نشرت صحيفة الشعب اليومية الصينية يوم 7 إبريل 2016 مقالا كتبه علاء حيدر رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، وفيما يلي النص الأصلي الكامل:
سعدت كثيرا مثل جميع ابناء الشعب المصري بزيارة الرئيس الصيني شي جين بينج الأخيرة لمصر لأنها تزامنت مع الذكرى الستين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين وجسدت في نفس الوقت صداقة بين أهم حضارتين عرفهما التاريخ فسور الصين العظيم خير شاهد على حضارة شعب الصين العظيم في حين تقف الإهرامات شامخة لتكون خير شاهد على عظمة المصريين. وقد ازداد تفاؤلي بما ستسفر عنه هذه الزيارة التاريخية لمصر لكونها ترتكز على استراتيجية الصين القائمة على تهيئة المناخ العالمي من أجل الدخول في عصر جديد يكسب فيه الجميع و تحقق فيه كل الدول التنمية الاقتصادية المأمولة حتى يعم الأمن والاستقرار ربوع الأرض من أجل الارتقاء بمستوى معيشة الشعوب خاصة شعوب دول العالم الثالث. وتأتي استراتيجية الصين للنهوض بالاقتصاد العالمي في وقت يمارس فيه الإرهاب البغيض.
وإني على قناعة تامة مثل كل المصريين بأنه لا يوجد أفضل من العملاق الصيني ليساعد شعوب العالم المختلفة دون تمييز على النهوض باقتصادياتها لرفع مستوى معيشتها من خلال إقامة مشروعات مشتركة بين الصين ومختلف دول العالم لخلق فرص عمل لمحاربة البطالة خاصة البطالة بين الشباب في دول العالم الثالث بوصفها من أهم الأسباب التي تؤدي لتفشي ظاهرة الإرهاب. أما سبب التقدير الكبير الذي تلقاه الصين في مصر والدول المحبة للسلام فيعود إلى فلسفتها التي تقوم على ربط المصالح الاقتصادية للدول بعضها ببعض. وتعد استراتيجية الصين القائمة على التقارب بين الشعوب و النهوض بمستواها على جميع الأصعدة بمثابة النقيض لاستراتيجية الدول الاستعمارية "فرق تسد" وهي الاستراتيجية التي تم تطويرها في الوقت الحالي بنشر "الفوضى الخلاقة" التي تستهدف إسقاط الدول وتقسيمها إلى دويلات متحاربة على أسس دينية وعرقية وقبائلية وعرقية ومذهبية.
ولن أكون مجاملا عندما أكرر أن الصين هى بالفعل الأجدر من بين الدول العظمى على لعب دور قاطرة النهوض بالإقتصاد العالمي من خلال ربط مصالح الشعوب بعضها ببعض ليعم الأمن والسلام والاستقرار ربوع الأرض. فالصين لم تكن في يوم من الأيام مستعمر بغيض يستنزف ثروات الأمم والشعوب كما أنها الأفضل من بين الدول العظمى لكي تشعر بما تعاني منه شعوب العالم الثالث التي تسعى لتحقيق التنمية والهروب من براثن الفقر. ولذلك لم يكن مستغربا أن يصدر البيان الختامي في نهاية زيارة الرئيس الصيني التاريخية لمصر مؤكدا على العلاقات الاستراتيجية الشاملة بين البلدين لأنه كلما زاد العملاق الصيني تعملقا كلما صب ذلك في مصلحة الأستقرار والسلم العالمي. وفي المقابل فقد أكد البيان دعم الصين لحق الشعب المصري في اختيار النظام السياسي والطريق التنموي الخاص به.
ولحسن الحظ فإن إسترتيجية الصين تأتي في وقت يتبنى فيه الصينيون مشروعا ضخما وهو الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري في القرن الـ21" الذي سيزداد قوة بكل تأكيد في حال تكامل مع مشروع مصري هائل أيضا وهو محور تنمية قناة السويس "بعد أن تم تنفيذ أزدواج القناة في عام واحد فقط في عمل عكس مدى قدرة المصريين على تحقيق الإنجازات العملاقة .
وتسعى مصر من خلال تكامل مشروعها مع طريق الحرير إحداث طفرة هائلة في الإقتصاد المصري خلال سنوات قليلة كونه مشروع يقوم على أساس النهوض بالصناعة والتجارة فضلا عن تحويل هذا الممر الاستراتيجي المائي الدولي إلى مركز لوجيستي وتكنولوجي.
وقد جاءت تصريحات الرئيس الصيني خلال زيارته التاريخية الأخيرة لمصر والتي أكد فيها عزم بلاده في إحداث تكامل بين طريق الحرير و محور تنمية قناة السويس من منطلق أن التاريخ يقول أن مصر كانت أحد المراكز الرئيسية لطريق الحرير نظرا للموقع الاستراتيجي الهام لمصر التي تشرف على ثلاث قارات هي افريقيا وآسيا وأوروبا وهذا يعني أن كل مشروع صيني مصري مشترك يقام على محور قناة السويس يمكن أن يصل بمنتجاته بسرعة وسهولة الى الاسواق الافريقية و العربية والاوروبية.
وقد كان من ثمار زيارة الرئيس الصيني لمصر توقيع ما يقرب من 35 إتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين شملت جميع المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية والإعلامية .
وفي هذا الاطار تستطيع وكالة أنباء الشرق الأوسط أن تساهم في ربط وتكامل طريق الحرير مع محور تنمية قناة السويس من خلال اقتراحها باقامة تجمع معلوماتي وتكنولوجي يضم وكالات الأنباء العربية والمتوسطية والافريقية والاسيوية بالتعاون مع وسائل الاعلام الصينية. ولحسن الحظ أن من يترأس حاليا هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هو الدكتور أحمد درويش أحد أهم خبراء مصر والعالم في مجال تكنولوجيا المعلومات ولذلك فاني على يقين بأن وكالة أنباء الشرق الأوسط بالتعاون مع الدكتور احمد درويش ستقدم مشروعا تكنولوجيا ومعلوماتيا مهما يستغل اهمية طريق الحرير وعبقرية مكان قناة السويس ليربط وكالات الأنباء المختلفة بوسائل كسب وربح تساعد في تقارب الشعوب والنهوض باقتصادياتها.
وأخيرا لا أستطيع أن أنهي مقالي دون التعبير عن تقديري وإعجابي الشديد بالتجربة الصينية فهي تمكنت من خلال الدولة القومية الوطنية أن تجمع تحت لواء هذه الدولة ما يقترب من مليار ونصف صيني يعتنقون أديانا مختلفة ومذاهب مختلفة واعراقا مختلفة لكنهم في نهاية المطاف رغم إختلافاتهم الدينية والمذهبية والعرقية يخضعون للواء الدولة الأم التي ينخرط الجميع تحت لواءها وهذا هو عنوان مقالي القادم.