بقلم/ الدكتور شيه يونغ ليانغ، أكاديمية العلوم العسكرية
وفقا لما ذكرته وسائل الاعلام، اتفقت كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة على بدء مفاوضات رسمية حول نشر امريكا لنظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية. كما تخطط قوات مشاة البحرية الامريكية المشاركة في مناورات عسكرية مشتركة في كوريا الجنوبية الشهر القادم، ولدى البلدين على حد سواء ميل تكثيف العمل العسكري ضد كوريا الشمالية. وتعتبر المناورات العسكرية المشتركة التي تخطط اجرائها الولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية ونشر لنظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية عمليات اكبر بكثير من عملية احتواء كوريا الشمالية.
دخول نظام (ثاد) الصاروخي الى كوريا الجنوبية هو الاول من نوعه لنظام (ثاد) الكامل خارج الولايات المتحدة، مما يجلب تحديات كبيرة للتوازن الاستراتيجي الاقليمي والامن الاستراتيجي الصيني. ونظام (ثاد) هو جزء مهم من برنامج الدفاع الصاروخي الامريكي وهو منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض-جو، ويعمل نظام (ثاد) في منطقة دفاع حيث يمكنه اعتراض الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى داخل وخارج الغلاف الجوي، وتصل الفعالية التشغيلية لـ (ثاد) الى ما بين 40 الى 150 كيلومترا. وبعد أن تم تجهيز نظام (ثاد) برادار "أكس – باند"، سيصل نطاق التغطية الى 2000 كيلومتر، وقد يصل حتى المناطق النائية في اسيا، وذلك لا يضر بالمصالح الأمنية الإستراتيجية للصين فحسب، بل بكل الدول الأخرى في آسيا أيضا.
يعتبر استخدام امريكا لنظام (ثاد) الصاروخي في تعاملها مع كوريا الشمالية مبالغ للغاية. حيث أن كوريا الشمالية ليس لديها بيئة واهداف كبيرة يمكن الكشف عليها، وليس لديها مجموعة واسعة تستحق التغطية، لكن ما هو واضح للناس جميعا هو أن هناك دوافع خفية خلف نشر الولايات المتحدة لنظام (ثاد) الصاروخي في شبه الجزيرة الكورية، وأن حجة تصدي لتهديد الصواريخ البالستية الكورية الشمالية ما هو الا عذر، وانما الغرض الاساسي هو احتواء الصين، وردع روسيا، وحماية الهيمنة الامريكية في منطقة أسيا والمحيط الهادئ.
بعد نشر نظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية، ستملك القوات الامريكية شبكة مزدوجة مضادة للصواريخ ارض ـ بحر المتكونة من صواريخ "باتريوت 3" وسفينة " ايجيس " و" ثاد"، وتحقيق الحلم الامريكي في شمال شرق أسيا والقدرة على اهتراض العديد من الاهداف في منطقة اسيا والمحيط الهادئ. نظريا، القدرة على اعتراض اي رؤوس حربية يعادل رخصة تقدم للولايات المتحدة لشن ضرباتها العسكرية دون الخوف من الانتقام، مما يؤدي الى خلل التوازن الاستراتيجي الامني في شرق آسيا، وترسيخ مكانة الهيمنة الامريكية. وبالرغم من أن الولايات المتحدة تتحدث عن ان نظام (ثاد) الصاروخي هو نظام دفاعي، ولكن لا شك ان لديه قدرات هجومية قوية. وبعد نشر نظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية ، من المرجح أن تكون الخطوة التالية ربط نظام (ثاد) مع نظام الدفاع الصاروخي الياباني، وبحكم الامر الواقع ، تصبح امريكا وكوريا الجنوبية واليابان " ناتو مصغر" ، مما يهدد التوازن الاقليمي القائم.
لقد كان هناك دائما توازن بين الهجوم والدفاع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ونشر امريكا لنظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية قد يهدد الوضع الامني الصيني وكذلك يشكل اثار امنية خطيرة لروسيا، ويخلل بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة باسرها. وبالتالي سيجعل القدرات الهجومية والدفاعية والاستراتيجية الاقليمية في حالة عدم التوازن، ما يؤدي الى جولة جديدة من سباق التسلح، الذي يكون له تاثير مدمر على الاستقرار الاستراتيجي والامن الدولي.
إن نشر نظام (ثاد) الصاروخي حساس للغاية، لذلك هناك اصوات داخلية تعارض نشر نظام (ثاد) الصاروخي في كوريا الجنوبية. وقد يؤدي نشر نظام (ثاد) الى توتر الوضع من جديد في شمال شرق اسيا، ويكون له تاثير خطير على صورة كوريا الجنوبية الدولية وغيرها من الآثار الجانبية الاخرى التي من الصعب ان تتقبلها كوريا الجنوبية، ولعل نشر نظام (ثاد) الصاروخي ليس في نية كوريا الجنوبية ، وانما مجرد نتيجة للعبة المصالح الامريكية.