بكين 19 مارس 2016/ أشار دبلوماسي صيني إلى إمكانات هائلة أمام مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر تتمثل في مشروعي العاصمة الإدارية الجديدة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس واستيراد منتجات زراعية مصرية متميزة، مشجعا المؤسسات الصينية على اغتتام الفرص التي تتيحها هذه الإمكانات لتحقيق تعاون متبادل المنفعة.
وقال رئيس المكتب الاقتصادي والتجاري بالسفارة الصينية لدى القاهرة هان بينغ خلال حوار أجرته معه وسائل الإعلام الصينية مؤخرا إن مصر ستصبح خلال السنوات المقبلة من الدول القلائل في المنطقة التي تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، لافتا إلى أن "هذا هو الأمر الذي يتيح للمؤسسات الصينية فرصا سانحة للمشاركة في البناء الاقتصادي المصري، كما يمثل عصرا ذهبيا نفيسا لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري القائم بين البلدين".
ــــ مزايا مصرية في جذب الاستثمارات الصينية
ورغم الاضطرابات التي شهدتها سوق الصرف المصرية مؤخرا والركود الاقتصادي الذي يعم بلدان العالم منذ زمن، إلا أن المستشار التجاري الصيني يعرب عن تفاؤله إزاء آفاق التبادل الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، مشيرا إلى المزايا التي تتسم بها مصر في نواحي السياسة، والجغرافيا، والترتيبات التجارية مع دول أوروبية وإفريقية، والسوق المحلية الواسعة، والبنية التحتية المتكاملة نسبيا.
فعلى الصعيد السياسي، ذكر هان بينغ أن خارطة الطريق المصرية تكللت بالنجاح بعد اختتام الانتخابات البرلمانية في نهاية العام المنصرم بسلاسة لتواصل مصر الحفاظ على استقرارها الاجتماعي تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو الأمر الذي يسهم في تبديد شكوك المستثمرين الصينيين في الوضع السياسي بمصر ويرسى أساسا وطيدا لمشاركتهم في عملية البناء الاقتصادي المصري.
أما على الصعيد الجغرافي، فقد لفت الدبلوماسي الصيني إلى أن مصر تقع عند نقطة إلتقاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، كما تعد مشجعا ومؤيدا رئيسيا للسوق الإفريقية الموحدة الذي أعلنت قمة التكتلات الاقتصادية الافريقية في شرم الشيخ العام الماضي العزم على إنشائها بحلول عام 2017.
وتابع قائلا إنه إذا أسست مؤسسة صينية قاعدة صناعية وإنتاجية في مصر، فسوف تجد أمامها تسهيلات في تصدير منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط والدول الأفريقية الأخرى.
ومن ناحية الترتيبات التجارية المتميزة، ذكر هان بينغ أن ارتباط مصر باتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوربي وبلدان شرق أوسطية ودول أفريقية يعنى أن الصادرات التي ستنطلق من مصر سوف تتمتع بمزيد من الرسوم الجمركية التفضيلية.
وحول السوق المصرية المحلية، أشار هان بينغ إلى أن مصر البالغ تعداد سكانها تسعين مليون نسمة تعد بمثابة سوق كبيرة في المنطقة، وهو ما يجذب بشدة المستثمرين الصينيين ومن بينهم مجموعة "نيو هوب" التي تحتل المرتبة الـ25 بين المؤسسات الـ500 الصينية الخاصة الكبرى وتعتزم إنشاء خمسة من مصانع الأعلاف في مصر.
ولدى حديثه عن البنية التحتية المصرية المتكاملة نسبيا مقارنة بالدول الأفريقية الأخرى، فأوضح هان بينغ أن مصر تحظى بمزايا خاصة في البنية التحتية تتمثل في شبكات السكك الحديدية والطرق والموانئ المقامة على طول البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، "الأمر الذي سيدعم الاستثمارات الأجنبية بقوة".
ــــ فرص تجارية عديدة في المشروعات الكبرى
وعقب استعراضه المزايا المصرية الخاصة من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية، أكد المستشار التجاري الصيني وجود إمكانات كبيرة لضخ استثمارات الصينية في المشروعات الكبرى التي طرحتها الحكومة المصرية.
وشدد على أهمية مشروع تطوير محور قناة السويس عقب تشغيل قناة السويس الجديدة، موضحا أن متابعة الرئيس السيسي بنفسه للخطوات التنفيذية الخاصة بإنشاء الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يظهر الاهتمام البالغ الذي يوليه الجانب المصري لهذا المشروع الطموح.
ومضى قائلا إن الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره المصري حضرا، خلال زيارة شي لمصر في يناير الماضي، مراسم تدشين المرحلة الثانية لمنطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية-المصرية في السويس، ما مهد أرضية وأساسا طيبين لتدفق الاستثمارات الصينية نحو مصر.
واقترح هان بينغ على المؤسسات الصينية تركيز استثماراتها في بناء الموانئ والأنفاق وشبكة نقل البضائع والزراعة السمكية ومصايد الأسماك، نظرا للمزايا الجغرافية والإدارية التي تتمتع بها منطقة التعاون المذكورة.
أما مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، فأشار هان بينغ إلى أنه مشروع يحمل إمكانات كبيرة فيما يتعلق ببناء البنية التحتية وتوفير فرص العمل، مضيفا أن المجموعة الحكومية الصينية لهندسة البناء وقعت مع وزارة الإسكان المصرية اتفاقيات بشأن بناء مقرات 13 وزارة ومبنى البرلمان في وسط العاصمة الإدارية الجديدة.
لذا أعرب عن أمله في أن تقوم شركات البناء والتعمير الصينية بزيارات ميدانية لاستكشاف الفرص الاستثمارية في مشروعات البني التحتية هناك.
كما نوه المستشار التجاري الصيني إلى خطط استصلاح الأراضي التي تأمل الحكومة المصرية من خلالها في تخفيف مشكلة نقص المحاصيل الزراعية وتنمية المنطقة الريفية،معربا عن ثقته في أن تجد المؤسسات الصينية العاملة في حفر الآبار وامدادات المياه فرصا طيبة في هذه الخطط التي ستشمل أربعة ملايين فدان من الأراضي.
ويرى هان بينغ أن مشروع "المثلث الذهبي" يعد مشروعا هاما تعقد الحكومة المصرية آمالا عليه في التعاون مع المستثمرين الأجانب ويفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمارات الصينية على المدى الطويل، داعيا المهتمين الصينيين بهذا المشروع إلى إجراء دراسات جدوى بكل جدية بشأنه.
ــــ مجالات كامنة للتكامل الاقتصادي الثنائي
ووفقا للإحصاءات الرسمية، وصل حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر إلى 12.9 مليار دولار أمريكي في عام 2015، بزيادة عن 6.8 مليار في عام 2011، وهو ما وصفته وسائل الإعلام الصينية بأنه "زيادة تحققت في مواجهة التيار المعاكس الناجم عن فتور وتراجع التبادلات الاقتصادية العالمية".
ومعلقا على ذلك ذكر سفير الصين لدى مصر سونغ آي قوه مؤخرا أن هذه الإحصاءات تظهر أن التعاون بين الصين ومصر يلبي "الطلبات الثابتة" لتنمية علاقاتهما الثنائية وينبع من التكامل الهيلكي بين البلدين في التنمية والتعاون الخارجي.
وفي هذا السياق قال المستشار التجاري الصيني إن النسبة الكبرى من الصادرات المصرية إلى الصين تتمثل في المنتجات النفطية ومشتقاتها، فيما تحتل صادرات الرخام والجرانيت المركز الثاني في قوائم الصادرات المصرية إلى الصين.
وفيما أشار إلى الدور البارز الذي لعبه بعض المستثمرين الصينيين والشركات الصينية متوسطة الحجم العاملة في صناعة الرخام في فتح السوق الصينية أمام المنتجات المصرية، شجع الشركات المصرية على تقوية قدراتها على توسيع سبل التصدير إلى الصين.
ومن ناحية أخرى،ذكر هان بينغ أن صادرات البرتقال المصري إلى الصين تشكل نقطة مضيئة في إطار أنشطة التبادل التجاري بين البلدين، حيث ازداد حجمها بواقع ثلاثة أضعاف في السنة الماضية، موضحا أن البرتقال المصري يتميز بكثرة العصير والسكر، كما أن موسم حصاد البرتقال مختلف عنه في الصين، لذا تحتاج السوق الصينية إلى مثل هذه المنتجات الزراعية المصرية المتميزة احتياجا شديدا.
وفي الختام، أكد المستشار التجاري الصيني أن ذلك يمثل جانبا من جوانب التكامل الاقتصادي بين البلدين، مطالبا المؤسسات الصينية المعنية بالعمل على استيراد المزيد من الفواكه المصرية في ظل ما يبذل من جهود لتوظيف الأساليب التقنية في هذه العملية مثل استخدام حاويات مبردة خلال عملية الشحن.