وقع الرئيس الصيني شي جين بينغ والعاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 11 مايو الجاري بقصر الشعب ببكين، الإعلان المشترك المتعلق بإرساء شراكة إستراتيجية بين البلدين، كما تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون التي تهم مختلف المجالات، منها اتفاقية تبسيط إجراءات إصدار التأشيرة بالنسبة الى المواطنين الصينيين الراغبين في زيارة المملكة، التي تعتبر خبرا سارا للمواطين الصينيين وصورة حية عن تقدم العلاقات الصينية ـ العربية.
ويعد منتدى التعاون الصيني ـ العربي خيارا مشتركا ينعكس الإرادة الاستراتيجية للجانبين، وأصبح نموذجا للفوز المشترك وعلامة تجارية مهمة للاشادة بنمو التبادل بين الطرفين. ونشرت وسائل الاعلام الرئيسية في قطر ومصر والبحرين وغيرها من الدول العربية في الايام الاخيرة مقالات تحليلية وتعليقات حول النتائج العملية المتوقعة من الااجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي عقد في العاصمة القطرية الدوحة.
كما لقيت مبادرة بناء "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ استجابة الدول العربية في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي الذي عقد في بكين قبل عامين. واقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القاء خطابه بمقر جامعة الدول العربية في يناير هذا العام اغتنام الخمس سنوات المقبلة لدفع البناء المشترك للحزام والطريق، ما قدم خطة مرسومة وواضحة للتعاون الصيني ـ العربي المتبادل المنفعة.
يوفر بناء "الحزام والطريق" الذي يدعو الى التناغم والتسامح، فرصا لتعزيز التواصل والتعاون وتدعيم السلام والاستقرار. وفي الوقت الراهن، تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة حاسمة للتنمية والاستقرار، وستواصل الصين مشاركتها البناءة فى شئون المنطقة لإيجاد القاسم المشترك الأكبر لهموم الأطراف المختلفة عبر الحوار، ودعم الدول العربية لاستكشاف مسارها التنموي بما يتماشى مع الظروف الوطنية الخاصة بها، ودعم الدول العربية لاستعادة الحقوق الوطنية المشروعة، بما فيه إقامة دولة فلسطين المستقلة، ومساعدة الدول العربية لتعزيز بناء قدراتها للحفاظ على الاستقرار وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الاوسط. وقد عينت الصين مؤخرا أول مبعوث خاص لها الى سوريا، من أجل المساهمة في ايجاد حلول للقضايا الساخنة في الدول العربية . وعلقت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية على أن استراتيجية الصين في الشرق الاوسط ليست التدخل السياسي أو دعم حزب أو فصيل في منطقة الشرق الاوسط ، ولا تشبه استراتيجية الغرب التي تخلق الصراعات في المنطقة من اجل مصالحها الخاصة، لان ذلك لا يتطابق مع مصالح الصين. كما تحدث رئيس الوزراء الاسبق عصام شرف عن الصين من زاوية أوسع، حيث قال:" نحن نحلم ببناء عالم جديد، تسوده عولمة التسامح والتعايش، عولمة تسعى لتوفير ارضية مشتركة لتحقيق احلام البشرية جمعاء، نحن نتطلع دائما الى الحكمة الصينية."
تعزز مبادرة "الطريق والحزام" الصين والدول العربية تحقيق التحام بين الاستراتيجيات التنموية وتعميق التعاون العملى. حاليا، يشهد نمط تعاون "1+2+3" التي تتخذ مجال الطاقة كمحور رئيسي ، ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق تقدما عظيما. وتمثل الواردات النفطية للصين من الدول العربية 44% من إجمالي وارداتها النفطية، وبلغت قيمة عقود المشاريع الموقعة بين الصين والدول العربية حديثا 64.6 مليار دولار، كما أن هناك سبع دول عربية باتت عضوا مؤسسا في البنك الآسيوي للاستثمار، وانشأت الصين وبعض الدول العربية صندوقي استثمار بمبلغ 20 مليار دولار أمريكي. ويسعى الجانب الصيني مستقبلا لتعزيز نمط جديد من التعاون في مجال "النفط والغاز +"، وتسريع وتيرة الاستثمار ودفع عملية نقل التقنيات والتكنولوجيا الفائقة، تعزيز بناء الحدائق الصناعية، وتجميع المزايا الصناعية والتكنولوجية الصينية ومزايا الموارد الطبيعية والقوى العاملة العربية لاستفادة شعبي الجانبين ، وتحقيق التنمية الصينية والعربية المشتركة.
قبل 2000 سنة، سجلت الأمتان الصينية والعربية علاقات صداقة مبهرة على طريق الحرير القديم. واليوم يتلاقى "الحزام والطريق" فى الدول العربية، ويربطان طرفى قارة آسيا، ويُدخلان التعاون الشامل الأبعاد بين الجانبين الصينى والعربى إلى مرحلة جديدة. ويشكل بناء" الحزام والطريق" منبرا واسعا يساعد على تحقيق النهوض العظيم للأمة الصينية والنهوض بالقومية العربية.