القاهرة 31 مايو 2016 / أكد عدد من المحللين والخبراء أن العلاقات المصرية الصينية التي يحتفى اليوم (الثلاثاء) بتدشينها تزداد قوة ومتانة لخدمة مصالح الشعبين.
واعتبروا علاقات البلدين بمثابة "الاستثناء" في العلاقات الدولية، فمنذ تدشينها لم يشوبها شائبة ولم يعكر صفوها أي حادث حتى ولوكان عارضا.
وتحتفل القاهرة وبكين اليوم بمرور 60 عاما على العلاقات الدبلوماسية التي تم تدشينها بينهما في مثل هذا اليوم من عام 1956.
وأكد السفير محمود علام سفير مصر السابق ببكين، أن العلاقات المصرية الصينية تتميز بالاستثناء عن علاقات أخرى كثيرة، مشيرا إلى أنه لم يشبها أي شائبة منذ تدشينها.
وقال علام لوكالة أنباء (شينخوا) إن تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين جاء في مرحلة مهمة من تاريخ البلدين وقيامهما بلعب دورا دوليا في أعقاب اجتماع باندونج في عام 1955، وتشكيل حركة عدم الانحياز في اطار سعيهما للخروج من وصاياه وسيطرة القوى العظمى في ذلك الحين.
وأضاف إن انتماء مصر والصين لدول العالم الثالث – الدول النامية – دفعهما لتبني قضايا الدول النامية والضعيفة والدفاع عنها في المحافل الدولية المختلفة.
وأشار إلى أنه كان للصين مواقف مشرفة من مصر خاصة في وقت الأزمات، ضاربا مثلا بموقف الصين خلال العدوان الثلاثي على مصر، واعلان بكين امكانية ارسال مليون متطوع للمحاربة بجانب مصر.
كما أشار إلى موقف الصين عندما قرر الغرب فرض حصار على القطن المصري باعتبارها السلعة الرئيسة في الستينيات، واعلان الصين رغبتها في شراء القطن المصري كله مما ساهم في افساد المخطط الغربي لحصار مصر اقتصاديا.
واستطرد علام قائلا "كما كان لمصر موقف داعم للصين لاستعادة مقعدها بمجلس الأمن والأمم المتحدة، وقادت مصر دعما إفريقيا وعربيا لدعم الصين في استعادة حقها مجددا.
ونوه بأن "العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين شهدت أخيرا تناميا كبيرا، وهو ما اتضح في توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين، والزيارة المتبادلة بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والصيني شي جين بينغ.
وأوضح أنه تم ترجمة هذا التنامي الكبير في العلاقات السياسية في المزيد من التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والمشروعات الاستثمارية التي تم الاتفاق على اقامتها وتمويلها في مجالات استراتيجية مختلفة خاصة في مجال الطاقة.
وتعتبر مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، في أعقاب اللقاء الذي جمع الزعيمين المصري جمال عبد الناصر، والصيني شواين لاي في باندونج عام 1955.
ويرى الدكتور أحمد قنديل الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العلاقات بين مصر والصين تعد في أفضل حالاتها في السنوات الأخيرة وأنها تسير من أفضل لأفضل باستمرار.
وقال قنديل لوكالة أنباء (شينخوا) إن البلدين وهما يحتفلان بالذكرى الـ 60 لتدشين العلاقات الدبلوماسية، فإن العلاقات بينهما تشهد تعاونا غير مسبوقا، مشيرا إلى الزيارات المتبادلة بين قيادتيهما.
وأضاف إن التعاون يسير بخطى متسارعة ومتلاحقة في مختلف المجالات وخاصة في مجالات الطاقة والبحث العلمي وصناعات الغزل والنسيج.
وحول الدور الذي يمكن أن يعكسه هذا التقارب على منطقة الشرق الأوسط، أوضح قنديل أن القاهرة وبكين لديهما اهتماما كبيرا بتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، مشيرا إلى كون الدولتين عضوين مجلس الأمن، الصين عضو دائم ومصر عضو غير دائم.
وأشار إلى وجود تقارب كبير في وجهات نظر الجانبين حيال قضايا المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالازمة السورية وضرورة تسويتها بالطرق السياسية وعدم التدخل العسكري الأجنبي.
كما اشار إلى اتفاق مصر والصين حول القضية الفلسطينية وأهمية تحريك عملية السلام المتوقفة وحل القضية على أساس الدولتين، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.
ونوه بالتعاون الكبير بين الجانبين فيما يتعلق بمكافحة الارهاب ومقاومة الجماعات والتنظيمات الإرهابية ومواجهة الأفكار المتطرفة الداعمة للارهاب، مشيرا في هذا الصدد إلى التعاون في مجال تبادل المعلومات.
من جانبه، أشاد الدكتور ياسر جاد الله مدير مركز البحوث والدراسات الصينية - المصرية بجامعة حلوان، بالتطور الكبير الذي تشهده العلاقات المصرية - الصينية، وقدرة البلدين على الحفاظ على قوة الدفع المستمرة مما يجعلها تتجه بقوة نحو الشراكة التامة.
وقال جاد الله إن العلاقات الثنائية تتجه للمزيد من الرسوخ خاصة بعد اطلاق الرئيس الصيني لمبادرة "طريق الحرير"، ووقوع مصر على هذا الطريق باعتبارها نقطة تلاق لقارات العالم القديم.
وأضاف إن العلاقات المصرية الصينية يمكن أن تكون تكاملية من خلال ما تقدمه الصين من تكنولوجيا متقدمة وقدرات مالية هائلة وخبرات عالية المستوى، وبما توفره مصر من موقع جغرافي متميز وفرص استثمارية ضخمة، وسوق كبير يمتد إلى محيطها العربي والأفريقي.
بدوره، قال محمد مندور عضو المجلس الأعلى للثقافة إن العلاقات المصرية - الصينية تقوم على خلفية ثقافية مشتركة بين اثنين من أقدم الحضارات في العالم، وهما الحضارة المصرية القديمة والحضارة الصينية.
وأكد مندور لوكالة أنباء (شينخوا) أن عمق العلاقات الثقافية بين البلدين من شأنه أن يكون له أثر مباشر في تمهيد الطريق لمزيد من التعاون الثقافي بينهما.
وأوضح أن الفنون الصينية خاصة السيرك والبالية من الفنون التي أبهرت المصريين في حفل إطلاق العام الثقافي المصري الصيني، ويمكن أن تجد لها رواجا في دور الأوبرا والسيرك بالقاهرة.
وأشار إلى أن التبادل الثقافي بين البلدين يمنح العلاقات السياسية والاقتصادية قوة ومتانة، فالثقافة هي الجسر والقوة الناعمة بين الشعوب.
وطالب مندور بضرورة زيادة أوجه التعاون الثقافي وتبادل الخبرات من خلال معارض وورش عمل مشتركة في مجال الصناعات الثقافية.
ولفت إلى أن هناك مقومات وتجارب ثقافية تتميز بها البلدان يمكن أن تكون محاور للتعاون، فالصين تفوقت في مجال الصناعات الثقافية الإبداعية بشكل ملحوظ وأصبحت تدر دخلا كبيرا عليها، كما أنها من أهم الصناعات التصديرية للخارج، وهو ما يمكن لمصر أن تستفيد من هذه التجارب المهمة.
وأطلق الرئيسان الصيني شي جين بينغ والمصري عبدالفتاح السيسي مطلع العام الجاري في احتفالية ضخمة أقيمت بمحافظة الأقصر، جنوب مصر، "عام الثقافة المصرية - الصينية" بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 60 لتدشين العلاقات الدبلوماسية.
ويتضمن برنامج العام الثقافي عشرات الفاعليات التي تتم في مختلف المدن المصرية والصينية بالتبادل وعلى مدار العام. /نهاية الخبر/