بكين 7 مارس 2016 / قال محللون إن الاقتصاد الصيني سيواصل قيادة النمو العالمي ضمن سرعة متوسطة إلى عالية، وذلك مع قيام الحكومة بطرح سلسلة من السياسات لتسهيل الإصلاحات الهيكلية، وتحديدها هدفا يتمثل في تحقيق معدل نمو سنوي وسطي لا يقل عن 6.5 بالمائة حتى عام 2020.
وأعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ عن هذا الهدف يوم السبت عند تقديم تقرير عمل حكومته، قائلا إنه تم تحديد معدل النمو المستهدف لعام 2016 بنسبة ما بين 6.5 إلى 7 بالمائة.
ومع مواجهة مخاطر الهبوط، والأوراق المالية المضطربة، والتصنيع البطيء، فإن الصين تسير ضمن نهج جديد لكبح جماح التباطؤ وإعادة هيكلة الاقتصاد.
وقال لي يوم السبت في الدورة البرلمانية السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، وهو السلطة التشريعية الوطنية في الصين، "إننا يجب أن نعمل بشكل أسرع .. لتطبيق الإصلاح الهيكلي في جانب العرض من أجل تحسين جودة وكفاءة نظام الإمداد، وزيادة تحفيز حيوية السوق والإبداع في المجتمع".
وتشمل السياسات، التي تم التأكيد عليها في التقرير، إجراء المزيد من خفض الروتين، ودعم الابتكار وريادة الأعمال ، وإغلاق المصانع الزائدة عن الحاجة، ودمج الشركات الخاملة المملوكة للدولة.
--إصلاحات لإبقاء النمو الاقتصادي ضمن السرعة المستهدفة
وسوف يقوم "الإصلاح الهيكلي في جانب العرض"، وهو نظرية حظيت بشعبية، قام بطرحها الزعماء السياسيون في الصين في شهر نوفمبر عام 2015، كأحدث علاج للعلل الاقتصادية الناجمة عن النمو المتسارع، إلى جانب مجموعة جديدة من فلسفة التنمية، سوف يقوم بالرد على تباطؤ الاقتصاد.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن إصلاح جانب العرض سيدفع إعادة الهيكلة الاقتصادية عن طريق الحد من العروض غير الفعالة ومنخفضة الجودة، وتعزيز الانتاج عن طريق مضاعفة العروض ذات الجودة المتوسطة إلى العالية.
وقال رن تسه بينغ، كبير المحللين في شركة (قوه تاي جيون آن) للأوراق المالية إنه نظرا لضعف مزايا العمل وتراجع سوق العقارات، فإنه من المرجح أن يشهد الاقتصاد حركة على شكل حرف V ، الأمر الذي يتطلب إجراء إصلاحات على جانب العرض من أجل إعادة ضخ الزخم في النمو.
وقال رئيس مجلس الدولة لي إن الصين سوف تسرع تعزيز محركات جديدة للنمو، والتي ستكون مفتاح الإصلاح الهيكلي في جانب العرض.
ورغم التباطؤ في أرقام بيانات النمو الاقتصادي، فإن الصين ظلت تحرز تقدما مشجعا في التحول الهيكلي، كما أنها تمثل جانبا مضيئا في المشهد الاقتصادي العالمي الحالي.
ووفقا للاقتصادي في مركز المعلومات الوطني، تشو باو ليانغ، فإنه عندما تحرز الحكومة تقدما في مجالات مثل تبسيط الإدارة وتداول السلطة، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والإصلاح المالي والضريبي، ستواصل الصين تحقيق طفرة في بدء الأعمال والابتكار قبل كل شيء، والتحسن في تخصيص الموارد، وتقليل الاعتماد على اقتصاد يقوده الاستثمار.
وقال جيم أونيل، الرئيس السابق لبنك غولدمان ساكس لإدارة الأصول، المعروف بخلق اختصار بريكس، مؤخرا إن اقتصاد الصين يمر بتحول ضروري ومعقد، ويجب ألا تلقي التقلبات الأخيرة بظلالها على التقدم الذي أحرزه.
وأسهم الاستهلاك الصيني بـ66.4 بالمائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2015، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2001. وفي الوقت نفسه، ساهم قطاع الخدمات بـ 50.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك أعلى بـ 10 بالمائة من نسبة الصناعات التحويلية، وفقا للبيانات الصادرة من مكتب الإحصاء الوطني في الصين.
وقد أظهرت هذه البيانات أن التحول الاقتصادي للصين كان على مسار سريع، ومع نمط نمو أكثر عقلانية وقدرة نمو أقوى استدامة، فإن الاقتصاد الصيني سيحقق أرباحا على المدى الطويل للنمو الاقتصادي العالمي.
وعلى الرغم من بيانات الاقتصاد الكلي، فقد أظهر الاقتصاد الصيني قوة وحيوية كبيرة في مجالات الاقتصاد الجزئي مثل سوق الأفلام، والسياحة الخارجية، والتسوق عبر الانترنت، بالإضافة إلى قطاع الخدمات، والذي قامت فيه الأحزمة الاقتصادية المشتركة بتعزيز الترقية التكنولوجية.
ويعد النمو في هذه القطاعات ثمرة التحول الاقتصادي في الصين، والذي وفر في نفس الوقت للمستثمرين الأجانب فرصا جديدة للاستثمار في الصين.
ووفقا لبيانات نشرتها شركة ((بريغين)) الاستشارية المحدودة، ومقرها في لندن، فإنه في عام 2015، قام رأس المال الاستثماري العالمي بإجراء 1555 صفقة استثمارية في شركات تجارية ناشئة في الصين، بقيمة إجمالية بلغت 37 مليار دولار أمريكي، وذلك بزيادة قدرها 147 بالمائة عن العام الفائت.
إلى جانب ذلك، فإن البيئة المواتية للابتكار في الصين والتركيز على نوعية النمو، تشكل تحديا لصناعة الابتكار التكنولوجي التي تقودها الولايات المتحدة، وفقا للشركة.
وقال رئيس مجلس الدولة الصيني لي، خلال لقائه وزير الخزانة الأمريكي جاكوب ليو في بكين، اليوم (الاثنين)، إن الصين ستكون أكثر قوة في تنفيذ سياستها المالية النشطة وستواصل إجراء الإصلاح الهيكلي، خصوصا في جانب العرض، من أجل تعزيز محركات النمو الجديدة وتنشيط التقليدية.
-- الصين ما تزال مساهما كبيرا في الاقتصاد العالمي
وسجلت الصين في العام الفائت معدل النمو قدره 6.9 بالمائة، محققة هدف الوصول إلى "حوالي 7 بالمائة". وما يزال المعدل، رغم أنه الأدنى للصين منذ 25 عاما، ما يزال متميزا مع استمرار بقاء الاقتصاد العالمي القاتم في وضع "الأداء المتوسط الجديد".
وما يزال ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بثروة هائلة تقدر قيمتها بأكثر من 10 تريليون دولار أمريكي، ما يزال يقدم مساهمات مؤثرة في النمو الاقتصادي العالمي على الرغم من تباطؤ أدائه في الناتج المحلي الإجمالي.
وقال ياو جينغ يوان، الباحث في مكتب المستشارين التابع لمجلس الدولة الصيني، إن مساهمة الصين تمثل 25 بالمائة من النمو الاقتصادي العالمي ضمن معدلها الحالي للنمو.
فضلا عن ذلك، فإن الاقتصاد الصيني نما بقيمة 645 مليار دولار خلال السنة الفائتة، مسجلا حوالي ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد اليوناني، في حال حسابه وفقا لمتوسط سعر الصرف لعام 2015، وفقا لـ((بلومبيرغ نيوز)).
وعلاوة على ذلك، فإن التحول الاقتصادي الصيني، الذي يقوم بدور قوة دافعة للاقتصاد العالمي، يعود بالفوائد على العالم، حيث أن القدرة الشرائية الكبيرة للمستهلكين الصينيين، على سبيل المثال، تنشط العديد من الاقتصادات.
ودفع السياح الصينيون 1.2 تريليون يوان (حوالي 1844 مليار دولار) في خارج البلاد باستخدام بطاقات الائتمان الخاصة بهم خلال السنة الفائتة، وسافر حوالي 6 ملايين صيني إلى خارج البلاد خلال عطلة عيد الربيع التي استمرت لأسبوع كامل في فبراير.
وقال الاقتصادي الأمريكي جوسيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في شهر يناير الماضي خلال منتدى الاقتصاد العالمي الذي عقد في دافوس بسويسرا، إن الصين مثلت محركا للاقتصاد العالمي في السنوات الـ15 الماضية، وخاصة خلال السنوات الـ7 الأخيرة.
وأبدت صحيفة ((أر بي سي)) اليومية الروسية تفاؤلا بشأن النمو الاقتصادي الصيني، حيث ذكرت أن النمو الصيني سيشكل على الأقل ثلث النمو الإجمالي العالمي خلال عامي 2016 و2017، نقلا عن توقعات لمحللين.