العلاقات الصينية السودانية علاقات أزلية ... رؤى تحليلية

أحمد حسن عمر - وكالة السودان للانباء

      ترجع العلاقات الودية التقليدية بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية السودان الى زمن بعيد منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 57 عاما ، حيث شهدت العلاقات الثنائية تطورا ملحوظا وحقق التعاون العملي بين البلدين نتائج مثمرة . وقد اصبح البلدان صديقين حميمين واخوين عزيزين وشريكين جيدين، واصبحت العلاقات الثنائية نموذج للتعاون بين الجنوب - الجنوب . ففي سبتمبر الماضي زار فخامة الرئيس عمر البشير الصين لحضور فعاليات احتفالية بانتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني وانتصار حرب شعوب العالم ضد النازية ، حيث وقع رئيسا البلدين على البيان المشترك لاقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين . هذا يرمز الى قفزة نوعية للعلاقات الثنائية وأرسى اساسا متينا لمستقبل هذه العلاقات . وقال القائم بالاعمال بسفارة الصين بالخرطوم وانغ يي في مقابلة لوكالة السودان للانباء ان الصين حريصة على العلاقات مع السودان مؤكدا استعدادها للعمل معه على دفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الى تطور مستمر خدمة لخير البلدين والشعبين.

    يعتبر الاحترام والتفاهم المتبادل ميزة ثمينة للعلاقات الصينية السودانية حيث تهتم الصين بأهمية السودان في الشؤون الدولية والاقليمية ، وظلت تحافظ على التواصل والتنسيق الجيد مع السودان في المحافل الدولية والاقليمية ، للعمل سويا على اقامة منظومة دولية أكثر عدالة وانصافا وصيانة المصالح المشتركة للدول النامية بصفتها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ، كما ظلت الصين تتبنى مواقف موضوعية وعادلة وتدعم بثبات جهود السودان للحفاظ على سيادة البلد ووحدة الاراضي وتحقيق السلام والاستقرار ، كما ترفض الصين التدخل الخارجي لشؤون السودان الداخلية تحت اي مسمى . ولجمهورية الصين الشعبية مواقف وآضحة وظلت تقف ضد العقوبات الاحادية الجانب من اي دولة بموجب قوانينها الوطنية، وترفض بشكل خاص استخدام العقوبات الآحادية الجانب كالية في اي وقت بما يضر بالحقوق والمصالح الشرعية للبلدان الخرى .

   وقال يي في مايو الماضي زار السودان كل من السيد نور بكري نائب مدير اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح ورئيس هيئة الطاقة الصينية والسيد تشانغ مينغ نائب وزير الخارجية الصيني . من خلالها قام السيد نور بكري مع الجانب السوداني برئاسة أول اجتماع للجنة الحكومية لتعاون الطاقة بين الصين والسودان، وقام السيد تشانغ مينغ بأجراء الجولة السابعة للمشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية . وقال وآنغ يي هناك آليات تعاون كثيرة بين البلدين وقد عقد الجانبان حتى الآن 3 جولات من الحوار الرفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب المؤتمر الوطني و10 جولات لاجتماع للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري فضلا عن ذلك ان الجانبين اجريا تعاونا مثمرا في اطار منتدى التعاون الصيني الافريقي ومنتدى التعاون الصيني العربي . مؤكدا استعداد الصين للعمل مع السودان على استثمار هذه الاليات الثنائية والمتعددة الاطراف لاضافة ديناميكية جديدة لعلاقات شراكة استراتيجية بين البلدين .

   وأبان وانغ أن الصين تولي اهتماما بالغا للتعاون الاقتصادي والتجاري مع السودان وتعتبره من أهم أهداف الاستثمار في افريقيا وظلت تشجع الشركات الصينية ذات القدرة القوية والمصداقية الجيدة للاستثمار في السودان . مشيرا الى ان استثمار الصين في السودان جاوز 10 مليارات دولار في مجال النفط وحده ، هذا ساعد على استكمال منظومة الصناعة النفطية المتكاملة على المجرى الاعلى والاسفل بما يساهم في التنمية الاقتصادية السودانية. كما قامت الصين بالاستثمار في مجال الزراعة والمعادن في السودان ، الامر الذي حقق المصالح والتنمية المشتركة للجانبين .

    أشار القائم بالاعمال بسفارة جمهورية الصين الشعبية بالخرطوم السيد وآنغ يي في حواره مع وكالة السودان للانباء ان فخامة الرئيس عمر البشير أسس للجنة الوطنية للاشراف على العلاقات مع الصين بنفسه، هذا يعكس حرص فخامته والحكومة السودانية على العلاقات مع الصين مما حدا بالصين ان تقدر ذلك تقديرا عاليا.وابان وانغ ان الدكتور عوض الجاز صديق قديم للشعب الصيني وهو يعتبر أهم شخصية دشن ودعم التعاون النفطي وقدم مساهمة بارزة لتطور العلاقات الثنائية . هذا فقد منحه فخامة الرئيس شي جينبينغ جائزة المساهمات البارزة للصداقة العربية مؤكدا ثقة بكين بانه سيواصل في تقدين مساهمة جديدة في هذا المنصب المهم .

   وقال يي السودان بلد عربي و افريقي مهم وعضو مهم في الجامعة العربية والاتحاد الافريقي حيث يربط السودان العالم العربي بالقارة الافريقية ويتميز بموقع جغرافي ممتاز . مشيرا الى ان الصين حافظت على علاقات الصداقة والتعاون مع الدول العربية والافريقية وأجرت معها تعاونا مثمرا في هذه السنوات في اطار منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني والافريقي . مبينا انه في قمة جوهانسبرج لمنتدى التعاون الصيني الافريقي في العام الماضي ، ان فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ طرح المبادرات العشرة للتعاون الصيني الافريقي ، كما طرح خلال زيارته لمقر جامعة الدول العربية سلسلة من المبادرات للتعاون مع الدول العربية . ففي الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي عقد في مايو الماضي ، تم طرح اجراءات لمتابعة تنفيذ مبادرات فخامة الرئيس شي جينبينغ التي تؤكد استعداد الصين للعمل مع السودان لترجمة هذه المبادرات الى أرض الواقع في السودان في يوم مبكر.

   وعن مبادرة طريق الحرير "الحزام الاقتصادي " قال وآنغ يي ان ما ذكر عن طريق الحرير او الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21 (الحزام والطريق) والبناء المشترك للحزام والطريق هو مبادرة مطروحة من فخامة الرئيس شي جينبينغ ، هو يحتوي على خمس ركائز متمثلة في التبادل حول السياسات وترابط المنشآت وتفاعل التجارة وانسياب رؤوس الاعمال وتواصل قلوب الشعوب . موضحا ان المبادرة تهدف الى تعزيز شراكة الدول المعنية وتحقيق التنمية المشتركة على أساس التعددية والارادة الذاتية والتوازن والاستدامة . فمن هذا المنطلق تعتبر جمهورية الصين الشعبية ان السودان شريك مهم لبناء الحزام والطريق ، مؤكدا ان بكين تعمل الآن مع الخرطوم على مناقشة اجراءات التعاون المعنية . وقال ان الحلم الصيني هو تحقيق النهضة للامة الصينية المتمثلة في رخاء الوطن ورفاهية الشعب مشيرا الى ان الحلم الصيني له قواسم مشتركة مع أحلام شعوب العالم ويتوافق مع طموحات الشعب السوداني في تحقيق السلام والتنمية والنهضة . مؤكدا في هذا الصدد استعداد الصين للعمل مع السودان يدا بيد من أجل دفع التواصل والتعاون بين البلدين خدمة لطموحات ورخاء الشعبين.