بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة أول أغسطس 2016 / أكد محللون مصريون على أن اصرار الولايات المتحدة الأمريكية على نشر منظومة "ثاد" المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية بمثابة بداية لحرب باردة جديدة.
وأوضحوا أن واشنطن تسعى بقوة لمحاصرة الاتحاد الروسي والصين بالقلاقل واثارة المشاكل حولهما، سعيا منها للحفاظ على هيمنتها على العالم.
وأكد السفير أحمد الغمرواي مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن اصرار الولايات المتحدة الأمريكية على نشر منظومة الدرع الصاروخي "ثاد" في شمال شرق آسيا وخاصة كوريا الجنوبية بداية لحرب باردة جديدة حقيقية.
وقال الغمراوي لوكالة أنباء (شينخوا) إنه من الواضح أن هناك محاولة لمحاصرة الصين والاتحاد الروسي من خلال زرع قواعد الصواريخ حول البلدين باعتبارهما يمثلان التهديد الأبرز للولايات المتحدة خاصة والغرب بشكل عام عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
وأضاف إن الولايات المتحدة بدأت تستشعر تراجع هيمنتها، ودحر قوتها وضعف اقتصادها في الوقت الذي يتنامى فيه الدورين الصيني والروسى بشكل كبيرا جدا، وهو ما دفع واشنطن للتحرك سريعا اليوم باثارة المشاكل في وجه بكين وموسكو، وعدم الانتظار للغد.
وفي 8 يوليو الماضي، أعلنت السلطات العسكرية في كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة قرارهما بنشر منظومة "ثاد" في منطقة غير محددة فى كوريا الجنوبية.
وأوضح الغمراوي أن واشنطن لا تسعى حاليا للدخول في مواجهة مباشرة مع الصين وروسيا، ولذلك فهي تدفع بحلفائها للقيام بهذا الدور من خلال نشر منظومة "ثاد" في كوريا الجنوبية، تحريض الفلبين واندونيسيا على اثارة أزمة بحر الصين الجنوبي، دفع اليابان ودول أخرى حليفة على الدخول في تجمعات اقتصادية.
وأشار إلى أن أكبر دليل على استشعار الأمريكيين لهذا الخطر، الدعاية الانتخابية للرئاسة الأمريكية تؤكد على ضرورة أن يكون "القرن الحالي هو قرن أمريكي بامتياز".
وتابع قائلا "صحيح أن كوريا الشمالية تضغط بشدة على واشنطن، ولكن منظومة (ثاد) الصاروخية ظاهرها أنها ضد كوريا الشمالية ولكن حقيقتها أنها ضد الصين وروسيا".
و"ثاد" هو عبارة عن منظومة دفاع صاروخية أمريكية متقدمة، صممت لإسقاط صواريخ على ارتفاعات عالية نسبيا تتراوح ما بين (40 - 150 كلم) باستخدام تكنولوجيا الإصابة بهدف التدمير.
وفيما تقول واشنطن إن هذا النظام يستهدف حماية كوريا الجنوبية من تهديدات صواريخ كوريا الديموقراطية، فإن صواريخ كوريا الديمقراطية قصيرة المدى تطير على ارتفاع أقل من (20 كلم) ما يجعل من غير الممكن اعتراضها من قبل صواريخ (ثاد).
واستطرد الغمراوي قائلا " لقد كنت سفيرا سابقا في أفغانستان، وأؤكد أن الجيش الأمريكي لم يخرج من أفغانستان، وما زالت هناك قواعد أمريكية ونحو 10 الاف جندي أمريكي على اقل تقدير موجودون فيها ليس من أجل أمن أفغانستان، ولكن باعتبارها منصة على الصين".
ولم يستبعد مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن تكون واشنطن وراء تنظيم طالبان كما كانت وراء تنظيم القاعدة من قبل، وذلك حتى تبرر وجود قواتها في أفغانستان.
وأعرب الغمراوي عن اعتقاده بأن "الصين لن تقاد إلى حرب، خاصة وانها تعتمد على نظام اقتصادي نجحت فيه بجدارة، وليس من مصلحتها تغيير سياستها واستراتيجيتها الحالية".
وأشار إلى أن الاقتصاد هو أهم سلاح في الحروب حاليا، وأن التفوق الاقتصادي للصين هو انتصار لها وعليها أن تحافظ على هذا الانتصار.
وبدأت البحرية الصينية، اليوم (الاثنين)، مناورات شملت إطلاق عشرات الصواريخ والطوربيدات في بحر الصين الشرقي.
وأفاد بيان رسمي صادر عن البحرية الصينية بأن التدريبات تهدف إلى شحذ القدرات الخاصة بقواتها على الهجوم بكثافة ودقة وسرعة وثبات وسط التأثيرات الكهرومغناطيسية القوية.
وقال البيان إن الحرب القائمة على تكنولوجيا المعلومات في البحر تعتمد على عنصر المفاجأة وتتصف بالقسوة وقصر مدتها وهو الأمر الذي يتطلب الانتقال الفوري إلى وضع القتال والاستعداد السريع والكفاءة العالية عند الهجوم.
وأشار البيان إلى أن التدريب الذي يشمل الغواصات والسفن ويتضمن كذلك القوات الجوية البحرية وخفر السواحل.
من جانبه، أكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن حربا باردة باتت تلوح بالأفق بشمال شرق آسيا حاليا.
وقال اللاوندي لوكالة أنباء (شينخوا) إن حربا باردة أصبحت على وشك الاندلاع بشمال شرق آسيا على خلفية التصرفات الأمريكية بالمنطقة.
واستطرد قائلا " حربا باردة ولكنها ليست بنفض الضراوة التي كانت عليها الحرب الباردة في فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضي بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي".
وأشار إلى وجود خلافات مستحكمة بين الولايات المتحدة التي تدفع كوريا الجنوبية والفلبين وأندونيسيا وغيرها من الدول في مقابل الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وهي حربا باردة ولكنها أقرب ما تكون لحرب بالوكالة.
وحذر من أن التصرفات الأمريكية بالمنطقة من شأنها عرقلة جهود احتواء التوتر مع كوريا الشمالية، والانتقال من الحلول السياسية إلى الحلول العسكرية، الأمر الذي يشكل تهديدا للمنطقة.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد حالة من الاستقطاب السياسي والعسكري بالمنطقة، وأن طرفي الصراع سيبذلان مساعي حثيثة في محاولة إلى حشد الحلفاء لدعم موقفيهما.
ولكن اللاوندي استبعد في الوقت نفسه أن يصل الوضع إلى الحرب المسلحة، مرجحا أن تلعب السياسة والمصالح الاقتصادية دورا مهما في دفع الأطراف المختلفة للعمل على احتواء التوتر، وابقاء الوضع في حدود الحرب البادرة على اقصى تقدير.
وسبق وأن أعربت الصين عن استيائها الشديد ومعارضتها الحازمة لنشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في جمهورية كوريا.
وأضافت الوزارة أن نشر نظام الدفاع الصاروخي المذكور لا يفضي إلى تحقيق نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية والحفاظ على السلام والاستقرار فيها.
وقالت الوزارة إن هذه الخطوة تتعارض مع الجهود المبذولة لتهدئة التوترات الإقليمية عن طريق الحوار والتفاوض، وتضر بشدة بالمصالح الأمنية للدول في هذه المنطقة، بما في ذلك الصين، بالإضافة إلى "التوازن الاستراتيجي" في الإقليم.
وحثت الصين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على وقف نشر "ثاد"، و "عدم اتخاذ إجراءات من شأنها تعقيد الوضع في المنطقة، والإضرار بالمصالح الأمنية الإستراتيجية للصين". /نهاية الخبر/