تحقيق إخبارى : النازحون السوريون من حصار لحصار

بقلم: طاهر أبو حمدان

بيروت 26 يوليو 2016 / "ضاقت بنا الدنيا، اننا في سجن كبير، كثر فيه الجلادون، فلم نعد نقوى على شيء" هذا لسان النازحين السوريين في لبنان، كما يردد الشاب سامح ابو العليان النازح من ادلب إلى مخيم بر الياس في البقاع اللبناني، "لقد بتنا حقا في حالة ارباك، القوى الأمنية اللبنانية يضيف تلاحقنا في مخيماتنا، على خلفيات أمنية، وعند الحواجز العسكرية يتم توقيف المئات يوميا، بحجج عدم حيازتهم على اقامات شرعية، هذا في النهار.

اما في ساعات الليل الطويل، فهناك قرارات قاسية، منسقة بين البلديات والأجهزة الأمنية، تفرض علينا حالة منع التجول مهما كانت الأسباب، وذلك ما بين الساعة التاسعة أو العاشرة ليلا وحتى السادسة صباحا، تحت عناوين الحد من أعمال الأرهاب، حيث التهمة موجهة في أكثر الأحيان إلى النازحين.

امام خيمة نزوحه في الطرف الغربي لبلدة كامد اللوز، جلس النازح من حلب احمد ابو الفتوي مع مجموعة من النازحين، فوق مقاعد خشبية مشوهة، الحديث يتمحور حول ما اسموه، طوق المضايقات التي يتعرض له المجتمع السوري النازح، يشرح ليقول "نحن كنازحين في حالة انقسام حقا، وهذا يعرفه الجميع، مجموعات تميل إلى الجهات التكفيرية المسلحة وأخرى في المقلب الآخر، في حين تبقى فئة كبيرة بعيدة كل البعد عن الطرفين، ولها استقلاليتها وتوجهاتها التي تتناسب مع مصالحها، هي فئة يمكن القول انها محايدة، ولكن المشكلة يضيف في القرارات المتخذة في اطار ما يسمونه تنظيم وضع النازحين، قرارات جماعية تطال كل المجتمع النازح بكافة تنوعاته، ودون تمييز، هنا تكمن المشكلة، وعندها يشعر كل منا انه مذنب وعليه تحمل كل العواقب.

يوضح النازح من ريف دمشق إلى راشيا الوادي حسن العرفي، والعامل في مجال البناء، ما حل به خلال مروره على احد الحواجز الأمنية اللبنانية، وهو في طريقه إلى عمله في احدى الورش، القريبة من مكان اقامته، طلب مني احد العناصر اوراقي الثبوتية، حيث كانت منتهية اقامتي منذ اسبوع، سالني لماذا لم تجددها بعد، قلت بصراحة يلزم تجديدها 300 الف ليرة لبنانية، وهذا المبلغ غير متوفر.

وأضاف " انتظر قبض راتبي البالغ 450 الف ليرة نهاية هذا الشهر، حتى اتمكن من انجاز المعاملة ودفع رسومها، فكان ان اقتادني مع ثلاثة من رفاقي إلى احد المراكز الأمنية واحتجزنا لفترة 24 ساعة، ولم يخلى سبيلنا الا بعد تدخل كفيلنا رب العمل، اما النازح جمال الجودي من حلب يقول إنا احتجزت اسبوع بسبب مخالفتي القوانين اللبنانية المرعية، والسبب عدم تكمني من تأمين رسوم الأقامات لي ولأفراد عائلتي وعددهم 7 افراد، هذا يلزمني دفع 2100000 ليرة كرسوم ومثل هذا المبلغ يستحيل علي تأمينه، مما يلزمنا الأحتماء داخل المخيم، خوفا من الأحتجاز وعدم مغادرته حتى يفرجها الله ".

قرارات منع التجول الليلي للنازحين خاصة في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، يقول أحد رؤساء بلديات قرى البقاع الحدودية مع سوريا والذي اراد التحفظ على اسمه، فرضتها عدة امور معظمها امنية، ستكون لها مفاعيل ايجابية على المواطنين اللبنانيين كما النازحين السوريين، فحركة المسلحين حسب جهات عسكرية، تسجل معظمها في الليل، وفي الكثير من الحالات تكون تجمعات النازحين ومخيماتهم هي نقطة الأنطلاق اوالتلاقي، كذلك اعمال التهريب للسلاح وللمسلحين تسجل ليلا، هذا ما دفع بالجهات العسكرية بالتنسيق مع البلديات لإتخاذ قرار منع التجول، والذي ستكون له الكثير من الأمور السلبية على حياة النازحين، لكن في نفس الوقت ستكون هناك مفاعيل ايجابية، منها الحد من العقاب الجماعي.

لم تقف معاناتنا عند هذا الحد من التوقيفات على الحواجز او منع التجول، فهناك حصار للمخيمات وتفتيشها من قبل الأجهزة الأمنية، كما تشير النازحة من ريف ادلب ام محمد عليا السروجي 55 عاما، نكون نياما وعند منتصف الليل، او في ساعات الفجر، نتفاجا بعشرات الجنود داخل المخيم، يدخلون الخيم يفتشوا الأمتعة وكل المحتويات، يعتقلوا الكثير بسبب عدم وجود اوراق ثبوتية، او لأرتباطات بجماعات مسلحة، تمر ساعات طويلة من الخوف والرعب والقلق، اننا على دراية ان مثل هذه الأجراءات الأمنية ضرورية.

ويقول النازح نجيب ابو القنصو من ريف حماة، اننا نتفهم دوافعها ونعرف انها حاجة امنية مع ازدياد اعمال العنف، ومع اكتشاف عناصر نازحة مرتبطة بالنصرة وداعش وغيرها من المنظمات الأرهابية، وكل ما نطلبه ان لا يذهب الصالح بجملة الطالح، وان تستثني الاجراءات القاسية او العقاب، الأكثرية النازحة، والتي تتعدى حسب جميل ايوب احد رؤساء بلديات البقاع ال 90 % من النازحين، فغاية هؤلاء وهمهم تأمين لقمة العيش وحبة الدواء، بانتظار انتهاء الأزمة السورية، ليعودوا بعدها إلى ديارهم وارزاقهم.