الفلوجة، العراق 27 مايو 2016 / يعيش أهالي مدينة الفلوجة (50 كلم) غرب العاصمة العراقية بغداد، وضعا إنسانيا صعبا للغاية نتيجة السياسة الإرهابية التي يتبعها تنظيم داعش ضدهم ويمنع خروجهم من المدينة خاصة بعد شن القوات العراقية عملية لتحريرها وتخليص أهلها.
المواطن الفلوجي اليوم أصبح يتمنى دخول القوات العراقية إلى المدينة لتحرير أهلها من هذا الاضطهاد والظلم والقسوة التي عاشوها تحت حكم التنظيم الإرهابي ومعاملته السيئة للأهالي الذين يعانون الحرمان من كل شيء.
وقال أحد سكان الفلوجة، طلب عدم الكشف عن اسمه، خوفا على حياته لوكالة أنباء ((شينخوا))، "نعيش حاليا حياة صعبة جدا ومعاملة سيئة من قبل التنظيم المتطرف الذي لا يتوانى عن معاقبة أي شخص ينتقد تصرفاتهم الخاطئة، فضلا عن عدم توفر الغذاء والدواء والكهرباء ولا حتى ممرات آمنة لكي نهرب، إننا نعيش في سجن ولا نعرف متى نموت".
وأضاف " قبل يومين قام عناصر التنظيم الإرهابي بجلد إمرأة أمام الناس في السوق لأنها شتمت مايسمى بوالي الفلوجة الذي جلب الويل والثبور لهذه المدينة وجعلها تحت الحصار الخانق وجعل أهلها من أفقر الفقراء بعد صادر الكثير من ممتلكات الناس".
وأشار إلى أن أسعار المواد الغذائية في الفلوجة ارتفعت بشكل كبير جدا لايكاد يصدق، مبينا أن سعر كيس الدقيق وصل إلى مليوني دينار عراقي (1600 دولار) في حين أن سعره في السوق لايتجاوز 40 ألف دينار، موضحا أن المواد الغذائية بدأت بالنفاد من المدينة والأهالي مهددون بالمجاعة.
وأفاد المواطن الفلوجي بأن عناصر التنظيم الإرهابي بدت على وجوههم آثار الخوف والاضطراب نتيجة العمليات العسكرية التي تنفذها القوات العراقية وبدأت معاملتهم تتغير مع الناس كلما اقتربت القوات العراقية من الفلوجة.
وقال "اليوم يتعامل عناصر التنظيم مع الناس بشكل أفضل من السابق وقدموا بعض المساعدات للناس على العكس مما كانوا يفعلونه في السابق من شتم واعتقال لكل من يطالبهم بتوفير الغذاء أو الدواء أو يعرفون بأنه يتضجر من الوضع".
وأكد المواطن الفلوجي أن عناصر التنظيم الإرهابي بتصرفاتهم أثبتوا ارتباكهم الشديد وخوفهم من ثورة كبيرة ضدهم تنطلق من داخل مدينة الفلوجة ردا على ما ارتكبوه من جرائم بحق أهالي هذه المدينة.
وأعرب المواطن الفلوجي عن أمنياته بأن تدخل القوات العراقية إلى الفلوجة بأسرع وقت لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي أجبرها التنظيم الإرهابي على التواجد في وسط المدينة واستخدامها كدروع بشرية، لكنه لم يخف قلق قسم من السكان وخوفهم من وجود بعض الأفراد غير المهنيين في القوات العراقية قد تتعامل معهم بصورة غير لائقة أو تعتدي عليهم.
وأوضح بعد انطلاق العمليات العسكرية أجبر التنظيم الإرهابي مئات العوائل على النزوح من محيط المدينة وأطرافها إلى وسطها، مع مواصلة عناصره منع العوائل الخروج من المدينة والذي يخالف يتعرض للقتل.
وكشف عن وجود بعض عناصر التنظيم يسمحون بخروج العائلة من المدينة ليلا مقابل ثلاثة ملايين دينار عراقي (2400 دولار)، متسائلا أن العوائل لايوجد لديها ما تشتري به لقمة الخبز لأطفالها فكيف لها أن تدفع هذه المبالغ الكبيرة.
وخلص إلى القول "الوضع مخيف جدا فاذا لم تسرع القوات العراقية وتحرر المدنيين الرهائن فإنهم سوف يموتون جوعا، أو يقتلون من قبل التنظيم الإرهابي الذي بدأ عناصره يفقدون صوابهم نتيجة الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم في العمليات العسكرية".
إلى ذلك، قال المحلل السياسي صباح الشيخ " إن التغير المفاجيء في سلوك عناصر التنظيم الإرهابي تجاه أهالي الفلوجة، والذي تزامن مع اقتراب القوات العراقية ووصولها إلى أسوار الفلوجة، يهدف إلى كسب تأييد السكان للقتال في صفوف التنظيم، بعد أن فقد الكثير من عناصره، أو لكي يضمن هروب عناصره مع المدنيين بعد دخول القوات العراقية".
وذكر الشيخ أن الوضع الإنساني في الفلوجة خطير جدا، فالأهالي وخاصة الفقراء منهم أصبحوا تحت رحمة التنظيم الإرهابي، وهذا التنظيم لايعرف شيء اسمه الرحمة، فقد فرض عليهم الزكاة وإطلاق اللحية واللباس الطويل وعدم استخدام الهواتف النقالة أو تشغيل التلفاز، ومن يخالف يتعرض لأشد أنواع العقوبات.
ودعا الشيخ القوات العراقية إلى التعامل الحسن وفقا للقانون مع أهالي الفلوجة، وتقديم كل أنواع المساعدات الإنسانية لهم كونهم مغلوبين على أمرهم والتنظيم الإرهابي يحكمهم بالحديد والنار.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق أكدت أن الوكالات الإنسانية على الأرض أبدت مخاوفها من أن المدنيين في الفلوجة معرضون للخطر الشديد ونفاد المساعدات المقدمة لهم.
وقالت البعثة إنها تتلقى تقارير مؤلمة عن المدنيين المحاصرين داخل الفلوجة الذين يحاولون الفرار منها إلى بر الأمان ولكنهم لا يتمكنون من ذلك، محذرة من أن المحاصرين وسط الفلوجة، الذين قدر عددهم بـ 50 ألفا، هم الآن الأكثر عرضة للخطر حيث إنهم لم يتمكنوا من الفرار.
يذكر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن فجر الاثنين الماضي انطلاق عملية تحرير الفلوجة التي أسماها "كسر الإرهاب" أسفرت حتى الآن عن تحرير بلدة الكرمة شرق الفلوجة وأكثر من 12 منطقة وقرية ووصول القوات العراقية إلى مشارف الفلوجة.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس (الخميس) انتهاء قواتها من الصفحة الأولى بعد وصولها إلى الأهداف المرسومة لها، مؤكدة أنها باشرت بتنفيذ الصفحة الثانية، ووصلت إلى مشارف مدينة الفلوجة.
ويرى المراقبون أن تحرير الفلوجة وتعامل الحكومة مع أهلها يمثل اختبارا مهما يتحدد في ضوءه ليس مصير الفلوجة وبعدها الموصل فقط بل مصير العراق كبلد موحد قادر على استيعاب أبنائه من مختلف طوائفهم وأعراقهم، خصوصا بعد صدور بعض التصريحات الطائفية ضد الفلوجة وأهلها، التي سارع العبادي إلى الرد عليها وبقوة، معلنا أن مهمة قواته هو إنقاذ أهالي الفلوجة وتحريرهم من الإرهابيين.
وكان المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، قد دعا القوات الحكومية إلى حماية المدنيين المحاصرين في الفلوجة، الأمر الذي فسره المراقبون بأنه تأكيد للمخاوف الحقيقية من تأجيج الطائفية إذا ما أوقعت الميليشيات الشيعية خسائر بالمدنيين في الفلوجة، تحت ذريعة ملاحقة عناصر التنظيم الإرهابي في المدينة.