن السياق السياسي يقتضي أن تكون شخصية رئيس الحكومة القادمة توافقية ونتيجة لمشاورات واتفاقات بين الأحزاب المشاركة في حوار قرطاج".
إلى ذلك، شدد عصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري على أن حزبه لا يناقش الحق الدستوري الذي يخول لرئيس الجمهورية اقتراح الشخصية التي يراها الأقدر على قيادة الحكومة في الفترة القادمة، إلا أن السياق السياسي يقتضي، حسب رأيه، أن يتم التوصل إلى تحديد مواصفات رئيس الحكومة ومن ثمة يتم مناقشة الأسماء المرشحة لهذا المنصب بناء على التوافق الذي ساد المرحلة الأولى.