ريف دمشق 24 فبراير 2016 / اعلن مصدر عسكري سوري رفيع المستوى اليوم (الاربعاء) ان مدينة داريا بريف دمشق "غير مشمولة" باتفاق وقف اطلاق نار المرتقب دخوله حيز التنفيذ السبت لتواجد مقاتلين ينتمون لجبهة النصرة بها.
وقال المصدر، وهو برتبة عميد ركن في تصريحات لصحفيين، بينهم مراسلو وكالة انباء ((شينخوا)) إن "قيادة الجيش السوري ملتزمة بالقرار الذي صدر عن الحكومة السورية بقبولها اتفاق وقف العمليات القتالية الذي لا يشمل تنظيمي جبهة النصرة وداعش" المسمى المختصر والشهير لتنظيم الدولة الاسلامية.
وتابع "ان المسلحين الموجودين في داريا ينتمون لجبهة النصرة، لذلك فهي غير مشمولة بوقف العمليات القتالية".
وكان المصدر يتحدث للصحفيين في موقع جديد سيطر عليه الجيش السوري اليوم في جنوب مدينة داريا "بعرض كيلومترين وعمق 800 الى الف متر"، حسب ما قال، وعلى بعد 400 متر تقريبا عن خط التماس مع مقاتلي جبهة النصرة.
وبهذه المساحة الجديدة بات الجيش السوري يسيطر على ثلثي مساحة داريا القريبة من العاصمة دمشق، فيما لازال الثلث الاخير بيد المسلحين، حسب المصدر.
كما يتيح هذا التقدم للجيش السوري ابعاد خطر المسلحين عن بلدتي اشرفية صحنايا وصحنايا بريف دمشق اللتين تبعدان عن داريا بمسافة تتراوح بين 2 الى ثلاثة كيلومترات.
وبلدتا صحنايا واشرفية صحنايا يقطنهما غالبية من الطائفة الدرزية الموالية للحكومة السورية، وتتعرضان باستمرار لقصف من المسلحين.
وقال ضابط سوري برتبة مقدم شارك في العمليات القتالية بداريا ل(شينخوا) إنه "تم وضع خطة محكمة من قبل قيادة الجيش السوري بهدف توسيع مساحة الامان حول بلدتي اشرفية صحنايا وصحنايا، وتم الهجوم بتغطية نارية كثيفة، ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري والمسلحين تم خلالها التقدم مسافة 800 متر بعمق جبهة مدينة داريا وبعرض كيلومترين".
وتابع انه "تم تدمير الخنادق والانفاق والتحصينات التي صنعها المسلحون في تلك المنطقة".
وفي اماكن كان يتمركز بها المقاتلون المعارضون، شوهدت تحصينات كبيرة من سواتر ترابية وانفاق تحت الارض تمتد لعشرات الامتار، بجانب فتحات بالجدران تساعد في التنقل من مكان لآخر، وخنادق مكشوفة بين الابنية التي كانوا يتحصنون بها، حسب مراسل (شينخوا).
ويؤشر حجم الدمار الذي لحق بالابنية على حدة الاشتباكات التي دارت.
وعلى الجدران كتبت عبارات ذيلت بتوقيعات الفصائل المقاتلة في داريا، منها "داريا حرة ... لواء الإسلام"، واخرى ذيلت بتوقيع جبهة النصرة، بجانب شعارات مناوئة للنظام وعلم الثورة ذو النجمات الثلاث.
ولم يقدم المصدر العسكري السوري احصاء دقيقا حول عدد المسلحين في داريا، قائلا "ليس لدينا ارقام دقيقة عن المسلحين المتواجدين داخل داريا".
وتابع "اعدادهم تتراوح بين الف والفين مقاتل".
وتعد داريا من اقدم جبهات القتال المتصلة في سوريا، اذ بدأت العمليات العسكرية فيها منذ اواخر العام 2012 وحتى الآن، حسب المصدر.
وتصدرت داريا واجهة الاحداث في سوريا في بدايتها في مارس 2011، اذ خرجت العديد من المظاهرات المناوئة للنظام، كما زارها السفيران الفرنسي والامريكي لدى سوريا للمشاركة في تأدية واجب العزاء باحد الضحايا الذين سقطوا على يد قوات الامن السوري.
فيما زار الرئيس السوري بشار الأسد هذه المدينة في الأول من اغسطس عام 2013 في عيد الجيش السوري.
وعزا المصدر تأخر الجيش السوري في السيطرة على داريا الى "تمركز المسلحين داخل الابنية المحصنة، والخوف من فقدان عناصر الجيش السوري المدربين، وقربها من العاصمة دمشق وبعض البلدات الآمنة المحيطة بها".
واوضح ان كل هذه الامور "تمنع استخدام الاسلحة الثقيلة فيها (داريا)"، مشيرا الى "ان الجيش يتبع سياسة قضم الارض وفرض الحصار الخانق على المسلحين".
وبجانب هذه السياسة العسكرية المتبعة في السيطرة على داريا، كان الطيران الحربي السوري يقصف بالقنابل مواقع يسيطر عليها المسلحون، حسب المراسل.
ولاحظ المراسل تصاعد سحب من الدخان الاسود تارة، وسحب من الغبار تارة اخرى يعقبها رشقات من الرصاص المتواصل لعدة دقائق.
وروى سكان محليون مقيمون في بلدة اشرفية صحنايا ل(شينخوا) ان اصوات المدفعية والطائرات في داريا كانت كثيفة لدرجة انهم حرموا من النوم بسبب حدة الاشتباكات التي دامت لساعات اليوم.
وقال احد الجنود المشاركين في العملية العسكرية في داريا إنه "لا يوجد في داريا سوى المسلحون وعوائلهم، لا وجود لمدنيين آخرين بداخل" المدينة التي يوجد بها مرقد "الست سكينة" بنت الامام علي، وهو مرقد شيعي ومزار سياحي هام لدى الشيعة.
وكان الجيش السوري قد سيطر قبل اسابيع على المنطقة الفاصلة بين مدينة داريا ومعضمية الشام في جنوب دمشق بهدف تأمين مطار المزة العسكري، الذي هدد المسلحون بالاستيلاء عليه والدخول من خلاله الى مدينة دمشق من الجهة الغربية.
واعلنت الولايات المتحدة وروسيا الاثنين عن خطة لوقف العداءات في سوريا تدخل حيز التنفيذ السبت، ووصفتها الأمم المتحدة بأنها" بارقة أمل" لوضع حد للنزاع المستمر منذ حوالي خمسة أعوام.